سياسة لبنانية

سليمان في نيويورك متسلحاً باعلان بعبدا

قبل ان يتوجه الرئيس ميشال سليمان في 22 الجاري الى نيويورك على رأس الوفد اللبناني للمشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة، حرص على ان يحدد موقف لبنان من التطورات في المنطقة ومن الحرب السورية، ويشدد على التزام اعلان بعبدا لجهة الحياد عن الصراعات الاقليمية والدولية، والتمسك بسياسة النأي بالنفس عن التطورات السورية وتجنب تداعياتها على الساحة اللبنانية.

جاءت تأكيدات الرئيس سليمان على اثر اقدام قوى سياسية في 8 اذار على نعي اعلان بعبدا واعتباره غير موجود بحجة انه لم يبت ويناقش في هيئة الحوار، في محاولة للتهرب من التقيد بمضمونه، خصوصاً حزب الله الذي أعلن امينه العام حسن نصرالله ارسال مقاتلي الحزب الى سوريا للقتال الى جانب النظام «بوجه المؤامرة التي تستهدفه وتستهدف المقاومة ولمحاربة التكفيريين والاسلاميين ومنعهم من المجيء الى لبنان»، مبرراً التدخل في الحرب السورية. وكان لا بد للحزب من ان يسقط اعلان بعبدا ليتبرأ منه وليجنب نفسه اعتراض قوى 14 اذار على اشتراكه في حكومة بيانها الوزاري اعلان بعبدا وسياسة النأي في حين يتورط هو في الحرب في سوريا.

بيان توضيحي
اذاعت امانة سر هيئة الحوار بياناً توضيحياً خلال الاسبوع الفائت لتوضيح حقيقة ما جرى في جلسة 11 حزيران (يونيو) 2012 التي وافق فيها اعضاء الهيئة على «اعلان بعبدا»، وكيف تولى الرئيس نبيه بري تلاوة التعديلات التي ادخلت على البيان صفحة صفحة. وقطع البيان التوضيحي بالوثائق والمستندات الطريق على من يحاول تشويه الحقائق وتلفيق الاخبار للتملص من الالتزام باعلان بعبدا. وابلغ الرئيس سليمان اعضاء اللجنة الثلاثية التي شكلها الرئيس نبيه بري لشرح مبادرته، اثناء زيارتها بعبدا «ان اي مبادرة حوارية يفترض ان تنطلق من تنفيذ قرارات هيئة الحوار بما فيها اعلان بعبدا». واكد لزواره: «ان لبنان الرسمي يلتزم سياسة النأي عن التطورات في سوريا» وانه ابلغ النائب محمد رعد عندما زاره بعد ارسال مقاتلي الحزب الى سوريا بضرورة «سحب المقاتلين واعادتهم الى لبنان وعودة الحزب من سوريا، فالمقاومة هي على الحدود وليست خارجه وفي سوريا». واكد سليمان على ان بقاء الحزب في سوريا يعقد مشاركته في حكومة سياستها النأي بالنفس. وعلى رغم انزعاج الحزب من مواقف سليمان تؤكد مصادر في قوى 8 اذار ان الحزب حريص على ابقاء العلاقات جيدة مع الرئيس سليمان.
واعلن الرئيس سليمان على اثر التفجيرات التي استهدفت طرابلس والضاحية من ضمن مخطط استهداف الاستقرار في لبنان، وجوب تشكيل حكومة سياسية جامعة وعادلة بعد سقوط صيغة الحكومة الحيادية  في هذا الظرف. ورحبت 8 اذار بالموقف والتزم النائب رعد بمنهجية زيارة بعبدا اسبوعياً لتأمين التواصل والتشاور مع الرئيس سليمان في ظل التطورات المتسارعة في المنطقة، بعد قبول الجانب الاميركي بمبادرة روسيا لمعالجة الملف الكيميائي في سوريا من دون تدخل عسكري. واعتبر مسؤول اميركي ان التهديد بضربة عسكرية ساهم في حمل النظام السوري على القبول بما لم يكن يقبل به سابقاً، والاعتراف بوجود سلاح كيميائي لديه واستعداده لوضعه تحت اشراف دولي وتدميره والتوقيع سريعاً على معاهدة حظر استخدام الاسلحة المحرمة دولياً، والتعاون مع الخبراء الدوليين واعطاء لائحة باماكن وجود المخازن، والتزام ما يقرره الخبراء في هذا المجال من تدمير السلاح عام 2014.

اعلان بعبدا
لقد حركت التطورات المتسارعة على صعيد الحرب السورية والمبادرة الروسية التي ايدتها الولايات المتحدة الاميركية، الاوضاع الجامدة على الساحة اللبنانية، رغم التفسيرات المختلفة حول نتائج ما جرى واعتبار كل طرف انه المنتصر وان التطورات هي لصالحه، وهي انتصار لخطه السياسي. وقد يستفيد الرئيس سليمان من المعطيات الجديدة في المنطقة في الاتصالات التي سيجريها في اروقة الامم المتحدة، على هامش اجتماعات الجمعية، وقد يركز في كلمة لبنان التي سيلقيها في 24 الجاري على حياد لبنان وعلى اعلان بعبدا وعلى سياسة النأي بالنفس، مؤكداً ان الاطراف اللبنانية تؤيد هذا التوجه. كما ستكون للرئيس كلمة في 25 الجاري اثناء ترؤسه وفد لبنان الى مؤتمر دولي من اجل النازحين السوريين. وسيشكل مناسبة للمشاركين لتأكيد دعم لبنان وتجديد شبكة الامان الدولية لحماية استقراره، ومساعدته على تحييد نفسه عن ازمات المنطقة، وابقائه خارج التجاذبات القائمة، مع الاستعداد لمساعدة المؤسسات اللبنانية ودعم الاقتصاد. كما تؤكد الدول وفي طليعتها الولايات المتحدة وفرنسا على دعم الجيش العمود الفقري للامن والضامن لاستمرار الاستقرار. وسيركز المجتمعون كذلك على موضوع النازحين السوريين والعبء المالي والاقتصادي والامني والمعيشي على لبنان، والعمل على توزيع النازحين لتخفيف العبء عن لبنان والاسراع في تقديم المساعدات المالية وتشكيل صندوق دولي لذلك. ولن يطلب سليمان لقاء الرئيس الاميركي او اي مسؤول ويفضل ان تقتصر لقاءاته على الدول التي قد تساعد لبنان في هذا الظرف لتحاشي الاستفسارات عن تورط لبنانيين في الحرب السورية خلافاً لاعلان بعبدا، واحجمت دول عربية عن مساعدة لبنان، بسبب هذا التورط، وجدد مجلس التعاون الخليجي اجراءاته بحق المتعاملين مع حزب الله في دول المجلس. وتركت خطوة الامن الذاتي التي لجأ اليها الحزب بعد تفجيري الضاحية ردود فعل سلبية مما حمل نائب الامين العام للحزب نعيم قاسم على تبرير الامن الذاتي، بسبب عجز الاجهزة الامنية وقال: «ان الحزب تطوع لسد الثغرة وهذه تضحية وليست مكسباً». وتركت الحوادث التي وقعت على حواجز الامن الذاتي «نقمة» شعبية عارمة على الحزب «راحت تأكل من رصيده في بيئته» كما قال احد الاطباء في الضاحية. ولم تحرك الدولة ساكناً ويخشى نائب في 14 اذار ان يتفاقم الامر الى ما لا تحمد عقباه قريباً اذا لم يسارع المسؤولون الى معالجة الامر ووقف ظاهرة الامن الذاتي.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق