سياسة لبنانيةلبنانيات

المقاومة في غزة تكبد الجيش الاسرائيلي خسائر فادحة والعدو يحرق غابات جنوب لبنان بالقنابل الفوسفورية

خطة الطوارىء على الورق فقط والشغور في قيادة الجيش يتفاعل والحل ضحية المصالح الخاصة

فيما تشتد المعارك على حدود غزة، بدأ العدو الاسرائيلي يدرك كم هو مكلف الدخول الى القطاع. فقد اعترف امس بسقوط 16 جندياً من جنوده خلال 24 ساعة، فيما تقول مصادر المقاومة الفلسطينية ان العدد هو اكبر من ذلك. ويلجأ جيش الاحتلال الى تكثيف القصف على المنازل والسكان غير عابىء بالعدد الكبير من الضحايا الذي يسقط من جراء هذا القصف المجرم. فالمجزرة التي ارتكبها في مخيم جباليا، والتي سقط بنتيجتها المئات، مرت امام اعين المجتمع الدولي وكأن شيئاً لم يكن، فشجع هذا الموقف العدو على تكرار قصفه للمخيم موقعاً المزيد من المجازر.
ويبدو ان العالم غير مستعجل لوقف شلال الدم، فتجرى اتصالات هادئة بين اطراف عديدة، في محاولة لوقف اطلاق النار الذي تعارضه الولايات المتحدة ورئيسها بالتحديد، الذي تفيد الانباء انه سيدفع غالياً ثمن هذا الموقف في الانتخابات المقبلة. وبرزت امس دعوة تركية – ايرانية لعقد مؤتمر للسلام ينهي هذه المأساة، كما تردد ان وزير خارجية الولايات المتحدة الذي يزور اسرائيل للمرة الثالثة، سيجري محادثات مع الاسرائيليين، بشأن وقف اطلاق النار. هذا وقد فتح معبر رفح امس بين غزة ومصر، وخرج اكثر من ثلاثمئة وخمسين من الذين يحملون جوازات سفر اجنبية ودخلوا الى مصر. كما نقل الصليب الاحمر والهلال الاحمر حوالي 76 جريحاً فلسطينياً حيث سيخضعون للعلاج في المستشفيات المصرية. وستستكمل العملية اليوم.
في هذا الوقت تتواصل الاشتباكات على الحدود الجنوبية اللبنانية، ويتبادل حزب الله والفصائل المسلحة اطلاق النار والقذائف الصاروخية. وتلجأ اسرائيل يومياً الى استخدام القنابل الفوسفورية المحرمة دولياً، فتشعل الحرائق في الغابات، بحيث حولت المساحات الخضراء على طول الحدود الى ارض محروقة وقضت على الاشجار الحرجية والمثمرة فيها. واعلن امس ان هذه الحرائق قضت على اكثر من اربعين الف شجرة زيتون، هي مصدر رزق لعائلات كثيرة في المنطقة، مما دفع لبنان الى تقديم شكوى الى مجلس الامن الدولي، المعطل بفضل الخلافات والانقسامات التي تجعله عاجزاً عن تنفيذ المهمة التي وجد من اجلها، وهي الدفاع عن حقوق الشعوب. وتردد امس ان العدو الاسرائيلي نشر قواته على طول الحدود مع لبنان، بعدما بدأت الاشتباكات تشتد وتعنف، وتخرج الى حد ما عن قواعد الاشتباك، مما يوحي بخطر تفلتها والدخول في حرب مدمرة، يدرك الجميع ان لبنان غير قادر على تحمل تداعياتها، نظراً للاوضاع الكارثية التي يعاني منها.
كل ذلك يجري والحكومة واقفة تتفرج متخلية عن صلاحياتها. وتتساءل المعارضة لماذا لا يقدم مجلس الوزراء، وهو صاحب السلطة الوحيد اليوم بغياب رئيس للجمهورية، الى نشر الجيش بمؤازرة اليونيفيل على طول الحدود، وسحب المسلحين الى ما وراء الليطاني تنفيذاً للقرار 1701؟ فهذه الحكومة وبدل ان تأخذ القرارات الحاسمة في هذا الموضوع، لجأت الى وضع ما سمتها «خطة طوارىء»، وصفها بعض النواب بأنها خطة على الورق، خصوصاً وانها تفتقر الى التمويل، فيما ينصرف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى اجراء الاتصالات لتجنيب لبنان الانزلاق الى الحرب. والكل يعلمون ان الاهتمام بلبنان ليس له الاولوية لا عند دول المنطقة وخصوصاً الدول العربية التي ابتعد عنها، ولا في الخارج.
وتواجه هذه الحكومة ملفات كثيرة على درجة عالية من الاهمية، لعل ابرزها في هذه الظروف، الشغور الزاحف الى قيادة الجيش، اذ لم يبق امام قائد الجيش العماد جوزف عون سوى اسابيع قليلة ليتقاعد، والوضع الخطير يفرض التمديد له لانه الشخص الانسب في الوضع الراهن. الا ان المصالح الشخصية لدى بعض الاطراف تعرقل الوصول الى حل. ويحمل المسؤولية الاكبر وزير الدفاع، الذي هو على علاقة متوترة مع رئيس الحكومة ومع قائد الجيش، ويرفض اخذ القرار المناسب المنوط به. فهو يتماهى في مواقفه مع مرجعيته التي يمثلها في الحكومة. وهذا ما يدفع الكثيرين الى المطالبة بان يكون الوزراء بعيدين عن الاصطفافات السياسية، التي تعصف الخلافات بينها، ان يكونوا مستقلين حياديين اولويتهم مصلحة البلد ليس الا. كل هذه المشاكل والعراقيل ما كانت لتحصل، لو ان مجلس النواب يلعب دوره ويسارع الى انتخاب رئيس للجمهورية، وهو الامر الطبيعي في اي بلد من بلدان العالم باستثناء لبنان، الذي صرفته المنظومة عن دوره وحقوقه واهتمت بمصالحها. سنة مرت على الشغور الرئاسي والنواب يقبضون رواتبهم كل شهر من جيوب المواطنين دون ان يقوموا باي عمل، سوى الادلاء بالتصاريح الفارغة التي لا قيمة لها ولا فائدة ترتجى منها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق