مصادفات ملفتة عشية الاذعان الاسرائيلي

من السابق للأوان، القول، اذا كانت قناة «1-24 اخبار» منافسة للعربية، والجزيرة. وسي. ان. ان. كما انه من المبكر، التأكد مما اذا كانت ستبقى وفية للشعار الذي اطلقته: «ان تنظر الى ابعد»، ام انها وضعته للدعاية؟
الشيء المؤكد الوحيد، حتى الآن، هو ان قناة «1-24 اخبار» انطلقت، منذ يوم الاربعاء الماضي، محطة اخبار تلفزيونية، عالمية، اسرائيلية، وان مكاتبها في يافا، وليست في تل ابيب او القدس. بتمويل اسرائيلي خاص، ويشكل رجل الاعمال الفرنسي – الاسرائيلي باتريك دراهي الذي لا نعرف عنه الشيء الكثير، احدى قواعد المحطة الجديدة، بينما يجلس عقل المحطة «المفكر» في امارة اللوكسمبورغ مركز دراهي المالي. بينما مهندسها، هو الديبلوماسي الفرنسي السابق، فرانك مللول، الذي كان ساعد الرئيس الفرنسي الاسبق، جاك شيراك، على اطلاق محطة «فرانس – 24» التلفزيونية، التي تبث الاخبار، على مدى ساعات النهار والليل، بينما بنت الشركة الجديدة، مكاتبها في احد عنابر مرفأ يافا، الذي جرى تجديده، في السنوات الاخيرة، لاستقبال الشباب والسياح، لمنافسة تل ابيب، وسيعمل في مستودع البضائع المرفئية، الذي جرى تحويله الى مكاتب واستوديوهات تستقبل 250 شخصاً، منهم 150 صحافياً.
الهدف المعلن
الهدف المعلن، هو نقل صوت ووجهة نظر اسرائيل، وتفسيرها للامور والمعطيات، الى العالم، على مدى 24 ساعات،ولكن مللول، يحرص على القول: «ولكننا لسنا الناطقين باسم حكومة دولة اسرائيل. كما ان محطة «1-24 ساعة اخبار» ليست يمينية ولا يسارية، ولا دينية، ان الذي نسعى اليه هو ازالة الاحكام المسبقة على اسرائيل وان نشرح للرأي العام الدولي، ان لهذا الشعب مكاناً في المنطقة».
خطة عمل وبرامج المحطة، تشبه الى حد بعيد، عمل محطات سي. ان. ان والعربية والجزيرة، اي نشرات اخبار متواصلة، وتحقيقات وحوارات مباشرة واحاديث. بثلاث لغات: الانكليزية، والفرنسية، والعربية. ولا نية في اطلاق نسخة بالعبرية، حتى الآن، لان جمهور المستمعين الداخليين، لا يهم. وستعتمد المحطة، مراسلين من القدس، وتل ابيب، وغزة والناصرة والقاهرة وغيرها من العواصم. بينما ستتولى محطة «القناة الثانية» الاسرائيلية، مدّ المحطة الجديدة، بصور وافلام ووثائق الارشيف التي تحتاج اليها، وهي كبرى محطات التلفزيون الخاصة في اسرائيل. واعتمدت المحطة الجديدة نجم تلفزيون القناة الثانية، مراسلها السابق من غزة، سليمان الشافي، الذي يعتبر «انه من الضروري ان يعرف الناس، ماذا يحصل، في غير دول الربيع العربي ولكن من المفروض رواية كل النظريات، ونحن سنتولى تقديم الاخبار، في شكل واقعي».
صنع اسرائيل
ويقول المقربون من المحطة الاخبارية الجديدة، انها ستعتمد الابتعاد عن تأثير الحكومة الاسرائيلية، وضبطاً حكومة بنيامين نتانياهو، وربما كانت مصادفة، ان تكون المحطة بعد 3 سنوات ضبطاً، من فكرة اطلقها نتانياهو، من اجل محطة اخبارية تبث على مدى 24 ساعة اخباراً «صنع اسرائيل». كان ذلك في 15 تموز (يوليو) 2010، حين لم يتردد نتانياهو، في الاشادة، بـ «فرانس 24». «القناة التي قدمت خدمة كبيرة لفرنسا»، واردف نتانياهو يومها امام لجنة برلمانية: «ان لدينا الطاقة الفنية على تنظيم بث برامج بلا انقطاع. ولكننا لم نفعل حتى الآن».
وتروي معلومات، ان الفكرة الاساسية، كانت ان تبث المحطة باللغات العبرية، والعربية والانكليزية، ليس في هدف نقل وجهة النظر الاسرائيلية، فحسب، بل كذلك، مواجهة محطتي العربية والجزيرة.
وولدت اليوم «1-24 نيوز».
مصادفة
«مصادفة» مع مفاجأة اخرى، فان كثيرين في حكومة اسرائيل، واكثرية سكان تل ابيب، المقتنعين بان مدينتهم العابثة على ضفاف البحر الابيض المتوسط، بعيدة ما فيه الكفاية، عن التوترات التي تعصف بالمنطقة. كانوا يرددون: «ومن هو الذي لا يزال يهتم بالصراع الفلسطيني – الاسرائيلي؟!».
ولكن هناك من لم يتوقف عن الاهتمام والقلق، ربما ليس محبة، لان القضية خطرة ومملوءة بالمخاطر، حتى عندما لا تكون عنيفة.
وهكذا توصل جون كيري، بعد حوالي ثلاث سنوات من الصمت، الى اعادة خصمين مختلفين على كل شيء، الى طاولة الحوار.
بعضهم اعتبر ما يحصل اعجوبة، وليس تحولاً.
ففي التصريح الاول الذي يدلي به، بعد اعلان جون كيري عن عودة الفلسطينيين والاسرائيليين الى الحوار، اكد بنيامين نتانياهو، ان استئناف الحوار «هو في مصلحة (بلاده) الستراتيجية» واردف: «ان السعي الى انهاء الصراع بيننا وبين الفلسطينيين امر مهم، في حد ذاته، ومهم بالنسبة الى التحديات التي نواجهها، وخصوصاً ايران وسوريا».
ولكن جريدة هآرتز، تحدثت عن «تهديدات دولية»، وجهت الى نتانياهو، اضافة الى الضغوط، ادت الى تحقيق الاختراق. واعتبرت ان المعلومات الطويلة، ستساعد نتانياهو على كسب الوقت، قبل ان يستسلم لاتخاذ القرار الذي يخشاه، ويعرف انه لا بد منه اي تقسيم الارض وقيام الدولة الفلسطينية.
ولن يكون القادة، الذين يتولون العودة الى الديبلوماسية، وانما المفاوضون «ليس بيبي نتانياهو ومحمود عباس، وانما تسيبي ليفني وصائب عريقات، مع التأكيد على ان المسار سيكون طويلاً جداً».
فالمفاوضات ستستمر على مدى 18 شهراً على الاقل.
ورأت هآرتز، ان نتانياهو، قد يحقق مكاسب تكتيكية من وراء مناوراته، مثل اعلانه في بداية مجلس الوزراء: «رفضت الافراج عن 120 سجيناً قبل البدء بالمفاوضات ولم تجر الاشارة الى حدود 1967». ولكن المشاكل الحقيقية، تنتظره عند مفترق الطريق. لانه سيتم الافراج عن اسرى ما قبل اتفاقية اوسلو، بالتقسيط: وستتم السيطرة على بناء مستوطنات معزولة، ولن يتم التفاوض على الحدود، الا على اساس خطوط 1967، ولو في اطار تعديلات. ولان الامر لا بد منه، عمدت حكومة اسرائيل، الى الاعلان، عن انها ستفرج خلال الاسابيع المقبلة عن العشرات، شاركوا في عمليات دموية. واتصل شيمون بيريز، برئيس الدولة الفلسطينية، مهنئاً بالعودة الى التفاوض، وشدد على ضرورة الاستمرار في العمل الذي بدأناه سوية: اتفاقية اوسلو في العام 1993.
اطلاق مساجين
وحددت اذاعة الجيش الاسرائيلي ان 82 سجيناً، سيتم اطلاقهم تدريجاً، خلال الاشهر المقبلة ترادفاً مع المفاوضات. مع العلم ان هناك 169 سجيناً، لم توجه اليهم اية تهمة.
وسيتم الافراج عن مجموعة من 20 خلال اسابيع، تسعة منهم في السجن منذ 1985.
فقد يكون نتانياهو في نظر هآرتز: «اشترى» بعض الوقت، 6 اشهر ام سنة، ولكنه سيضطر بعدها، الى اتخاذ القرار الدراماتيكي، الذي يخافه، «فهو يعرف انه لا بد من تقاسم الارض». والتفاوض على كل شيء. بما فيه الشروط التي كان يعتبر الفلسطينيون ضرورة تحقيقها مسبقاً، قبل العودة الى طاولة المفاوضات.
ولم يكن الاميركيون وحدهم، في العالم، الذين كان الصراع يقلقهم، بالرغم من ان عدد ضحاياه انخفض الى الحد الادنى. فالاتحاد الاوروبي، لم يتوقف عن الاهتمام والقلق، ادراكاً من ان هذا الصراع، يبقى تهديداً خطيراً، وان كان في المستقبل غير القريب. واشار ديبلوماسيون اوروبيون الى «الاسبوع العربي» ان قرار الاتحاد الاوروبي، يفرض اصولاً جديدة على العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتكنولوجية والاكاديمية، مع دولة اسرائيل، لا سابقة لها، وليس توافق توقيتها مع استئناف المفاوضات، مجرد صدفة.
فان 28 دولة اوروبية، قررت ان يكون لكل اتفاق يعقد مع اسرائيل، بعد الاول من كانون الثاني (يناير) 2014، «صفة حدودية»، تفرض تطبيقه فقط، على حدود دولة اسرائيل، المعترف بها من المجتمع الدولي، اي تلك التي كانت قائمة قبل حرب 1968، وليس اذاً في الضفة الغربية، ومرتفعات الجولان والقدس الشرقية العربية، التي استولت عليها اسرائيل، ولا بد بعدئذٍ من ان تشير الاتفاقات «صراحة وبطريقة لا تترك مجالاً للبت، الى عدم تطبيقها في الاراضي المحتلة»، فلا بد اذاً لكل شركة ام مؤسسة اسرائيلية، تعقد اتفاقاً مع الاتحاد الاوروبي ان تعترف بان هذه الاراضي، ليست اسرائيلية، اي الاعتراف بما لم تفعل حتى الآن، اية حكومة اسرائيلية سابقة، بما فيها حكومات اليسار العمالي. هذه الشروط، اعتبرها سياسيون وصحف اسرائيلية «عقوبات». وهددوا بالانتقام، بدلاً من التفهم والفهم، بينما ليس في النصوص الاوروبية، اي شيء يثير الشك، بعدم الاعتراف بسيادة اسرائيل، داخل الحدود المعترف بها من العالم كله. ولم يسبق لاحد حتى في الولايات المتحدة، في استثناء بضع جزر، في مجموعة «ميكرونيزيا». ان اعترف بالضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان، اراضي اسرائيلية.
المنطق والعقل
ويرد الاوربيون على من يتهمهم باعتماد العقوبات، ان المادة التي تتحدث عن الحدود، تحول دون فرض عقوبات ولكن لا بد لاسرائيل من العودة الى المنطق والعقل.
وفي المقابل سعى الاتحاد الاوروبي الى توحيد القرار حول طلب بريطانيا، وضع الذراع العسكري لحزب الله، على لائحة المنظومات الارهابية، والابقاء على الحوار مع الجناح السياسي في الحزب، فواجه العرض البريطاني معارضة جعلها تتراجع عن ان يشمل القرار حزب الله بكامله، لاسباب عدة، لانه يصعب التمييز بين جناح عسكري وسياسي. وعلى ضوء انعكاساته على استقرار لبنان، حيث تشارك فرنسا واسبانيا وايطاليا، في قوة حفظ السلام في الجنوب اللبناني، وتقول مصادر فرنسية، ان باريس، تحولت الى الموافقة، على ضوء مشاركة الحزب في الحرب السورية، وتحتاج قرارات الاتحاد الاوروبي الى الاجماع. وستتناول العقوبات الناتجة، سمات الدخول وتجميد علاقات الحزب الاقتصادية مع اوروبا، مما يعقد حصوله على تمويل من اوروبا.
ج. ص
الرجل الذي يقضي اطول وقت لاجئاً في احد المطارات
المحلل الانترنيتي ادوارد سنودون، انهى في الاسبوع الماضي اقامة اربعة اسابيع، «سجين» منطقة الترانزيت في مطار شيريمينييفو، في موسكو ملاحقاً طلب اللجوء، الى اي مكان، هرباً من مطاردة الولايات المتحدة له، بتهمة كشف اسرار حكومية.
وفي هذا الوقت، يستمر وجه آخر على مسافة 3000 كلم، في قازاخستان الجارة، في وضع مماثل، قطع مدة توازي اربعة اضعاف، اقامة الاميركي الهارب، في مطار موسكو. فان محمد البهيش، يقيم في مطار في جنوب شرق قازاخستان، قرب الحدود مع قيرغيزيستان، حيث يصعب عليه، ان يجد حتى من يتحدث معه، وحيث يصعب عليه ان يشتري حتى فنجان قهوة، اذا اشتهى، نظراً الى ارتفاع الاسعار.
والاسوأ، هو ان هذا الشاب الفلسطيني المولود في العراق، الذي لا يستطيع الدخول الى قازاخستان، لا يستطيع الحصول على تأشيرة دخول الى اي بلد آخر، ولا تسمح له اسرائيل بدخول غزة. وقد يستطيع العودة الى العراق، حيث ليست له اية روابط عائلية، وحياته في خطر.
محمد البهيش، روى لـ «بي. بي. سي» انه يقضي لياليه، في «حجرة» لا تزيد مساحتها عن 6 امتار مربعة في المطار ولا يأكل اكثر من الوجبات التي تقدم لركاب الطائرات، فهو لم يأكل طوال شهر حزيران (يونيو) الماضي، سوى اللحم والفطر، فاضحى يكرههما.
الاتصال الخارجي الوحيد، هو التحدث، عبر سكايب، مع ابن عمه الذي يقيم في النروج، عندما يسمح له رجال الامن وضعف التواصل الانترنيتي، وليس ابن العم هذا، سوى القريب الوحيد الذي له على هذه الارض.
وكان محمد ذهب الى قازاخستان برفقة زوجته، ابنة البلد، الحامل، التي تعرّف اليها في دبي.
ولا تسمح له قازاخستان، كما تركيا بدخول اراضيهما، بجواز السفر الذي حصل عليه للخروج من تركيا، كلاجىء.