رئيسيسياسة عربية

قمة سعودية – قطرية تؤسس لعلاقات مثالية

باستثناء اشارة واحدة اطلقها امير قطر الجديد الشيخ تميم بن حمد، مفادها ان سياسة بلاده لن تتغير، لم يصدر اي جديد يوحي بأن تغييرات جذرية يمكن ان تحدث في موقف الدولة من ملفات المنطقة، وعلاقات الامارة الصغيرة من حيث الحجم، الكبيرة من حيث التأثير والغنية في مجال الغاز.

ان ذلك لا يعني – بحسب مراقبين – ان الامير الجديد سيكون نسخة عن والده، وان سياسة الدولة ستبقى كما كانت مثيرة للجدل. فالتقارير المرافقة لعملية التغيير السلمي التي حدثت، والتي تنازل فيها الشيخ حمد الى نجله تميم عن الحكم، تشير الى ان الامير الجديد يقوم بدراسة جميع الملفات وصولاً الى صيغة تلتقي مع قناعاته، ومع السياسة التي يريد ان يختطها لبلاده.
وهي – بحسب هؤلاء المراقبين – ستكون مختلفة عن سياسة والده، بحيث تركز على المصلحة القطرية بالدرجة الاولى، بدلاً من التركيز على الدور القطري الفاعل فقط. وهي القضية التي يصنفها بعض المحللين بانها معنوية بالدرجة الاولى، وانها تكلف دولة قطر الكثير من المبالغ التي كان من الممكن ان تستغل في مجالات اخرى اكثر نفعاً.
بموازاة تلك التحليلات، هناك من ينظر الى الامير الشاب من زاوية اخرى، فمجرد استبعاد الشيخ حمد بن جاسم من رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية، وابعاده عن قيادة الفريق الذي يدير سياسة واقتصاد الدولة، يعتبر مؤشراً على الرغبة في احداث تغييرات يعتقد انها ما زالت قيد الاعداد. وان استمرار الدولة في النهج عينه – مرحلياً- يعني اظهار الموقف على اساس انه تغيير سلمي، وسلس، وليس ثورياً، وان سياسة الامير الجديد يجري ترجمتها ضمن خطط تتكشف في الوقت المناسب، وبعد انضاجها «على نار هادئة».
والمؤشرات تبدو واضحة في ما يتعلق بالموقف من العلاقات الثنائية ضمن اطار دول مجلس التعاون الخليجي اولاً، وضمن اطار البيت العربي، حيث تشير المعلومات المتسربة الى رغبة الشيخ تميم بالحفاظ على حبل الود مع دول المنظومة الخليجية، وطي بعض الملفات الخلافية معها.

طي الصفحة
ومع ادراك الشيخ تميم بان بعض الخلافات يمكن ان تكون جذرية في تفاصيل سياسة بلاده، الا ان معلومات متسربة من المطبخ القطري تؤشر على رغبته في بحثها بعمق مع الاطراف المعنية وصولاً الى تسويات تكفل طي الصفحة، وتحقيق المصالحة.                                              وفي هذا السياق يستذكر محللون الخلافات الحدودية مع المملكة العربية السعودية، والتي تعمقت من خلال تغطيات قناة الجزيرة، ودفعت بالمملكة العربية السعودية الى القناعة بانها مستهدفة من قبل قطر. ففي تلك الفترة تولى الشيخ تميم الذي كان يشغل منصب ولي العهد القطري مهمة ادارة الحوار مع السعودية، ونجح في تحقيق المصالحة بين خادم الحرمين الشريفين ووالده الشيخ حمد. وهي المصالحة التي اشادت بها كل الدول المتابعة، وكانت الموضوع الابرز في الصحافة العالمية التي سجلت الانجاز للشيخ تميم، الذي تفهم عتب «الشقيقة الكبرى»، ونجح في لجم قناة الجزيرة، والزامها بخط معين لا يمكن تجاوزه في ما يتعلق بالملفات السعودية.
من هنا يقرأ المحللون الزيارة التي قام بها امير قطر الجديد الشيخ تميم الى مدينة جدة السعودية، ولقاءه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز.
القراءات التي تعددت في اشكالها، كانت قريبة جداً من حيث المضامين، حيث توقفت عند اعتبارها اول زيارة خارجية للشيخ تميم منذ تسلمه الحكم من والده منذ منتصف حزيران (يونيو) الفائت.
فمجرد التذكير بان اول زيارة خارجية للشيخ تميم كانت الى السعودية، وان اول لقاء قمة خارج بلاده كان لقاء مع العاهل السعودي، فإن ذلك يعني الكثير في مجال الفهم القطري للدور السعودي، وان في ذلك اعترافاً من جديد باهمية المملكة كـ «شقيقة كبرى»، تحظى باحترام وتقدير جميع دول الخليج العربي.
وبالتوازي، فإن موعد القمة الذي جاء متزامناً مع عمليات وضع خطط الدوحة في ظل الحكم الشاب، يعني ان الامير الجديد مهتم بالتعاطي مع البعد السعودي في سياسات بلاده الخارجية، وبالتالي فهو معني بتعظيم عمليات التعاون الثنائي مع المملكة في شتى المجالات، من امنية وسياسية واقتصادية، والتنسيق في المواقف في ما يخص الملفات الخارجية ومنها الملفات الاقليمية والدولية.

الملف السوري
وبحسب تحليلات متعددة، سيكون الملف السوري في مقدمة تلك الملفات التي تحتاج الى قدر من التنسيق. كما سيكون الملف المصري في مقدمتها، حيث تتشارك الدولتان في الموقف بخصوص التطورات فيها، وتلتقيان في مجال دعم المعارضة السورية، والانقلاب على نظام مرسي في ما يخص الموضوع المصري.
وسيكون للدولتين موقف موحد ازاء بعض الملفات ومنها ملف عملية السلام، حيث تلتقيان عند مبادرة السلام العربية التي كانت سعودية الفكرة والطرح، والتي تطورت الى مشروع عربي اعتمدته الجامعة العربية.
وكان امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قد زار المملكة العربية السعودية يوم الجمعة الفائت، وهي الزيارة الاولى له الى الخارج منذ تسلمه مقاليد الحكم في حزيران (يونيو) الماضي، بحث خلالها مع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز مجمل الأحداث والتطورات التي تشهدها المنطقة وموقف البلدين منها.
وبحسب وكالة الانباء السعودية الرسمية، استقبل الملك عبدالله ضيفه القطري في قصر الصفا بمكة المكرمة في اجتماع جرى خلاله بحث آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين في جميع المجالات. وادى الشيخ تميم خلال الزيارة التي استمرت بضع ساعات مناسك العمرة.
وكانت العلاقات بين البلدين متوترة جداً في بداية عهد الشيخ حمد، الا ان نجله تميم تمكن في النهاية من تحقيق مصالحة تاريخية مع المملكة بين 2007 و2008. لكن هذه العلاقات توترت خلال «الربيع العربي» وخصوصاً بشأن سوريا ثم مؤخراً بشأن مصر حيث تبلور الخلاف بين قطر والسعودية. الا ان الشيخ تميم اكد في خطاب تنصيبه رغبته في اقامة علاقات جيدة مع كل الحكومات وكل الدول، والسعودية اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، بينما تشتهر قطر بانها الدولة الغنية بالغاز، وهما دولتان عضوان في مجلس التعاون الخليجي.

جدة – أ. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق