رئيسي

اوباما في الرياض: رسالة طمأنة اميركية للحليف السعودي

تترقب أوساط عالمية ما يمكن أن تسفر عنه القمة السعودية – الأميركية التي ستعقد في الرياض يوم الجمعة المقبل، وانعكاساتها على التداعيات الساخنة في الإقليم والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، حيث سيقوم الرئيس اوباما بزيارة الى المملكة وصفت بانها على قدر كبير من الاهمية. وان اجندتها تتضمن كما كبيرا من الملفات الساخنة ليس على مستوى المنطقة فحسب، وانما على مستوى العالم كله.

الزيارة التي تم الاعلان عنها مبكراً في وسائل اعلام عالمية، واكدها البيت الابيض الاسبوع الحالي، تم التعاطي الاعلامي معها من خلال عنوان وحيد، هو «طمأنة السعودية»، على حرص واشنطن على امنها، وكذلك منظومة الخليج العربي،  في اشارة الى ما يوصف بانه انطباع سعودي يؤشر على انحياز اميركي لاطراف اخرى كانت وما زالت تشكل مصدر قلق للعالم. وبصورة اكثر تفصيلاً، هناك احساس سعودي بان الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة والغرب من جهة، وايران من جهة اخرى يمكن ان يكون على حساب امن منطقة الخليج التي تصنف بانها الاكثر تضرراً من اي مشروع يمنح الثقة للجانب الايراني.                                                           
غير انها – بحسب تقارير وتحليلات بنيت على معلومات دقيقية – تتعامل مع كم من الملفات التي تحولت الى قضايا خلافية بين واشنطن والرياض، الامر الذي دفع بالمحللين الى الاعتقاد بان الامور تستدعي توضيح الموقف الاميركي.
فاضافة الى الملف النووي الايراني، وما تم التوصل اليه من اتفاق بين الطرفين استثنى المملكة و ما لديها من معلومات ومن وجهات نظر، تصب كلها ضمن اطار الاطماع الايرانية في منطقة الخليج العربي، والتدخلات المباشرة وغير المباشرة في شؤون تلك الدول، وامتداد تلك التدخلات الى العالم العربي كله. هناك ملفات اخرى من بينها تطورات الملف السوري.

مماطلة اميركية
فالمملكة التي اعلنت منذ البداية مساندتها للشعب السوري وللثورة السورية، وجدت نفسها امام مماطلة اميركية تتعلق بعمليات التسليح التي يفترض ان تحصل عليها المعارضة. اضافة الى تراجع واشنطن عن توجيه ضربة للنظام السوري، بعد اعلان الرئيس اوباما شخصياً عن تلك الخطوة.
وفي هذا السياق يرى السعوديون ان الولايات المتحدة انحازت الى بعض المصالح الضيقة مع روسيا وايران، على حساب مصالحها الاستراتيجية مع المملكة. وتحولت هذه القضية الى ملف خلافي يعتقد محللون انه سيكون مجال توضيح خلال اللقاء الذي سيعقد في الرياض الجمعة.
وشكلت سياسات أوباما بخصوص تلك الملفات، خيبة امل للرياض، حيث شهدت ولاية الرئيس اوباما تقلبات في علاقة واشنطن الاستراتيجية مع حليفها الاساسي في المنطقة. ولم تخف المملكة استياءها من دبلوماسيته حيال البرنامج النووي لايران، الخصم اللدود  للسعودية ضمن منطقة تشهد توترات متفاقمة، وعدوله في اللحظة الاخيرة في نهاية العام الماضي عن تسديد ضربة عسكرية لسوريا.
ونشر أمراء سعوديون منذ ذلك الحين مقالات في صحف اميركية شبهوا فيها واشنطن بـ «دب ضخم» يتمنع عن اخراج مخالبه ووصفوا فيها الاتفاق المرحلي الذي تم التوصل اليه مع ايران بشان برنامجها النووي بانه «مجازفة خطيرة».

 شراكة وثيقة
في هذا الصدد، شدد المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني على انه «اياً كانت الخلافات في وجهات النظر بين الجانبين، فهذا لا يلغي حقيقة انها شراكة هامة جداً ووثيقة جداً».
وفي هذا السياق، قال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي لشؤون الاتصالات الاستراتيجية بن رودس في مؤتمر صحافي عرض خلاله بعض ملامح اجندة القمة الاميركية – السعودية: ان اجتماع أوباما مع العاهل السعودي يمثل «فرصة مهمة للاستثمار في إحدى أهم علاقاتنا في منطقة الشرق الأوسط وبالتأكيد في منطقة الخليج، لمناقشة جدول أعمال واسع جداً يتعلق بدعمنا المستمر لأمن الخليج ودعمنا للمعارضة السورية والذي كان لدينا تنسيق كبير بشأنه مع السعوديين».
واضاف: ان جدول الأعمال يتضمن ايضاً مناقشة «مفاوضات السلام الجارية في الشرق الأوسط فضلاً عن المفاوضات النووية مع إيران وقلقنا المشترك حيال الخطوات التي تتخذها إيران وتزعزع من خلالها الاستقرار في أنحاء المنطقة كافة».
وكشف رودس عن ان أوباما سيمضي ليلة الجمعة في المملكة قبل ان يعود يوم السبت المقبل الى الولايات المتحدة.
وكانت مستشارة الأمن القومي سوزان رايس اكدت في وقت سابق «انه من خلال الاستثمار وتعميق شراكاتنا المحورية مع دول الخليج ستكون الولايات المتحدة في موقف أقوى لإحراز تقدم في هذه المشاريع الأساسية جداً والتي تعتبر مركزية في جدول أعمال الرئيس لفترة ولايته الثانية».
وأوضحت رايس ان الاجتماع مع الملك عبدالله بن عبد العزيز والذي يتطلع اليه الرئيس أوباما سيغطي مجموعة واسعة من القضايا «وفي المقام الأول علاقتنا الثنائية الهامة جداً، وقوة تعاوننا وأمننا اضافة الى القضايا الاقتصادية ومسائل مكافحة الإرهاب الإقليمي».
وأكدت «ان هذه الشراكة طويلة الأمد مهمة جداً لكلا البلدين، وستكون الزيارة فرصة لنؤكد على ذلك ولنبحث عن فرص تعزيزها وتعميقها».
وأضافت «في جدول الأعمال الإقليمي بطبيعة الحال سوف تكون سوريا، وإيران، والمفاوضات النووية وعزم الولايات المتحدة على تجاوز المسألة النووية حيث لدينا مصالح والتزامات أمنية تجاه شركائنا في المنطقة سنفي بها ونحافظ عليها».

مرافقة كيري
ومن المنتظر ان يرافق وزير الخارجية الاميركي جون كيري الرئيس اوباما في تلك الزيارة، التي شكلت ركنا من جولة شملت بعض الدول الاوروبية.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر ساكي في إيجاز للصحفيين إن كيري سيحضر اجتماعات قمة مجموعة السبعة «جي – 7» في لاهاي إلى جانب أوباما، كما سيجري لقاءات جانبية مع نظرائه الأوروبيين بما في ذلك لقاء مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وأشارت إلى أن كيري سيشارك بلقاءات في إيطاليا وسيرافق أوباما إلى الرياض.
وكان نائب وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز قد استبق موعد الزيارة باجراء سلسلة من اللقاءات مع مسؤولين أميركيين خلال زيارته التي قام بها الى واشنطن الاسبوع الفائت. حيث التقى وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل.
وذكرت وكالة الانباء السعودية انه جرى خلال اللقاء بحث عدد من الموضوعات التي تهم البلدين الصديقين. وأضافت ان نائب وزير الدفاع السعودي عقد بمبنى وزارة الدفاع الأميركية اجتماعات عدة مع وكيل وزارة الدفاع الأميركية للسياسات مايكل لومبكن ومدير عام وكالة الدفاع الأمني الفريق البحري جوزيف ريكسي ومدير عام وكالة الدفاع الصاروخي الفريق بحري جيمس سيرينغ ووكيل وزير القوات الجوية أرك فاننج.
وقالت الناطقة باسم البنتاغون ثانثيا فيلدز إن وزير الدفاع الأميركي أكد للأمير سلمان بن سلطان قوة ومتانة العلاقة بين البلدين في مجال الدفاع، مع التزام الولايات المتحدة الدائم تجاه أمن منطقة الخليج بما في ذلك أمن المملكة تحديداً.
وبينت الناطقة أن الوزير هيغل ناقش مع الأمير سلمان بن سلطان التحديات الإقليمية وأهمية التعاون الإقليمي مع الولايات المتحدة في معالجة القضايا الأمنية المشتركة.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق