رئيسي

3عوامل وراء التسوية السياسية برعاية دولية – اقليمية

بالتزامن مع تقدم الاتصالات بشأن تأليف حكومة سياسية جامعة وليس حكومة وحدة وطنية كما درجت العادة على اطلاق مثل هذه التسمية على الحكومات التي تضم المكونات السياسية في لبنان، طرحت اوساط سياسية مراقبة جملة تساؤلات حول ابعاد واسباب الايجابيات المفرطة لدى بعض الاطراف السياسيين، لاسيما الثنائي الشيعي، في السعي الى تشكيل حكومة سياسية جامعة وليس حكومة غير حزبية والمتعارف على تسميتها الحكومة الحيادية.

سألت الاوساط السياسية عن اسباب تخلي حزب الله عن شروطه في تشكيل الحكومة السياسية بعدما أعلن الأمين العام للحزب في اطلالته الأخيرة عن “تمسكه بصيغة 9-9-6 ومعادلة الشعب والجيش والمقاومة ونقطة على السطر. وما تلعبوا معنا”.واعتبر يومها موقفه تنازلاً وعرضاً للطرف الاخر لفترة محددة بعدها “يكون لنا موقف آخر وشروط اخرى”. كما سألت هذه الاطراف عن الدوافع التي حملت قوى 14 آذار على التراجع عن رفضها المشاركة في حكومة واحدة مع الحزب قبل ان يعلن نصرالله عن انسحاب مقاتليه من سوريا وإلتزامه إعلان بعبدا، في البيان الوزاري، بعد سقوط معادلة الشعب والجيش والمقاومة. ورفعت هذه القوى سقف مواقفها بعد جريمة إغتيال الوزير السابق محمد شطح ورفضت “اي كلام قبل بت موضوع سلاح الحزب”. وما هي العوامل التي بدّلت في المواقف وقبل الجميع البحث في حكومة سياسية جامعة بعد أن تخلوا عن التمسك بشروطهم؟

ايجابيات مفاجئة
تعزو مصادر قريبة من دارة المصيطبه “الايجابيات المفاجئة” الى ثلاثة عوامل كانت وراء تبديل مواقف الاطراف وحملهم على خفض سقف شروطهم ومطالبهم، للمضي في تسوية سياسية وهي:
-اقتناع الاطراف، لاسيما 8 آذار بإصرار الرئيس ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام على تشكيل حكومة غير حزبية، وإتفاقهما على إعلانها يوم الثلاثاء في 7 كانون الجاري بعد عودة الرئيس سليمان من إجازة رأس السنة مع عائلته في بودابست. وكشف مصدر وزاري عن ان الرئيسين وفي آخر لقاء بينهما في نهاية العام إتفقا على الخطوة بعدما تبين لهما استحالة اتفاق الاطراف على حكومة سياسية وتمسك كل منهما بمطالبه، لاسيما بعد إغتيال شطح ورفع 14 آذار سقف شروطها ورفض الجلوس على طاولة واحدة مع الحزب.
– خوف الجميع من إنتقال النار السورية عبر المتطرفين والارهابيين الى الساحة اللبنانية، خصوصاً بعد جريمة إغتيال شطح وإنفجار حارة حريك بعد ايام ،وتوعد تنظيم “داعش” بالمزيد في بيان أعلن فيه انه” قد اخترق المنظومة الامنية لحزب الله، وتم دك مربعه الامني، وهذه دفعة اولى من الحساب الثقيل”. إضافة الى التسريبات عن استهداف الساحة و “ان لا خيمة فوق رأس احد وان الارهاب سيطاول الجميع”، ووفق مصادر أمنية هناك  72 سيارة مفخخة تستهدف الساحة وهناك تهديدات لمراكز تجارية وفنادق مما حمل بعثات ديبلوماسية على الطلب من رعاياها تجنب الفنادق والمجمعات التجارية بعد ورود معلومات ايرانية عن اسابيع خطيرة في لبنان، وخشية من تسارع التفجيرات مع بدء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وعشية مؤتمر جنيف-2 . و شعر الجميع بخطورة المرحلة وبأن النار بدأت تلتهم لبنان.
ورود اشارات ايجابية من الخارج ومعلومات عن اتفاق دولي – اقليمي بشأن لبنان لايجاد “تسوية سياسية” سريعاً لوقف الانهيار قبل الاستحقاقات الاقليمية، لأن الوضع في لبنان لا يتحمل انتظار الحلول النهائية التي قد تحتاج الى سنوات وفق ديبلوماسي بارز، وهناك خشية من سقوط لبنان. وشاركت في ايجاد التسوية: الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والسعودية وايران، بعدما ارتفع منسوب الخطر والخوف الجدي من سقوط الوطن وإنهيار الدولة تحت ضربات الارهابيين والمتطرفين، والتداعيات التي قد تكون لسقوط لبنان واندلاع الفتنة فيه والتي قد تعرّض مساعي التفاوض لحل أزمات المنطقة من تداعيات “الربيع العربي”، الى المخاوف الجديدة من سرعة انتقال الفتنة الى الساحات العربية. ففي الوقت الذي تتكثف الجهود لحل الازمة السورية لن يسمح المجتمع الدولي بانفجار الوضع الامني في لبنان، وان لم يكن لبنان على لائحة الاهتمام والاولوية الآن، الا ان الخوف من تداعيات انهيار الاستقرار فيه جعل الاهتمام به يتقدم على ملفات اخرى، وفق ما يقول مسؤول لبناني، ويضيف استناداً الى معلومات وردت إليه عن رسائل روسية شديدة اللهجة بعد اغتيال شطح وانفجار حارة حريك، وخوف موسكو من إنهيار الاستقرار الامني،كانت وراء ليونة مواقف حلفائها في لبنان والمنطقة.
وتشير المعلومات الى إجتماع أمني روسي – سعودي بعيداً عن الاضواء اسفر عن الاتفاق على تسوية سياسية سريعة تقضي بوقف الصراع السياسي بعد ان وصل الى حافة  الهاوية وجلوس أطراف النزاع حول طاولة مجلس الوزراء والبدء بحوار هادىء وإنهاء القطيعة بينهم والتعاون لمواجهة المخطط الارهابي الذي بدأ يقرع الباب، وقد يحول لبنان من ساحة نصرة الى ساحة جهاد، كما تشير التقارير الامنية.

فرصة للاتفاق
وينقل زوار بعبدا عن الرئيس سليمان قوله: “إنه يشجع الاطراف على التنازل لمصلحة الوطن، ويعطي فرصة للإتفاق على تشكيل حكومة جامعة سياسية، ولكنها فرصة محددة يمضي بعدها الى تشكيل حكومة غير حزبية بالاتفاق مع سلام”. ويتوقف المراقبون امام موقف 14 آذار بعدما تبين ان “الصقور” فيها يعارضون المشاركة، لأن الطرف الاخر لم يجب صراحة عن الاسئلة – الايضاحات، ويخشون من عملية “بلف” يقوم بها الحزب لالقاء مسؤولية عرقلة التأليف عليها ويفضلون حكومة حيادية في هذا الظرف. ويتولى الرئيس سعد الحريري وفق المعلومات معالجة الوضع داخل هذه القوى. كما يتولى الرئيس نبيه بري المفوض من قبل الحزب بإتخاذ القرار المناسب ومعالجة مواقف مكونات 8 آذار ،بما فيها العماد ميشال عون الذي يعترض على ما يجري لأنه خارج الصورة، ويخشى من إتفاق رباعي جديد. ويؤكد احد السياسيين ان ما يجري هو تسوية سياسية لوقف الانهيار وتفعيل المؤسسات والتحضير للانتخابات الرئاسية، والانصراف لوضع قانون جديد للانتخابات تجري على اساسه الانتخابات النيابية مباشرة، بعد الرئاسية، لوضع لبنان بعدها على سكة الحل النهائي.

فيليب ابي عقل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق