أبرز الأخبار

سوريا: المعارضة تمطر العاصمة بالصواريخ والازمة في مرحلة «عض الاصابع»

يعتقد محللون ان الازمة السورية دخلت مرحلة «عض الاصابع»، في ظل موقف دولي غير حاسم في اي اتجاه، وعجز كل فريق عن حسم الموقف لصالحه. وتقويم شبه نهائي بان النظام يحاول الاستفادة من التفاصيل كافة، ويعمل على تجيير الموقف لصالحه. الا ان طرفي المعادلة يدركان حقيقة صعوبة حسم الموقف في اي اتجاه، ويتوقفان عند حقيقة تتمثل بان اصابع كل طرف بين فكي الطرف الاخر، وان الكرة ستكون في ملعب من يصرخ أولاً.

الموقف بصورته الراهنة يتشكل من لوحات عدة، ابرزها دخول مواجهات القلمون مرحلة «التمشيط»، ولكن بصعوبة بالغة، وبضحايا بشرية كبيرة. وتعرض العاصمة دمشق الى رشقات صاروحية انتقاماً للخسائر التي تقع في مواجهات القلمون وفي العديد من المواقع. وبين هذه وتلك ثمة خطوة كان المتابعون يرونها بعيدة، الا ان النظام يصر عليها ويراها ضرورة لتسجيل نصر يتجاوز الاطار السياسي الى مجالات اكثر عمقاً في مسار الازمة المتصاعدة. حيث اكد النظام السوري ان الانتخابات الرئاسية ستجري في شهر حزيران (يونيو) المقبل. وان عملية الترشح لمنصب رئيس الجمهورية ستبدأ في العشرة الاواخر من شهر نيسان (ابريل) الجاري اي خلال ايام. وهي الخطوة التي اثارت حفيظة العالم، وحددت مسار الازمة باتجاه اعتقاد عام بان النظام باق الى فترة ليست قصيرة. وان المواجهات ستشهد تصعيداً بارزاً بهدف تعطيل الاجراءات التي يتمسك بها النظام املاً بتسجيل انتصارات على الارض.

السيطرة على رنكوس
ميدانياً، سيطرت القوات النظامية السورية على بلدة رنكوس في منطقة القلمون شمال دمشق بعد اشتباكات عنيفة متواصلة مع مقاتلي المعارضة استمرت اياماً عدة.
ونقل التلفزيون الرسمي السوري، عن مصدر عسكري ان «وحدات من الجيش والقوات المسلحة انجزت الان عملياتها في بلدة رنكوس واعادت الامن والاستقرار اليها بعد ان قضت على اعداد كبيرة ممن اسمتهم «الارهابيين». في اشارة الى الثوار الذين كانوا يسيطرون على تلك المنطقة».
وكان التلفزيون ذكر في وقت سابق ان القوات النظامية «تواصل تقدمها في مدينة رنكوس بريف دمشق وتلاح
ق فلول «العصابات الارهابية» في اطراف الحي الشمالي والمزارع المحيطة»، مشيراً الى ان القوات النظامية «تقضي على اعداد كبيرة من الارهابيين».
واكد المرصد السوري لحقوق الانسان من جهته ان القوات النظامية دخلت بعض اجزاء البلدة، مشيراً الى ان المعارك مستمرة في الداخل.
وكان المرصد افاد مع ذلك، ان «اشتباكات عنيفة تدور بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة وكتائب مقاتلة عدة من جهة اخرى في محيط رنكوس في محاولة من القوات النظامية للسيطرة على البلدة. كما قصفت القوات النظامية مناطق في البلدة». وبالتزامن، ذكر ناشطون ان القصف على البلدة كان عنيفاً جداً.
وبدأت القوات النظامية الثلاثاء الفائت، هجومها على رنكوس التي تعتبر من آخر المناطق التي لا يزال مقاتلو المعارضة يتواجدون فيها في القلمون الى جانب مناطق جبلية محاذية للحدود اللبنانية، وبعض القرى الصغيرة المحيطة برنكوس مثل تلفيتا وحوش عرب وعسال الورد ومعلولا.
وسبق ذلك ان القوات النظامية سيطرت على بلدة يبرود، آخر اكبر معاقل مجموعات المعارضة المسلحة في القلمون.
واشار المرصد الى ان مناطق اخرى في ريف دمشق، لا سيما في الغوطة الشرقية تتعرض لقصف من قوات النظام. ويقول المرصد ان حزب الله اللبناني يقود العمليات العسكرية من جانب قوات النظام في منطقة القلمون، وان الحزب مدعوم من مسلحين موالين للنظام سوريين وغير سوريين ومن سلاح المشاة السوري ومدفعية الجيش السوري.
وتعتبر منطقة القلمون من المناطق الاستراتيجية لانها تربط بين العاصمة ومحافظة حمص في وسط البلاد. كما ان سيطرة القوات النظامية عليها من شأنها اعاقة تنقلات مقاتلي المعارضة بينها وبين الاراضي اللبنانية.

قصف العاصمة
في الاثناء، كثفت المعارضة السورية قصفها لاحياء في العاصمة السورية رداً على الحملة العسكرية الكبيرة التي يشنها النظام على منطقة المليحة بريف دمشق لليوم السابع على التوالي.
وذكر تقرير ميداني للهيئة العامة للثورة السورية ان الطيران الحربي شن اكثر من خمس غارات على الاحياء السكنية في بلدة المليحة تزامناً مع اشتباكات عنيفة بين الثوار وقوات النظام والميليشيات الموالية لها على محاور البلدة كافة وسط قصف عنيف بشتى انواع الاسلحة استهدف الاحياء السكنية. ورد الثوار باستهداف معاقل النظام والميليشيات المحيطة بالادارة العامة للدفاع الجوي بقذائف الهاون وقصف احياء البرامكة والروضة ومنطقة المعارض القديمة بالقرب من ساحة الامويين وجرمانا التي استهدف الجيش الحر تجمعات لقوات النظام وحزب الله اللبناني والميليشيات فيها بعد ان اعلنها النظام منطقة عسكرية. كما استهدفت المعارضة معاقل النظام على الخطوط الامامية لجبهة جوبر بدمشق.
وتصدى الثوار لمحاولات قوات النظام وميليشيات حزب الله اللبناني اقتحام القلمون من ثلاثة محاور تزامناً مع غارات على مدن عدة في القلمون. وقالت الهيئة ان منطقتي رنكوس وحوش عرب وبخعة تعرضتا لقصف صاروخي من الطيران الحربي حيث شن اكثر من عشر غارات جوية تزامناً مع قصف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ.
وفي حلب استهدف الثوار تجمعات قوات النظام في مدرسة الحكمة قرب حي الراشدين ضمن معركة (الاعتصام بالله) التي تم الاعلان عنها في وقت دخلت فيه الامم المتحدة برفقة الهلال الاحمر السوري الى المناطق المحررة بحلب لتقديم المساعدات بعد وقف اطلاق نار بين الثوار من جهة وقوات النظام من جهة اخرى عند معبر كراج الحجز في حي بستان القصر.

البراميل المتفجرة
واستهدف الطيران الحربي بالصواريخ الفراغية حي الانصاري الشرقي كما طاول قصف صاورخي اماكن عدة في حي الراشدين بالتزامن مع اشتباكات عنيفة تدور في محيط الحي بين الثوار وقوات النظام.
والقى الطيران المروحي براميل متفجرة عدة على منطقة «أرض الملاح» قرب بلدة حريتان بريف حلب الشمالي فيما دارت اشتباكات عنيفة في حي الزهراء غرب حلب عند فرع المخابرات الجوية.
وفي حمص قصفت قوات النظام بالدبابات بلدة الدار الكبيرة في حين تعرضت تلبيسة لقص
ف عنيف بالهاون والمدفعية من قبل قوات النظام المتمركزة في كلية الهندسة.
وفي القنيطرة قتل خمسة مقاتلين من الجيش الحر في اشتباكات مع قوات النظام وميليشيا حزب الله خلال عملية تحرير التلال الحمر. وردت قوات الاسد على تقدم الثوار في القنيطرة بالقاء برميل متفجر على بلدة الناصرية.
وفي درعا قصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة بلدة اليادودة في حين تعرضت بلدة النعيمة لقصف صاروخي بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ.
وفي ادلب شمال غرب سوريا اندلعت اشتباكات عنيفة عند معسكر الخزانات وبقية حواجز قوات النظام بمحيط مدينة خان شيحون بريف ادلب الجنوبي بين الجيش الحر وقوات النظام تزامناً مع قصف عنيف من الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة استهدف مناطق الاشتباك. واستهدف الثوار في خان شيخون تجمع حواجز الخزانات بعربة مفخخة ومسيرة عن بعد تمهيدا لاقتحامه.
يشار الى ان تجمع الخزانات هو ثالث اقوى نقطة عسكرية للنظام بإدلب والاقوى في مدينة خان شيخون خصوصاً بعدما انسحبت اليه اعداد من قوات النظام اثر سيطرة الثوار على حواجز شمال وغرب المدينة خلال معركة «خان شيخون بوابة حماه» ومن ثم «معركة صدى الانفال» خلال الشهرين الماضيين. وفي حماة وسط البلاد القى الطيران المروحي براميل متفجرة عدة على احياء مدينة كفر زيتا في حين شنت حملة دهم واعتقالات في قرية العشارنة بالريف الغربي. وفي الرقة قصفت مدفعية النظام من مطار الطبقة العسكري اطراف مدينة الطبقة فيما تعرضت بلدة كسب في اللاذقية لقصف عنيف من قبل قوات النظام.

انتخابات المعارضة
في تلك الاثناء، حاول الائتلاف الوطني السوري المعارض تجاوز بعض خلافاته الداخلية من خلال اجراء انتخابات هدفها تجديد تشكيل الهيئة السياسية المكلفة بادارة شؤون المعارضة سياسياً خلال المرحلة المقبلة، والتي يعتقد انها تشهد تطورات مثيرة وخطيرة. واختتم الائتلاف اجتماعات هيئته العامة يوم الاثنين الفائت بمناقشة الأوضاع داخل سوريا اضافة الى ملف اللاجئين السوريين.
وانتهي من فرز انتخابات هيئته السياسية بعد يوم عاصف، حيث فاز في الانتخابات اضافة الى أحمد الجربا الذي احتفظ بموقع الرئيس، كل من الدكتور بدر جاموس الأمين العام ونواب الرئيس الثلاثة فاروق طيفور وعبد الحكيم بشار ونورا الأمير الذين يشاركون في الهيئة السياسية بصفتهم هيئة رئاسية. ونجح 19 عضواً في الوصول الى الهيئة السياسية وفشل 3 أعضاء وحافظ على مقعده في الهيئة السياسية عبر الانتخابات الجديدة، هادي البحرة، أنس العبدة، الدكتور نذير الحكيم، أحمد رمضان، عبد الأحد اصطيفو. ودخل الى صفوفها من جديد،  جمال الورد ، خالد الناصر، يحيى مكتبي، رياض حسن ، نصر حريري، محمد خير الوزير، صلاح درويش، محمد خير بنكو، حسان هاشمي، أنور بدر، الدكتور أحمد جقل، زياد حسن، عالية منصور لتكون السيدة الوحيدة في صفوفها فيما لم يحصل فايز سارة وريما فليحان ووليد العمري على الأصوات المطلوبة وخرج من الهيئة السياسية للائتلاف ميشيل كيلو، وموفق نيربية، وأكرم العساف، ومنذر ماخوس، والدكتور كمال اللبواني ولؤي صافي وعبد الباسط سيدا والمحامية منى مصطفى التي قدمت استقالتها في وقت سابق لأسباب خاصة في نص مؤثر طالبت به بلم الصفوف وتوحيدها وتحدثت عن الائتلاف ومشاكله وكيفية تجاوزها. واعترفت بالفشل في تطوير الاداء.
في تلك الاثناء، أكد وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، أسعد مصطفى، امتلاكه معلومات تفيد بأن النظام السوري ينوي ضرب حي جوبر الدمشقي والمناطق المحيطة به بالسلاح الكيماوي.
وأرسل مصطفى تحذيراً، الى الامم المتحدة واصدقاء سوريا، بان لديه معلومات مؤكدة من أن النظام يخطط لضرب منطقة جوبر بالسلاح الكيماوي. وشدد مصطفى على أن هذه الضربة مخطط لها أن تكون وشيكة. كما نبّه إلى أن جوبر هي منطقة محاذية للعباسيين وهي ذراع يستخدمه الثوار باتجاه العاصمة دمشق.
وكانت المعارضة السورية قد اتهمت، مؤخراً، قوات الأسد بإعادة استخدام السلاح الكيماوي في سوريا. وعرض نشطاء من المكتب الإعلامي لمنطقة جوبر، لقطات لرجل فاقد للوعي، يبدو أنه يرقد على فراش ويعالجه مسعفون.

احياء حزب البعث
الى ذلك بدا واضحاً التركيز الرسمي على حزب البعث من جديد، وذلك بعد غياب طويل عن المشهد، وتسريبات باللجوء الى التعددية كخيار للمرحلة. فقد رأى الرئيس السوري بشار الاسد ان «مشروع الاسلام السياسي سقط»، لافتاً الى وجوب فصل العمل السياسي عن الديني. ونقل التلفزيون السوري عن الاسد خلال استقباله قيادات في حزب البعث لمناسبة ذكرى تأسيس الحزب السابعة والستين، ان «مشروع الاسلام السياسي سقط، ولا يجوز الخلط بين العمل السياسي والعمل الديني». وقال الاسد «حين نكون اقوياء في الداخل فكل ما هو خارجي يبقى خارجياً».
من جهة ثانية، قال الاسد «إن النظام مستمر في عملية المصالحات، وان همه الوحيد هو وقف سفك الدم ووقف تدمير البنى التحتية» مشيراً الى ان دور حزب البعث «في المصالحات الجارية مهم جداً وللحزبي دور قيادي فيها ضمن منطقته».
ويشير الرئيس السوري الى المصالحات المحلية التي تمت في مناطق عدة بين القوات النظامية ومجموعات في المعارضة المسلحة بوساطة من اعيان وشخصيات في المناطق. وقد سجلت خصوصاً في مناطق محاصرة منذ زمن طويل من القوات النظامية وتعاني من نقص فادح من الادوية والمواد الغذائية.
وتقوم هذه المصالحات التي يدفع النظام في اتجاهها على وقف اطلاق النار مقابل ادخال المواد الغذائية ورفع العلم السوري الرسمي على الدوائر العامة في المنطقة، وفي بعض الاماكن تسوية وخروج آمن للمقاتلين في حال تسليم سلاحهم.
الى ذلك، وفي خطوة حافلة بالمضامين السياسية، وجه الرئيس السوري بشار الاسد رسالة الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انه لن يتخلى عن السلطة، ولن يتصرف مثل الرئيس الاوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش.
وفي مؤتمر صحافي في موسكو لدى عودته من دمشق ومقابلته الرئيس الاسد،  صرح رئيس الحكومة السابق سيرغي ستيباشين ان «الرئيس السوري ابلغه: قل لبوتين انني لست يانوكوفيتش ولن ارحل ابداً».
وكان سيرغي ستيباشين توجه الى سوريا الاسبوع الماضي على رأس وفد روسي عالي المستوى لنقل رسالة الى الاسد من نظيره الروسي. وقال ستيباشين «التقيت الرئيس السوري في احد مقار اقامته» من اجل تأكيد «دعم موسكو الدائم له في مكافحته للارهاب» و«لشكره على موقفه من تدمير الاسلحة الكيميائية».

الانتخابات الرئاسية
الى ذلك اعلن وزير الاعلام السوري عمران الزعبي، ان الانتخابات الرئاسية ستجري في موعدها المحدد، خلال شهر حزيران (يونيو) المقبل. وقال الزعبي  ان الترشح للانتخابات الرئاسية في البلاد سيتم في الايام العشرة الاخيرة من نيسان (ابريل) الجاري، مؤكداً ان الانتخابات ستجرى في موعدها في حزيران (يونيو) وفي ظروف افضل من الظروف الحالية.
واكد الزعبي ان ما وصفه بـ «الاستحقاق الدستوري» سيجري في موعده، مضيفاً «لن نسمح لأحد بأن يؤخره أو يؤجله لأي سبب كان أمنياً أو عسكرياً أو سياسياً داخلياً وخارجياً».
واكد ان الدولة السورية تعتبر الانتخابات الرئاسية بمثابة اختبار لخطابها السياسي وإيمانها بالحلول السياسية واحترامها للدستور.
واقر مجلس الشعب السوري مؤخراً البنود المتعلقة بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في حزيران (يونيو) والواردة ضمن مشروع قانون للانتخابات العامة.
وقال الزعبي أن الانتخابات ستجري في جميع المحافظات السورية وفقاً لأعلى معايير الشفافية والحياد والنزاهة لافتاً الى ان العبرة ستكون لعدد الذين سيشاركون وليس للجغرافيا.
ورغم ان البنود التي اقرت تتيح نظرياً وللمرة الاولى منذ عقود اجراء انتخابات تعددية، الا انها تغلق الباب عملياً على ترشح معارضين مقيمين في الخارج اذ تشترط ان يكون المرشح قد اقام في سوريا لمدة متواصلة خلال الاعوام العشرة الماضية.
واكد الزعبي ان تنفيذ هذه الاستحقاقات لا يتعارض مع التوجه إلى الحل السياسي او عملية جنيف أو المصالحات الوطنية في الداخل كما أنها ستعزز صمود السوريين وتماسك الدولة بكل مؤسساتها وقدرتها على القيام بواجباتها الدستورية الوطنية.
ومع ان الرئيس بشار لم يكشف رسمياً عن نيته الترشح، الى انه وجه كما من الرسائل التي تؤشر على قراره بخوض تلك الانتخابات. في حين تتسرب معلومات بان البحث جار عن اختيار احدى الشخصيات لدخول حلبة التنافس «صورياً» املاً بابراز انها جرت ضمن اطار التعددية.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق