صحة

خذي نفساً عميقاً… بين العقم والحمل حقنة واحدة!

إذا كان الجحيم في أن تحيا وتموت من دون أن تعرف معنى الحب، فإن الجنة في أن يسمع زوجان، حبيبان، لطمات جنين يخفق وآهات طفل، ملاك، يحلم… لكن ماذا لو لم يقترن الحب، حب الزوجين، بمولود؟ ماذا لو قيل لإمرأة ورجل: أنتما عاقران؟ صحيح أن الطب يتطور لكن ما هي حدود هذا التطور؟ ماذا عن العلاجات الجديدة؟ ماذا في جديد التلقيح والتخصيب وأطفال الأنابيب؟ وماذا عن القلق الهائل الذي قد يجتاح إمرأة  تُعالج؟ البروفسور بول ديفروي، مدير التعليم الطبي في الإتحاد الدولي لجمعيات الخصوبة، زار لبنان وفي زاده أمل جديد…

وقف البروفسور بول ديفروي وهو يشرح، مشى قليلا، إلتفت يميناً ويساراً، ثم عاد وجلس قبل أن يعود ويقف ثم يمشي… لا يهدأ هذا الرجل منذ أقسم يمين امتهان الطب رسالة. وشعره الأبيض يشير الى خبرة عمر تراكمت في رصيده. هادىء جداً يبدو لكنه صاخب من الداخل، ثائر، ولا يقبل الإستسلام أمام كلمة: عقم!

إرتفاع معدلات العقم
ناقش ديفروي، خلال زيارة قام بها الى لبنان بدعوة من «أم أس دي»، إرتفاع معدلات العقم والحلول المطروحة والعلاجات الجديدة المحفزة للمبيض. فماذا في حالات العقم؟
استناداً الى دراسة أنجزتها منظمة الصحة العالمية، لم تتغير معدلات العقم العالمية خلال عشرين عاما، بين 1990 و2010، وتبلغ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2،6 في المئة بين الأزواج الذين يرغبون في إنجاب طفل. وهناك دراسة أخرى حديثة، تشمل كل العالم، وتشير الى أن عشرة في المئة من سكان الكرة الأرضية يعانون من مشكلات في الإنجاب، بمعدل زيجة واحدة من كل ست زيجات!
ماذا عن علاج العقم؟
أول ما قد يتبادر الى الذهن هو: التخصيب. هذا صحيح، لكن ماذا قد يفعل هذا التخصيب في المرأة؟ يجيب البروفسور ديفروي: أدت علاجات العقم، من غير قصد طبعاً، الى تجاهل ردود الفعل ال
طبيعية العاطفية للمرأة المعالجة والتي قد تتسبب لها بقلق هائل وكآبة وردات فعل إجتماعية ونفسية وحتى شخصية قد لا تخطر في بال، لهذا كان لا بدّ من البحث عن حلول، عن علاجات أكثر فعالية وأقل «قهراً»… فماذا في حقيبة البروفسور العالمي من حلول؟ يجيب: طالما كانت تضطر المرأة التي تعاني من مشاكل الى الخضوع الى كمِّ من وخزات الإبر في كل مرة تحلم فيها في احتضان جنين في أحشائها، ما يفيض في كوامنها كثيراً من القلق، وكلنا يعلم تأثير القلق السلبي في النتيجة العامة! لهذا كان لا بد من البحث الجدي العلمي عن علاجات أسهل، بإبرٍ أقل، وبوجعٍ أخف، وبقلق طبعاً أقل، ما قد يرتدّ إيجاباً على النتيجة العامة، وهذا طبعاً ما تحقق، حيث أصبح بإمكان المرأة أن تسأل عن التخصيب الأسهل، بحقنٍ أقل بنسبة سبعين في المئة عن تلك التي كانت تستخدم في ما مضى مع التحضيرات التي تسبق عادة عملية إخصاب البويضة بالحيوان المنوي في أنابيب الإختبار، إذ باتت تكفي حقنة واحدة يومياً مدة سبعة أيام عوض حقنة واحدة كل يوم مدة سبعة أيام.

العلاج الجديد حقنة واحدة كل سبعة أيام
بدل سبع حقن في سبعة أيام


ممتاز. شكراً للعلم. لكن ماذا عن المشاكل التي قد تتسبب عادة بالعقم؟
تحتاج عملية الإنجاب طبعاً الى إمرأة ورجل، والمشكلة قد تكون في المرأة أو في الرجل، وغالباً ما تكون مشكلة المرأة في الأنابيب المقفلة التي تمنع البويضة من الخروج من المبيض، أما مشكلة الرجال الأكثر شيوعاً فتكون في انخفاض عدد الحيوانات المنوية لديهم أو في سوء نوعية هذه الحيوانات في السائل المنوي. ويشرح البروفسور: تكون نوعية البويضة عند المرأة في أفضل حال في سن الثامنة عشرة وتبدأ بعدها بالتراجع التدريجي لتُصبح في أسوأ حال مع دنوها من عمر الأربعين. والعلاج، أي علاج، يكون مجدياً عادة قبل سن الأربعين حيث ينشط العلم من أجل ابتكار العلاجات التي من شأنها حث المرأة على الإباضة بأقل ألم نفسي وجسدي، وهذا ما يمكن تأمينه بالعلاج الجديد،
باستخدام حقنة واحدة كل سبعة أيام بدل سبع حقن في سبعة أيام.
العلاج الجديد إذاً ليس عجائبياً من حيث جعل المرأة التي خسرت بويضاتها بفعل التقدم في العمر تحمل، إنما فعاليته في التخفيف من حدة الإجهاد الذي طالما كان يتسبب به العلاج التقليدي، وكلنا يعلم، نكرر، أن التخفيف من حجم الإجهاد يرتد دائماً على طبيعة النتائج التي قد تنجح أكثر.
المرأة الأكبر التي تأكد حملها وأنجبت، لمن يهمه أو يهمها الأمر طبعاً، كانت في افريقيا بعمر 63 عاماً، لكن هذا لا يعني طبعاً أن تنتظر المرأة حتى الستين لتفكر في الإنجاب، فالعمر الأنسب هو قبل سن الخامسة والثلاثين، أما بعد هذا السنّ فتقل الحظوظ الطبيعية وتكثر عوامل الخلل ويُصبح لا بد، في أحيان كثيرة، من التدخل الطبي الجذري. في كل حال، ثمة خطأ شائع مفاده أن الرجل يظل قادراً على الإنجاب، طبيعياً، كل حياته، وهذا طبعاً غير صحيح لأن بذرة الرجل أيضاً تضعف وتُصبح بحاجة الى تدخل طبي.

العلاج الافضل قبل التاسعة والثلاثين
البروفسور ديفروي يرى أن النتائج الأفضل للعلاج، لأي علاج، تكون عند المرأة قبل سن التاسعة والثلاثين… وماذا عن الأسماء اللامعة «الستارز» اللواتي يحملن في سن الخمسين مثلا؟ يبتسم البروفسور العالمي ويكتفي بإجابة من كلمتين: إسألوا عن مصدر البويضة؟
ما دام كلام البروفسور يدفعنا الى السؤال عن مصدر البويضة سنسأل: ماذا عن تجميد البويضات؟
في حال توفر فائض من الأجنة بعد عملية التخصيب يمكن تجميدها الى دورات مقبلة، واستخدامها ربما بعد سنوات كثيرة، وهذه التقنية قد تعتمد
أيضاً لدى النساء اللواتي يصبن بالسرطان في عمر مبكر قبيل خضوعهن للأدوية الكيميائية والأشعة، فيستخدمن هذه البويضات بعد انتهاء العلاج في الرحم الذي لا يتأثر.
نسمع كثيراً عن طفل الأنبوب فمتى، وفي أي حالات، يحسم الطبيب قراره ويقول: لا مجال للإنجاب إلا عبر تقنية طفل الأنبوب؟
تحدث الإباضة عادة في منتصف الدورة الشهرية فتتحرر البويضة وتدخل قناة فالوب، وإثر حدوث الجماع تصعد الحيوانات المنوية الى الرحم ثم الى قناة فالوب فيُلقح الحيوان المنوي البويضة في القناة فتبدأ بالإنقسام والتقدم من القناة باتجاه الرحم، وينزل الجنين بعد أربعة أو خمسة أيام الى الرحم ويبقى فيه مدة 36 ساعة ثم يبدأ بالتعشيش وإفراز هورمون الحمل. هذا طبعاً في الحالات العادية أما في حالات العقم التي قد يتسبب بها إنسداد قنوات فالوب أو تلفها وفي الحالات التي لا تكون فيها الحيوانات المنوية سليمة، من حيث العدد أو التركيبة أو الشكل، أو في حالات العقم المجهولة السبب وتُرد الى الاضطرابات الهورمونية التي تتسبب بها البدانة أو تكيّس المبيضين، فيجوز أن يكون طفل الأنبوب حلاً…

عشرة في المئة من سكان الكرة الأرضية
يعانون من مشكلات في الإنجاب، بمعدل زيجة واحدة
من كل ست زيجات!

 

هل تكفي حقنة واحدة، من العلاج الجديد، لتحفيز الإباضة؟
البروفسور ديفروي يقول أن نسبة خمسين في المئة من النساء اللواتي يتمتعنّ بدورة شهرية منتظمة قد يحملن من الحقنة الأولى، لكن قد تحتاج نساء أخريات الى حقنة ثانية، وقد يصف الطبيب الى المرأة دواء بروتينياً يساعد على تحقيق تفاعلات داخل الخلية ويحد من التحفيز المفرط.
وماذا لو فشل العلاج؟ هل معنى هذا أن تستسلم المرأة؟ وكم عليها أن تنتظر لتكرر التجربة؟
يُفضل ديفروي أن تنتظر المرأة مرور ثلاث دورات شهرية قبل أن تكرر العلاج، لا لشيء إلا لأنها تكون تحت تأثير توترات نفسية قصوى.
بهم تكتمل الحياة وبضحكاتهم يكتمل الفرح وفي عيونهم ترون عمركم، كل عمركم، الماضي والحاضر والمستقبل. والتمني، من ديفروي، بألا تحرمهم السماء من بيت أحد…

نوال نصر
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق