أبرز الأخبارعالم عربي

سوريا: حكم ذاتي كردي وجيب سني واخر علوي قيد التأسيس

هل تتجه سوريا نحو التقسيم؟ وهل البيئة السورية مهيأة للتقسيم؟ وكيف؟ اسئلة تفرض نفسها في ضوء معطيات يمكن تلمس ملامحها وسط كم الدماء المستنزفة بشكل يومي، ووسط رائحة الدمار الشامل الذي تعيشه مدن وقرى عديدة في جميع انحاء البلاد، وعلى وقع موجات اللجوء غير المسبوقة، والتي تؤشر عداداتها الى ما يتجاوز الثلاثة ملايين لاجىء تشردوا في جميع اصقاع المعمورة، وكان نصيب دول الجوار منهم الشيء الكثير.

تشير المعلومات المتسربة من اروقة القرار، ومن دوائر المتابعة والتحليل الى ان احد الخيارات المطروحة لحل الازمة السورية هو العمل على فك التشابك بين اطراف الصراع، وانهاء حالة التداخل القائمة والتي تؤشر على صعوبة التعايش السلمي بالصورة عينها التي كانت سائدة قبل الثورة.
 ويتم ذلك من خلال سيناريوهات محتملة، ابرزها فك ارتباط المناطق طائفياً بحسب سكانها، وبحيث تكون هناك كانتونات، احدها «سني» والآخر «علوي» والثالث «كردي».
تقاطعات تلك الخطوة تبدو عصية على الفهم احياناً، الا ان بعض التحليلات تلخصها بانها نوع من اللعب على وتر المصالح، وتوظيف تلك التقاطعات بمصالح آنية من جهة، ومؤجلة من جهة اخرى، ومن خلال عمليات الضرب تحت الحزام في كل الاحوال.
فالنظام السوري يدرك طبيعة اللعبة وتفاصيلها، ويعمد الى تشجيع فصولها، وتحديداً الفصل الخاص بالمشروع الكردي الذي يبدأ كمشروع للحكم الذاتي، ويمتد باتجاه الدولة الكردية التي يحاول الاكراد تأسيسها على مثلث تركي – سوري – عراقي. ذلك ان المتضرر الاكبر منها هو الخصم اللدود لدمشق تركيا التي توظف كل امكاناتها لحشر الاكراد في زاوية ضيقة، ومنعهم من التحرك في اي اتجاه. وثانياً، يغض النظام النظر عن الحراك الكردي مرحلياً بحكم ان الاكراد سيواصلون مواجهة التيارات السلفية والتكفيرية واصحاب الدولة الاسلامية في العراق وسوريا. وثالثاً، يمكن تأجيل المواجهة بين النظام السوري والاكراد الى مرحلة يكون النظام السوري قد التقط انفاسه واصبح قادراً على تقرير واقعه، اما بالاكتفاء بجيب علوي في الشمال، او تكثيف المواجهة مع اصحاب ذلك المشروع ومنازلتهم.

مواقف وقناعات
قبل الدخول في تطبيقات تلك الاسئلة على الارض، من المهم التوقف عند مواقف وقناعات لاطراف لها بصمات بارزة في السياسة الدولية بشكل عام، وفي تداعيات الملف راهناً.
في المقدمة، هناك قناعة للسياسي البارز ووزير الخارجية الاميركي الاسبق هنري كيسنجر ادلى بها خلال ندوة شهدتها نيويورك مؤخراً، ونظمتها مدرسة جيرالد فورد للسياسة العامة التابعة لجامعة ميشيغان، حيث اكد ان هناك ثلاث نتائج ممكنة لنهاية الملف السوري، وهي: إنتصار الأسد، او إنتصار السنّة، أو نتيجة تنطوي على قبول مختلف القوميات بالتعايش معاً، ولكن في مناطق مستقلة ذاتياً على نحو أو آخر، بحيث لا يقمع بعضها البعض. وبرر رؤيته بأن سوريا ليست دولة تاريخية وانه تم تحديدها بهذا الشكل من زاوية الرغبة في تمكين فرنسا من السيطرة عليها، الى جانب الدولة العراقية التي كانت تحت الانتداب البريطاني. ويخلص كيسنجر الى اعلان موقفه خلال تلك الندوة بأن تقسيم سوريا قد يكون هو الحل للازمة التي تعصف بها، من زاوية ان الصراع اساساً ليس صراعاً بين ديمقراطية ودكتاتورية وانما صراع طائفي.
ومثل ذلك شهادة للدبلوماسي الاميركي المخضرم دنيس روس، الذي قال ان الحل السياسي للازمة السورية اصبح بعيد المنال. واضاف روس في مقال له نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، ان الوضع في سوريا تحول الى واحدة من اكثر المآسي في القرن الحادي والعشرين، حيث تصاعدت حدة المعارضة من مقاومة مسلحة، الى حرب اهلية وحشية حصدت حتى الان ما يقرب من مائة الف شخص. واضاف روس، وهو مستشار معهد واشنطن ان هذا التصعيد يشكل تهديداً خطيراً، ليس لجيران سوريا فحسب، بل – نظراً لوجود الأسلحة الكيميائية في سوريا – الى المجتمع الدولي ايضاً. واشار روس الى استمرار انقسام المعارضة والى صعوبة
تدخل الولايات المتحدة لتحويل الوضع وميزان القوى في ظل تواصل الدعم الايراني للنظام السوري وتحول الصراع الى صراع طائفي.
  واكد دنيس روس ان التوصل الى حل سياسي للازمة اصبح هدفاً ميئوساً منه، لكنه تساءل عن امكانية استجابة الولايات المتحده للنتيجه الاكثر احتمالاً وهي  – بحسبه – تصدع سوريا وانهيارها؟
بموازاة ذلك، توقع تقرير إسرائيلي أن يشهد العام 2013 سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وتقسيم
الدولة العربية إلى دويلات عدة على أسس طائفية.
وذكر التقرير أن مدير مركز ديان للدراسات الشرق أوسطية في تل أبيب، عوزي رابي، لا يستبعد بعد سقوط نظام الأسد، تفكك سوريا طائفياً إلى ثلاث دويلات: كردية وسنية وعلوية، مشيراً إلى ما وصفه بـالجيب الكردي في شمال شرقي سوريا، وإلى تدفق العلويين إلى المناطق الساحلية، مثل طرطوس واللاذقية.
عند هذه «الشهادات» يتوقف بعض المحللين والمتابعين للشأن السوري، خصوصاً، ولتداعيات الربيع العربي عموماً، بما يمكن ان يكون ترسيخاً للقناعات بان احتمال تقسيم سوريا ليس بعيداً. وان تصاعد حالة التوتر في المنطقة يمكن ان تكون مؤشراً اضافياً على تعزيز تلك الفكرة، وتأكيداً بان مشروع التقسيم اصبح برسم التنفيذ.

نشاط كردي
عودة الى التساؤلات التي تطرح في هذا السياق، والتي تقفز الى واجهة الاهتمامات، فإنها تستند الى معلومات تؤشر على نشاط كردي مكثف تجري ترجمته من خلال مواجهات دموية مع اطياف متطرفة، تنتهي باعلان تحرير بعض المواقع، واخضاعها الى السيطرة الكردية. فالصدامات المتواصلة بين المسلحين السوريين والمليشيات الكردية اشتعلت في محافظة حلب و امتدت بسرعة الى مدن اخرى في شمال البلاد.
وادت الاشتباكات المتواصلة منذ 25 ايار (مايو) بين لواء التوحيد و حلفائه من جهة، وقوات الدفاع الكردية في مدينة حلب شمال سوريا من جهة اخرى،  الى مقتل اعداد كبيرة، حيث اندلعت  الاشتباكات بعد ان وجه المسلحون اتهامات الى المجموعات المسلحة الكردية بمساعدة القرى الشيعية المحاصرة ومنها قرى «النبل والزهراء». وادى القتال إلى تدهور أوضاع المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في عفرين، حيث نزح الآلاف من العرب والأكراد بعد  اشتداد الاعمال الحربية في حلب.
فقد واصل المقاتلون الاكراد تقدمهم في شمال سوريا، وسيطروا على عدد من القرى بعد طرد مقاتلين جهاديين منها، في وقت سادت حالة من انعدام الثقة بين العرب والاكراد في المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة بين الطرفين. واعلن المرصد السوري لحقوق الانسان ان الاشتباكات مستمرة بين مقاتلين من وحدات حماية الشعب، التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، ولواء جبهة الاكراد التابع للجيش السوري الحر من طرف، ومقاتلين من الدولة الاسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة وكتائب اخرى مقاتلة من طرف آخر في محيط مدينة تل ابيض بمحافظة الرقة، شمال البلاد.
وفي هذا الصدد، كانت هناك اشارات الى نجاح لواء جبهة الاكراد في أسر امير جبهة النصرة، المعروف باسم «ابو رعد» اضافة الى عدد من عناصر الجبهة.  ومن ثم مقايضة الافراج عنه باطلاق سراح مئات الاسرى من الاكراد الذين وقعوا في ايدي مقاتلي جبهة النصرة اثناء المواجهات التي ارتفعت وتيرتها مؤخراً.
في السياق عينه، أفاد حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي الموالي لـ «حزب العمال الكردستاني» أنه يسعى الى انشاء مجلس مستقل لإدارة المناطق الكردية إلى أن ينتهي الصراع في سوريا، في خطوة من المرجح أن تثير انزعاج المعارضة السورية وتركيا اللتين تشعران بالقلق من احتمال قيام دولة كردية. وقال رئيس الحزب صالح مسلم إنه تجري مناقشة المقترحات بين الجماعات الكردية، محدداً التصورات الخاصة بالتعاطي مع هذا الملف، ومشيراً الى أنه فور التوصل الى اتفاق ستجرى انتخابات في غضون ثلاثة أو اربعة أشهر لاختيار مسؤولي الإدارة. وزاد على ذلك بتوقع صدور قرار نهائي بهذا الموضوع خلال أسبوع أو اثنين.


  حكومة مؤقتة
وبالتوازي، صرح الناطق باسم الحزب نواف خليل من مقر إقامته في ألمانيا ان هذه الإدارة ستكون أشبه بحكومة مؤقتة، واضعاً عملية حماية الحدود، وتحسين الوضع الاقتصادي،  على رأس الاولويات.
وحاول خليل حسم القضية الخلافية التي تحولت الى «شبهة» وتتعلق بالعلاقة مع نظام الرئيس بشار، حيث اكد عدم اغفال «الصعيد العسكري» وشدد على ضرورة مواجهة نظام الرئيس بشار الأسد والمتمردين والأتراك، واضعاً الجميع في الخانة عينها، ومقدماً ملف الحكم الذاتي الكردي على كل تلك الاطراف التي اشار الى رغبة في تحسين العلاقات معها كـ «جيران». وهي الاشارة التي اعتبرت رداً على الاتهامات التي يطلقها مقاتلو المعارضة السورية تجاه حزب الاتحاد الديموقراطي بالعمل مع الأسد.
الاتهامات التي يطلقها المعارضون تتزامن مع معلومات بانهم لا يؤيدون وجود كيان كردي منفصل وهو ما تعارضه ايضاً تركيا التي ترى أن ظهور منطقة كردية شبه مستقلة في سوريا من شأنه أن يكسب مقاتلي «حزب العمال الكردستاني» جرأة اكبر.
وتجري محادثات منذ الشهر الماضي في أربيل بين حزب الاتحاد الديموقراطي ومنافسه الرئيسي الحزب الديموقراطي الكردي في سوريا تحت  إشراف رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني. لكن الجانبين لم يتوصلا الى اتفاق بعد.
الحراك الثوري الكردي الذي حاول البعض وصفه بانه جزء من الحراك الثوري العام في البلاد، فتح الباب امام حالة بدت وكأنها «عامة» وتؤشر على مشروع طالما جرى الحديث عنه همساً، والمتمثل بمشروع تقسيم سوريا ككل. وهو المشروع الذي يعتقد محللون انه مطروح، وانه قد لا يتوقف عند حدود القطر السوري، ويندرج ضمن اطار اتفاق «سايكس بيكو» جديد.
غير ان بعض التقاطعات من شأنها ان تضع المشروع كله على المحك، وتدفع الى التشكيك بصدقيته. السبب في ذلك معلومات تؤشر على قدر من التنسيق بين الاكراد والنظام. وهي المعلومات التي تخلص الى تساؤلات حول امكانية ان يقوم النظام بالتنسيق مع اي طرف وصولاً الى مشاريع تتقاطع مع مصالحه؟

الا ان عملية التشكيك تلك تتوقف عند بعض الحواجز السياسية والامنية التي تؤكد ان الظرف الذي تمر به البلاد ظرف استثنائي، وان التحالفات لا بد ان تكون متغيرة، ومرحلية في الكثير من جوانبها. كما تكون محكومة بالمصالح اللحظية لاطراف العلاقة.
ويخلص بعض التحليلات الى قناعة بان تحالفات المرحلة تندرج ضمن اطارين، الاول: تحالفات ثابتة، ومنها – على سبيل المثال – تحالفات النظام مع ايران وروسيا، اضافة الى بعض التحالفات الداخلية.
اما الثاني: فيمثل تحالفات متغيرة، ويمكن وصفها بأنها اشبه بـ «الرمال المتحركة»، وبحيث يحاول كل فريق توظيفها من اجل الوصول الى هدف معين، او تجاوز صعوبات معينة، خصوصاً ما يمكن ان يقدم خدمة مباشرة وغير مباشرة للطرفين معاً.
من هنا يقرأ البعض من المحللين ما يجري بانه لا ينطوي على قدر من التناقض، بقدر ما هو توافقات مصلحية مؤقتة تفيد الطرفين. والقراءات في هذا الصدد تفضي الى ان مصلحة الطرفين «النظام والاكراد» تلتقي عند دحر جبهة النصرة، وعند ادامة الاستنزاف للمعارضة وفي مقدمتها الجيش الحر، وبالتالي تهيئة الظروف لحالة معينة قد تكون المواجهة بين من يتصدرون المشهد من ابرز الاستحقاقات، وعندها تختلف الحسابات، وتتشكل تحالفات جديدة دائمة ومرحلية. ويسعى كل طرف الى حسم المواجهة لصالح مشروعه.
باختصار، بدا واضحاً ان هناك مشروعاً كردياً، يتخطى حدود سوريا، ويرتبط مع حراكات كردية في دول الجوار، خصوصاً في تركيا والعراق. وهو المشروع الذي يتكىء على حلم قديم جوهره اقامة الدولة الكردية على كامل ارض كردستان في الدول الثلاث.
ويبدو ان المشروع الكردي العراقي ضمن منطقة كردستان العراقية قد شجع الآخرين على السير في المسار عينه، ولكن ضمن تنسيق متواصل مع الاطراف الاخرى، ومن خلال دعم سياسي ومادي وعسكري من قبل الحكم الذاتي العراقي الذي اصبح اشبه بدولة لها مقوماتها ويصعب احداث اي تغيير او مساس بهذه المقومات.

استمرار الاشتباكات
في سياق المشروع الكردي السوري، تتواصل الاشتباكات في محافظة الحسكة، وتحديداً في منطقة جبل آغا بين مقاتلي وحدات حماية الشعب والمقاتلين الاسلاميين المتطرفين. وتشير تقارير لاطراف متابعة الى سيطرة المقاتلين الاكراد على العديد من المواقع. واندلعت المعارك بين الطرفين في مدينة رأس العين الحدودية مع تركيا التي تمكن الاكراد من اخراج مقاتلي الدولة الاسلامية والنصرة منها، قبل ان تتوسع الى مناطق اخرى. وقد حصدت عشرات القتلى وعمقت الفجوة بين السكان الاكراد والعرب في هذه المناطق.
ونقلت التقارير عن الناشط الكردي هافيدار ان الثقة لم تكن قائمة على الصعيد السياسي بين الطرفين منذ بداية الثورة.

وفي اشارة الى ابتعاد الاكراد عن الثورة، قال هافيدار: «نحن وقفنا الى جانب الثورة، الا ان المعارضة السورية للاسف لم تتوقف عن ممارسة الالاعيب مع الاكراد وقامت بتهميشهم. ما ادى الى انقسام واضح».
وبالتوازي، يتهم بعض اطراف المعارضة السورية شريحة من الاكراد، لا سيما حزب الاتحاد بالتنسيق مع النظام. وتستند تلك الاطراف في اتهاماتها تلك الى فشل المفاوضات بين الاطراف الكردية والائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية في ضم الاحزاب الكردية الاساسية الى الائتلاف.
كما تستند الى انسحاب قوات نظام الرئيس بشار الاسد من المناطق الكردية من شمال البلاد منذ منتصف العام 2012، حيث ادرجت خطة الانسحاب هذه في اطار رغبة النظام باستخدام قواته في معاركه ضد مجموعات المعارضة المسلحة في مناطق اخرى من البلاد، وتشجيعاً للأكراد على عدم الوقوف الى جانب المعارضين.
وبرر الاكراد موقفهم بانه مجرد رغبة بابقاء مناطقهم في منأى من العمليات العسكرية والاحتفاظ فيها بنوع من «الحكم الذاتي»، حيث يشكلون نسبة 15 في المئة من سكان سوريا. في السياق عينه، وضمن اطار التأكيد على وجود مشروع كردي للانفصال، لم يخف مسؤولون اكراد ذلك الطموح، حيث نقلت وسائل اعلام عن عدد منهم ان هناك توجهاً لتشكيل حكومة مستقلة لإدارة مناطق وجودهم في شمال سوريا. وقال سكرتير حزب الاتحاد الديموقراطي صالح مسلم: ان الازمة لا نهاية قريبة لها. وان الحاجة ماسة الى تشكيل ادارة ذاتية ديموقراطية في منطقة غرب كردستان، وهي المنطقة ذات الاغلبية الكردية في شمال سوريا، خصوصاً مناطق الحسكة وبعض اجزاء من محافظة حلب.
ما يعني ان اجراءات على الارض قد بدأت امام سمع وبصر النظام السوري الذي يغض النظر عن المشروع ويوظفه في مجالات تفضي الى خدمة مشروعه. وما يعني ايضاً ان الاسابيع او حتى الاشهر القليلة المقبلة ستشهد اعلان مشروع كردي على الارض السورية.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق