أبرز الأخبار

«جنيف – 2» الى طريق مسدود، و«الملف» يدخل مجال الخيارات الصع

هل فشلت مفاوضات «جنيف – 2»؟ وان كان الجواب بـ «نعم» ماذا يعني ذلك؟ وما هو مصير الصراع الذي يكاد يصنف ضمن اطار «الاكثر بشاعة» بهذه المنطقة في التاريخ الحديث؟ اما الاكثر حساسية في كل تلك التفاصيل، فهو ما يتعلق بالخطوة التالية؟

ان مبررات هذا الكم من التساؤلات التي اصبحت السلعة الرئيسية للتداول السياسي والامني في انحاء العالم كافة، تلك النهاية التي آلت اليها الجولة الثانية من مفاوضات «جنيف – 2» التي اختتمت قبل ايام، دون ان يتم البحث في تحديد موعد جديد لجولة ثالثة، ودون ان يتم احراز اي تقدم يذكر، وسط تخوفات من ان يتم التحول في مجال التعاطي الدولي مع الملف السوري نحو العوامل الانسانية فقط، استناداً الى اشارات اطلقها وزير الخارجية الاميركي واشارت الى ان الرئيس باراك اوباما يبحث عن بدائل «في ضوء تفاقم الوضع الانساني».
والمعنيون مباشرة بتفاصيل الملف، تقاطعت وجهات نظرهم في مجال تقويم الجولة. الا ان ذلك الخلاف اتخذ الطابع السياسي، ولم يدخل في تفاصيل العملية ككل. فعلى سبيل المثال اختلف وزيرا الخارجية السوري والاميركي في تقويمهم لنتائج المؤتمر. فبينما اكد جون كيري فشل «جنيف – 2»، قال المعلم انه لم يكن فاشلاً وان المفاوضات احرزت تقدماً. لكن تصريحات المعلم تقاطعت مع تأكيدات لنائبه «فيصل المقداد» الذي اكد فشل المحادثات من اساسها.

طريق مسدود
وبين هذين الموقفين كانت تصريحات المبعوث الاممي الاخضر الابراهيمي في ختام الجولة الثانية التي قال فيها ان المفاوضات وصلت الى طريق مسدود.
وتفصيلاً، اعلن الابراهيمي انتهاء المفاوضات بين وفدي الحكومة والمعارضة السوريين الى «طريق مسدود» وبدون ان يعلن عن موعد جديد. وعبر عن اسفه واعتذاره من الشعب السوري لكون المحادثات الصعبة لم تؤد الى نتيجة. وقال ان سبب الوصول الى طريق مسدود هو رفض الوفد الحكومي جدول الاعمال الذي اقترحه.
وقال الابراهيمي للصحافيين: «اعتقد انه من الافضل ان يعود كل طرف الى منزله ويفكر بمسؤولياته ويقول ما اذا كان يريد ان تستمر هذه العملية».
ومن جهته، اعتبر وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان الجولة الثانية من مفاوضات «جنيف – 2» «لم تفشل واحرزت تقدماً مهماً».
ونقلت وكالة انباء سوريا «سانا» عن المعلم قوله في الطائرة التي اقلت الوفد الحكومي السوري المفاوض في جنيف خلال عودته الى دمشق، ان الجولة الثانية لم تفشل وانجزت تقدماً مهماً جداً، راداً ذلك الى «وعي المفاوض السوري» الذي أعلن موافقة سوريا على جدول الاعمال الذي اقترحه الوسيط الدولي الاخضر الابراهيمي، والذي يبدأ بنبذ العنف ومكافحة الارهاب. واضاف المعلم «نتوقع من «الوسيط النزيه الحفاظ على عملية المحادثات حتى تصل الى نتائجها».
ولم يقدم المعلم تفاصيل اضافية حول التقدم الذي اعتبر انه تم تحقيقه في جنيف.
اما وزير الخارجية الاميركي جون كيري فقد اتهم نظام الرئيس السوري بشار الاسد بـ «العرقلة» بعد فشل الجولة الاخيرة من المفاوضات في جنيف بين ممثلين للنظام والمعارضة.
ورغم تأكيده في اكثر من مناسبة فشل الجولة، اعتبر كيري ان مفاوضات جنيف قد «علقت»، ودعا داعمي النظام الى الضغط عليه من اجل وضع حد لتعنته في المفاوضات ولما اسماه «الاساليب الوحشية» التي يمارسها على الارض.
وخلافاً لاعلان المعلم، اكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ان الجولة الثانية من مفاوضات «جنيف – 2» مع وفد المعارضة، لم تحقق اي تقدم ، فيما قال المتحدث باسم المعارضة لؤي صافي ان المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود. ومن جانبه، اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان الرئيس باراك أوباما طلب خيارات سياسية جديدة محتملة في سوريا نظراً لتدهور الوضع الانساني.
الى ذلك، تشير المعلومات المتسربة من مقر المؤتمر، الى ان المقام لم يطل بالوفدين المتفاوضين في جلستهما الختامية التي عقدت يوم السبت الفائت، بحيث لم تستغرق أكثر من نصف ساعة. وبحسب مصادر مشاركة، لم تشهد تلك الجلسة أي جديد، وان الجانبين تمترسا بمواقف مسبقة، ودون التجاوب مع اقتراح الابراهيمي بالموازنة بين بندي الهيئة الانتقالية ومكافحة الارهاب الخلافيين بين المعارضة والسلطة. ولم يحصل أي تفاهم على جدول أعمال الجولة المقبلة من المفاوضات، التي لم يحدد موعدها، ريثما يقدم الإبراهيمي تقريره حول الجولة الثانية من المفاوضات لمجلس الأمن.

اتهامات
ويتهم الائتلاف الوطني المعارض وفد النظام بتعطيل أعمال المؤتمر، والالتفاف على الأولويات، ورفض بحث هيئة الحكم الانتقالي، والاصرار على حرف المؤتمر عن مساره، بينما وفد المعارضة مصرّ على بحث تشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي ستملك السلطات اللازمة لتدير الجيش وأجهزة الأمن من أجل مكافحة الارهاب المستشري في سوريا، على أساس التزامن الذي اقترحه الإبراهيمي، وليس وفق اقتراح وفد النظام، الذي يقول بأن بند تشكيل الهيئة الانتقالية يناقش بعد الاتفاق على مكافحة الإرهاب.
خارجياً، اعتبر وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ أن فشل المفاوضات في جنيف بين النظام السوري والمعارضة يشكل إخفاقاً كبيراً. وحمل النظام مسؤولية ذلك.
اما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فقد اتهم وفد المعارضة بالسعي إلى تغيير النظام في سوريا، وقال: إن تشكيل هيئة حكم انتقالي يجب ألا يكون الهدف الوحيد لـ «جنيف – 2». وأضاف أن هناك محاولات جارية لإخراج محادثات السلام عن مسارها، محملاً المعارضة السورية المسؤولية. بينما تسربت معلومات عن أن الابراهيمي تكلم «بفضاضة» مع الجانب الروسي في «جنيف – 2»، متهماً الوفد الحكومي بعرقلة المفاوضات، ومفضلاً تعليقها على الاستمرار بمفاوضات «فاشلة»، مع عزوف روسيا عن الضغط على النظام لتقديم أي تنازل.
ميدانياً، أعربت الأمم المتحدة عن خشيتها من «هجوم كبير» للقوات النظامية السورية على مدينة يبرود، الخاضعة لسيطرة المعارضة، وشددت على أن دمشق عليها واجب قانوني للسماح للمدنيين بالمغادرة. في حين سيطر مقاتلو المعارضة على بلدات وقرى في محافظة حلب شمال سوريا، إثر انسحاب تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام  (داعش) إلى مدينة إعزاز.

هجوم كبير
وقال المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، روبرت كولفيل، في افادة صحافية «تلقينا تقارير من داخل سوريا، أن هناك العديد من الهجمات الجوية والقصف مع حشد عسكري حول مدينة يبرود، ما يشير إلى هجوم بري كبير ربما يكون وشيكاً» على المدينة، التي يقطنها بين 40 و50 ألف نسمة.
وشن الطيران الحربي السوري غارة جوية على مناطق في يبرود، ولم ترد معلومات عن حجم الخسائر حتى اللحظة وسط قصف القوات النظامية مناطق في المدينة. وقالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ميليسا فليمنغ، للصحافيين: إن 500 إلى 600 عائلة فرّت بالفعل من يبرود، وقد صلت إلى عرسال في لبنان خوفاً من هذا الهجوم. وأضافت أن المفوضية «تستعد لتدفق كبير» عبر حدود لبنان.

احمد الحسبان
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق