سياسة لبنانيةلبنانيات

حرب عسكرية في الجنوب وحرب ضرائبية قاتلة في الداخل والمواطن يتلقى الضربات

مرحلة جديدة يبدأها سفراء اللجنة الخماسية فهل تنجح الوساطات هذه المرة؟

نار الحرب مشتعلة في الجنوب تماشياً مع الحرب في غزة. وعلى الرغم من مرور 48 ساعة على الغارات الجوية على الغازية، لم تهدأ الجبهة لان العدو واصل غاراته الجوية مستهدفاً القرى الجنوبية مدمراً منازلها على رؤوس اصحابها، فتسقط الضحايا البريئة بحقد هذا العدو المجرم. الا ان حزب الله ادرك ان هدف اسرائيل جر لبنان الى الحرب، لذلك لم يرد حتى الساعة على جريمة توسيع رقعة القصف، الذي تجاوز القرار الدولي 1701 وهو لم يحترمه يوماً منذ صدوره. وبدأت الاهداف العدوانية الخبيثة تتكشف. فاستهداف الاراضي اللبنانية بالقنابل الفوسفورية قضى على المواسم كلها وجعل التربة غير صالحة لسنوات طويلة والهدف ابعاد حزب الله عن الحدود وتهجير سكان القرى الحدودية الذين يفقدهم مواسمهم الزراعية وهي مصدر رزقهم فيرغمهم على الرحيل. ولذلك لا يزال الجيش الاسرائيلي يواصل عدوانه بشكل عنيف بتوجيه من نتانياهو ووزير دفاعه، ومعظم اعضاء حكومته اليمينيين المتطرفين المعروفين بعنصريتهم المدمرة. وحتى الساعة فشلت كل المساعي في وقف اطلاق النار في غزة التي ربطت جبهة الجنوب اللبناني بوقف الحرب عليها. وزاد العدو الاسرائيلي اصراراً على المضي في حربه المدمرة، استخدام الولايات المتحدة للمرة الثالثة يوم امس الفيتو الذي عطل مشروع قرار جزائرياً يدعو الى وقف فوري للنار.
والحرب المعلنة على لبنان من قبل العدو الاسرائيلي تقابلها حرب من نوع اخر تشنها الحكومة على المواطنين هي حرب الضرائب الخيالية التي فرضتها عبر موازنة قُدم الطعن بها بعدما رفضها الجميع، الا الحكومة والنواب الذين صوتوا عليها، دون ان يراعوا مصلحة ناخبيهم. وينبري بعض المدافعين عن الحكومة بالقول ان هذه الضرائب الكارثة هي اقل مما كانت عليه في السابق، متجاهلين ان موظفي الادارات العامة والقوى الامنية العسكرية لا تزال تتقاضى اجورها بالليرة اللبنانية، وما تحصل عليه لا يفي بجزء ولو يسير من موجة الضرائب القاتلة. هذا دون ان ننسى ان معدل البطالة يفوق 40 بالمئة بمعنى ان نسبة كبيرة جداً من اللبنانيين لا يعملون ولا يتاقضون اي اجر وليس لديهم اي مدخول. وفي المحصلة وصل عدد الفقراء والجياع الى حوالي 85 بالمئة. فهل فكر الذين صاغوا هذه الموازنة المدمرة من اين يأتي هؤلاء بالمال ليدفعوا كل هذه الرسوم؟ لقد اصبح شائعاً وواضحاً ان من يملك الكثير لا يمكنه ان يفكر بأن هناك اناساً بحاجة الى ثمن رغيف.
هذه الكارثة التي حلت باللبنانيين عن طريق موازنة 2024 لم يتنبه اليها المواطنون يوم صدورها ولكن عندما بدأ تنفيذها، وهي تتكشف يومياً لتسقطهم بالضربة القاضية، ادركوا اي كارثة حلت بهم. لقد اصبح المواطن عاجزاً حتى عن الحصول على ابسط المعاملات، كاخراج القيد والتصديق على معاملة، او الحصول على شهادة وفاة او قسيمة زواج، او سجل عدلي او غيرها من المعاملات البسيطة التي لم يكن يحسب لها حساب. والادهى من ذلك ان الحكومة مقابل كل هذه الضرائب لا تقدم للمواطن اي شيء على الاطلاق، ولا تقوم باصلاحات، ولا تسعى الى ايجاد فرص عمل. ان كل همها محصور في جمع المال الى الخزينة، ليصرف في ما بعد على الفساد الذي شهد عليه العالم كله والذي ادى الى ما يشبه الافلاس. لذلك فان الامل الوحيد اليوم هو عند المجلس الدستوري الذي قدم له طعن بهذه الموازنة، وامس علق مفعول المواد 36 و45 و72 و93 و94 الى حين البت بالمراجعة بعد ان تقدم عدد من النواب بالطعن بقانون الموازنة لسنة 2024 لاسباب عدة ابرزها غياب قطع الحساب وفرسان الموازنة، على ان يصدر المجلس قراره النهائي في مدة اقصاها شهر من تاريخ تقديم الطعن.
على صعيد الفراغ الرئاسي عقد سفراء اللجنة الخماسية اجتماعاً في السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر، استمر ساعة ونصف الساعة علم انه تم الاتفاق على مواصلة الاتصال بالكتل النيابية واجراء مشاورات معها لحثها على انتخاب رئيس للجمهورية، على ان ينقلوا نتيجة لقاءاتهم الى اللجنة، وبعدها يزور لبنان الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان حاملاً معه الاقتراحات لدفع المجلس النيابي الى عقد جلسة مفتوحة، تنتهي بانتخاب رئيس. فهل تنجح كل هذه المساعي ام انها ستكون شبيهة بما سبقها من اتصالات لم تسفر عن اي نتيجة، بسبب الخلافات التي تعصف بالافرقاء وكل طرف متمسك برأيه وموقفه دون اي مراعاة لمصلحة الوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق