أبرز الأخبارتحقيق

مسلسلات رمضان اين نجحت واين فشلت؟

«باب الحارة» تصدر نسبة المشاهدين يليه «لو»، «الإخوة» ثالثاً، «إتهام» رابعاً  فـ «عشرة عبيد زغار» خامساً

البعض حجز لنفسه سلفاً على شاشات رمضان. والبعض الآخر فضل ان يترك لهامش الوقت مسافة حتى يتمكن من تقويم الأعمال وعلى أساسها يتم التعامل. هذه السنة سلة الإنتاج المشترك اللبناني – المصري – السوري أنقذت الوضع من حال الفراغ التلفزيوني على شاشات رمضان الأرضية والفضائية، لكنه حتماً لم يعبىء الكأس التي شربها المشاهد العربي في الأعوام السابقة، ومهما امتلأت قائمة الحجوزات يبقى العرش لملكه.

شهر رمضان انتهى، اما مسلسلاته فلا! هكذا في كل سنة… يحل عيد الفطر، يخرج الصائمون من بيوتهم ليعيشوا فصول العيد، فيما فصول مسلسلات رمضان مستمرة. خطة مدروسة؟ لنقل إنها كذلك لدى بعض الكتاب والمنتجين لكن بالنسبة الى البعض الآخر مطلوب تمديد مدة المسلسل الى ما بعد رمضان لالتقاط اكبر نسبة من الرايتينغ.

غندور: اضاعوا هوية الدراما اللبنانية
قائمة مسلسلات رمضان 2014 كانت غنية هذه السنة بالبرامج المصرية والخليجية والسورية و…اللبنانية. لكن في حسابات الكتاب والمنتجين اللبنانيين المسألة أبعد من ذلك. الكاتب انطوان غندور الذي اصر على متابعة مسلسلات رمضان اللبنانية اعتبر ان كل المسلسلات وجدت مكاناً لها في قلوب المشاهدين لأنها تحمل هويتها سواء المصرية منها او الخليجية او السورية. إلا المسلسلات اللبنانية «لأنها لا تعكس واقع المجتمع اللبناني ولا تتضمن ولو الجزء اليسير من العادات والهوية اللبنانية».
ما ليس مقتبساً هو على الأرجح مستنسخ من عادات او افكار لا تمت الى المجتمع اللبناني بصلة. خلاصة اراد من خلالها الكاتب غندور ان يلقي الكثير من اللوم والعتب على الكتاب والمنتجين اللبنانيين الذين اضاعوا هوية الدراما اللبنانية واستنسخوا ما توافر من هنا وهناك تحت غطاء العصرنة ومواكبة تقنيات ومتطلبات العصر. لكن من قال إن العصرنة تفترض اطاحة هوية الدراما اللبنانية؟ ومن قال إن تطعيم الدراما الرمضانية بجغرافيا وتاريخ لبنان يبعد المشاهد عن الشاشات الرمضانية؟ سؤال يبقى من دون جواب ربما حتى انقراض هذه الموجة. والظاهر اننا لا نزال في بداياتها.

«لو» اولاً
نقد الكاتب غندور في مكانه حتماً. لكن عقل المشاهد اللبناني تحديداً والعربي عموماً لا يدخل في زواريب تقنيات الصناعة الدرامية. وهذا ما تثبته نسبة المشاهدين لمسلسلسلات رمضان اللبنانية. البداية مع «لو» من بطولة يوسف الخال ونادين نسيب نجيم وعابد فهد وممثلين آخرين من سوريا ومصر وهو من تأليف بلال شحادات ونادين جبر وإخراج سامرالبرقاوي، ويعرض على شاشة «إم تي في» اللبنانية، و«أو إس إن» الفضائية.البرنامج يحظى بأعلى نسبة مشاهدين بحسب إحصاءات شركة إيبسوس على مستوى المسلسلات اللبنانية بعدما كان مسلسل «إتهام» الذي تخوض فيه الفنانة ميريام فارس تجربة التمثيل للمرة الأولى تلفزيونيا والثابت أنها ادت دورها باتقان ملفت ونالت استحساناً كبيراً. لكن ذوق المشاهد اللبناني يختلف عن عملية التقويم العلمي والفني للمسلسل.
هي قصة مزاج! لنكن واضحين يقول أحد القيمين على شبكة البرامج في تلفزيون الجديد، هناك أولا التوقيت فموعد عرض المسلسل الذي يتزامن مع برنامج يلاقي نسبة عالية من المشاهدين يؤثر على نسبة المشاهدين اضف إلى ذلك المحطة التلفزيونية وثالثاً المونديال الذي اضاع تركيز المشاهد اللبناني. وعلى رغم انتهاء المونديال إلا أن اللبناني فضل متابعة المسلسل الأقل تعقيداً أو المسلسل الذي كان يعاد عرضه على إحدى القنوات الفضائية مما مكنه من متابعته لاحقاً على الشاشات اللبنانية. وعلى رغم الإنتقادات التي طاولت مسلسل «لو» على مستوى الإخراج الضعيف في مشاهد معينة وعدم تمكن ابطاله من تجسيد الإنفعالات والرومنسية المطلوبة في أغلبية المشاهد إلا أن المسلسل جذب المشاهد اللبناني في ال
درجة الأولى والعربي ثانياً خصوصاً مع تميز قصته الرومنسية المأخوذة عن فيلم أجنبي شهير بعنوان “Unfaithful” بطولة ريتشارد غير.

«عشرة عبيد صغار» بين اليوم والامس
«عشرة عبيد صغار» تتذكرونه حتماً. لكن شتان ما بين عصر أنطوان ولطيفة ملتقى واليوم. لكن المقاربة لا تجوز أقله على مستوى التقنيات والحبكة والموسيقى والمؤثرات الصوتية التي نجحت في الطبعة الجديدة بدليل انها اجتذبت وطبعت الخوف في نفوس الجيل الجديد.

مسلسلات مختلطة
تجربة المسلسلات المختلطة المصرية – السورية – اللبنانية كانت لافتة في الأعوام الأخيرة. وهذه السنة وصلت إلى ذروتها فازداد الطلب على الممثلين اللبنانيين في شكل خاص. لكن حتى في هذه التجربة سقط الرهان على استعادة الهوية اللبنانية. هنا نعود إلى رأي الكاتب غندور الذي قال: «الممثل اللبناني تخلى حتى عن لهجته اللبنانية فنراه حيناً يتكلم باللهجة السورية وحيناً آخر باللهجة المصرية. عيب والله عيب». وسأل «لماذا لا نرى الممثل السوري او المصري يفعل ذلك»؟ الجواب بسيط جداً بحسب غندور «لأنه لا يريد ان ينصهر بالخلطة الإنتاجية ولأنه يحترم هويته ولغته». ومن ابرز الوجوه المطلوبة في الإنتاجات المختلطة نادين الراسي التي نشاهدها في مسلسل «الإخوة» وقد أبدعت في دورها في هذا المسلسل الذي يلاقي نسبة عالية من المشاهدين. وايضاً كان حضور لافت وقوي لكل  من يوسف الخال وكارمن لبس وسيرين عبد النور التي لم تنل حقها هذا الموسم الرمضاني بسبب عرض مسلسلها «سيرة حب» على إحدى القنوات الفضائية المشفرة.

هموم الثورة السورية
وفي المقابل، سجل الإنتاج الدرامي السوري تراجعاً لافتاً هذه السنة وأغلبية الأعمال غاصت في هموم الثورة وفي الأزمة السياسية والإجتماعية التي يعانيها الشعب السوري وتجرأ على اقتحام قلب المدن السورية لينقل صوراً عن واقع ما من وجهة نظر غير منحازة وغير واضحة. وهذا ما تجلى في مسلسل «الحقائب» الذي يعرض على شاشة «إل بي سي». ولا يخفى على احد أن تداعيات الأزمة السورية أثرت على الممثلين السوريين وعلى الإنتاج السوري ومستواه. أما مواقف الممثلين السياسية فالواضح أنه كان لها الأثر الأبرز إذ تبين ان بعض الممثلين المؤيدين للنظام السوري انخفضت نسبة مشاهدة اعمالهم حتى عملية شراء المسلسلات او حجبها تم وفقا لتصنيف كل دولة للممثلين والعمل .

«باب الحارة» الى الوراء
ندخل «باب الحارة» في جزئه السادس. فعلى رغم تأكيد شركة «إيبسوس» نيله النسبة الأعلى من المشاهدين من بين مسلسلات رمضان إلا أن النقد الذي لحق بالمسلسل على مستوى النص والإخراج وحتى الممثلين كان كافياً لطرح اكثر من علامة استفهام حول دقة الإحصاءات وابتعادها عن الحسابات الفنية والسياسية وحتى المحسوبيات. واللافت ان البعض صرح بأنه كان يفترض أن يتوقف مسلسل باب الحارة عند الجزء الثالث على رغم استقطابه عدداً كبيراً من المشاهدين، «لكن الغلبة صارت للذوق التجاري خصوصاً بعد تحول الفن إلى تجارة وليس إلى صناعة ذات قيمة فنية او كما هو متداول الفن للفن».

هيفا: آداء لافت في «كلام على ورق»
المسلسلات الأضخم إنتاجاً لهذا الموسم الرمضاني كانت ثلاثة: «صاحب السعادة» للكبير عادل إمام و«جبل الحلا» لمحمود عبد العزيز و«كلام على ورق» الذي سجل حضوراً لافتاً للفنانة اللبنانية هيفا  وهبي حيث اجمع النقاد على براعتها في آداء دورها وذهب بعضهم الى حد القول ان براعتها في التمثيل فاقت براعتها في الغناء.

التاريخ في رمضان
أما المسلسل الأكثر كلفة فكان «سرايا عابدين» الذي بلغت كلفته نحو 4 ملايين دولار بين اجور ممثلين وإخراج وأكسسوارات. وعلى رغم الجدل الذي اثاره مسلسل «سرايا عابدين» لجهة الدقة في نقل الوقائع التاريخية التي تدور في فترة حكم الخديوي اسماعيل الا انه حظي بنسبة عالية من المشاهدين. وقد ابدعت فيه يسرا في دور الملكة الأم وأحمد عز في دور الملك.
على ذكر التاريخ واضح ان المسلسلات التاريخية والسياسية نالت حقها في رمضان الـ 2014. «من «صديق العمر» الذي اعاد حقبة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي لعب دوره الممثل السوري جمال سليمان، وصديق عمره «المشير عبد الحكيم» الذي يؤدي دوره باسم سمرة» مروراً بـ «السيدة الأولى» الذي يروي سيرة «سيدة» تقتحم عالم السياسة وتتزوج من رئيس جمهورية. وبعد موته تسعى لامتلاك السلطة . تؤدي دور السيدة الأولى الممثلة المصرية غادة عبد الرازق وقد شارفت حلقاته التي تعرض على شاشة «سي بي سي» و«أو إس إن» على نهاياتها، وصولاً إلى «حريم السلطان» الأكثر استقطاباً على المستوى الجماهيري.

الفوازير غابت
نسيتم «فوازير رمضان»؟ نحن لا لكن الواضح أن كل الفنانات والممثلات اللواتي خضن هذه التجربة بعد الممثلتين  المصريتين نيللي وبعدهما شيريهان لم يحظين بإعجاب المشاهدين واثبتت التجارب فشلها. ومعلوم أن كلفة «فوازير رمضان» هي الأغلى بين أجور الممثلين والتصوير والملابس والديكور. ولا أحد مستعداً لتبني هذه الخسارة فقط لأن فوازير رمضان تحولت إلى نوع من التقليد والتراث الرمضاني على شاشات التلفزيون.
واخيراً، وبحسب إحصاءات «إيبسوس»، لا يزال مسلسل «باب الحارة» يحتل مركز الصدارة بنسبة المشاهدين في موسم رمضان. اما المرتبة الثانية فاحتلها مسلسل «لو» يليه «الإخوة» فـ «إتهام» فـ «عشرة عبيد زغار». لكن اتهام إيبسوس بالتحيز وعدم الموضوعية دفع البعض إلى ترك التقويم للمشاهد.
والنتيجة؟ «حريم السلطان» الأكثر استقطاباً في عدد المشاهدين في شهر رمضان وكل المواسم نظراً إلى القصة التاريخية التي تؤديها نخبة من الممثلين الأتراك باحترافية يشهد لها كبار المخرجين والمنتجين، إضافة إلى ضخامة الإنتاج والكوريغرافيا.
شهر رمضان انتهى. لكن مواسمه على شاشات التلفزيون مستمرة. والمشهد الذي حمل الكثير من الإبهار في بداية الشهر كشف على واقع فيه الكثير من الإسقاطات والتأثر المباشر بواقع الثورات التي يتخبط فيها العالم العربي. وإلى الموسم المقبل.

جومانا نصر

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق