سياسة عربية

اصدقاء سوريا: بيان ضبابي يرحل الازمة الى «جنيف – 2»

كان واضحاً منذ البداية ان مجموعة «اصدقاء سوريا» لم تعد بالتماسك عينه الذي كانت عليه سابقاً، خصوصاً في مجال الرؤية الخاصة بحل الازمة، حيث ترددت المجموعة – بداية – في توجيه الدعوة الى المعارضة السورية من اجل المشاركة في لقاء العاصمة الاردنية عمان خلال الاسبوع الفائت، باعتباره اللقاء الذي يسبق مؤتمر جنيف الثاني، والذي ستطرح خلاله تصورات الحل التوافقي الروسي – الاميركي بنسخته المعدلة.

بعد يومين من اعلان رسمي بأن المعارضة السورية لن تشارك في اعمال اللقاء، عادت المجموعة الى توجيه الدعوة الى رموز من المعارضة بالحضور، وتم تبيلغ الدعوة قبل اقل من 12 ساعة من موعد اللقاء الذي شارك فيه وزراء خارجية كل من الاردن والسعودية والامارات ومصر وقطر والولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وفرنسا وتركيا والمانيا وايطاليا، اضافة الى ممثلي المعارضة السورية. وبالتزامن حدثت ملاسنات بين الحكومة الاردنية والسفير السوري في العاصمة الاردنية، الذي وصف الاجتماع بانه «لقاء اعداء سوريا» وليس اجتماعاً لاصدقائها. ورد عليه وزير الخارجية الاردني بالتمني على السفير ان يكون اكثر علماً بالدبلوماسية.
وبعد ما يزيد عن خمس ساعات من النقاش، وعلى العكس مما جرى تداوله خلال الجلسة العلنية، خلص البيان الختامي لمؤتمر أصدقاء سوريا، إلى بيان ختامي استبعد أي دور مستقبلي للرئيس الأسد، ووعد بتكثيف دعم المعارضة حتى تأليف حكومة إنتقالية تتمتع بصلاحيات الرئيس، الا ان البيان بدا أكثر ضبابية في ظل تأكيدات مباشرة وصريحة لوزير الخارجية الأميركي عن أن مصير الرئيس السوري يقرره الشعب، الامر الذي يفتح باب الجدل حول تفسير طبيعة وتفاصيل المرحلة الإنتقالية وشكل تلك المرحلة.
وما دفع الى تلك الرؤية الاجتهادية ان موسكو سبق وان المحت إلى أنّ صلاحيات واسعة لحكومة مرحلة كهذه يجب الا تشمل موضوعي الأمن والجيش.

دعوة ايران وحزب الله
وبالتوازي مع الحديث عن الحل السلمي لوّح اجتماع عمان مجدداً بخطوات أخرى تتعلق بالتعاطي مع الملف، ومنها دعوة إيران وحزب الله الى سحب مقاتليهما على الفور من الأراضي السورية ووصف وجودهما المسلح في سوريا بأنه تهديد لاستقرار المنطقة.
وفي السياق عينه، أعلنت الدول الاحدى عشرة أنها ستواصل زيادة الدعم للمعارضة السورية بانتظار نجاح المبادرة الروسية – الأميركية. الا ان المجموعة توقفت عند قضية اساسية تمثلت في تشرذم المعارضة، وبالتالي الربط بين أي دعم سياسي او لوجستي وتحول اطياف المعارضة الى جسم واحد يتمتع بثقل مؤثر من جهة، ويمكن التعامل معه كوحدة واحدة من جهة ثانية. وفي الوقت نفسه فقد تواصلت المناقشات حول جدوى دعم المعارضة، والتخوفات التي يمكن ان تنشأ جراء ذلك، وامتدت تلك المناقشات الى عواصم اوروبية. فبموازاة لقاء عمان، ومن العاصمة الفرنسية باريس تحديداً، أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أنهما سيحاولان إقناع الأوروبيين برفع الحظر عن الأسلحة الى المعارضة السورية.
وبعد لقائهما في الاليزيه قال هولاند: إن رفع الحظر ممكن بشروط محددة، وهي معرفة وجهة الأسلحة واستخدامها. بدوره أشار كاميرون إلى الحاجة إلى حلّ سياسي للنزاع، مشيراً إلى أنّ الإقتراح الروسي والأميركي هو المقاربة الصائبة لذلك. المعلومات التي تسربت من اجواء لقاء عمان، اشارت الى نوع من الشد بين بعض الاطراف. فبينما ابدى رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم تحفظه على عدم معاملته كممثل لـ «دولة كبرى» ومؤثرة في موضوع الملف السوري، تقدمت المعارضة بورقة حملت مشروع مبادرة لحل الازمة. وتنص المبادرة التي اطلقها الرئيس المستقيل للائتلاف الوطني احمد معاذ الخطيب، على أن يعلن بشار الأسد وخلال عشرين يوماً من تاريخ صدور المبادرة قبوله بانتقال سلمي للسلطة، وتسليم صلاحياته كاملة إلى نائبه فاروق الشرع أو رئيس الوزراء الحالي وائل الحلقي، وأن يحلّ مجلس الشعب وينقل صلاحياته التشريعية الى الشخص المكلف بصلاحيات رئيس الجمهورية. وأن يعطى رئيس الجمهورية الحالي مدة شهر لإنهاء عملية تسليم كامل صلاحياته، وبأن تستمر الحكومة الحالية في عملها مائة يوم من تاريخ تسلُّم الشخص المكلف صلاحيات رئيس الجمهورية الحالي. وتنص أيضاً على أن يُعطى الشخص المكلف كامل الصلاحيات التنفيذية لإدارة سوريا، ويُستبعَد من المسؤوليات كل من تشمله لائحة العقوبات الدولية، على أن تقوم الحكومة بصفتها المؤقتة وخلال المائة يوم بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية. وتتضمن المبادرة اطلاق سراح المعتقلين، ومغادرة الرئيس الحالي البلاد هو وفريقه. غير ان المجموعة لم تتعامل مع المبادرة باي اهتمام، ليس بحكم انها مبادرة مطورة عن سابقة قدمت في اجتماع اسطنبول، وانما بحكم ان التوافق الدولي قد تجاوزها، وان المشروع الروسي – الاميركي اسس لحالة جديدة، قد تصطدم ببعض العقبات، لكنها تبقى المشروع الاكثر عمقاً، والى قدر كبير الاكثر قبولاً.

حل سياسي
عودة الى البيان الختامي، والذي سيطرت عليه مهمة انجاح مؤتمر «جنيف -2» حيث اكد المشاركون على ما جاء في اجتماعاتهم السابقة في روما واسطنبول والتي تؤيد حلاً سياسياً في سوريا على اساس مخرجات اجتماع جنيف في 30 حزيران (يونيو) 2012. وابدوا دعمهم للمشاركة في اجتماع «جنيف -2» من اجل التطبيق الكامل لمخرجات «جنيف -1» لوضع حد لنزيف الدم والاستجابة للمطالب الشرعية للشعب السوري وحفظ وحدة الاراضي السورية ودعم الوحدة الوطنية بين جميع مكونات الشعب السوري. ودان المشاركون بشدة استخدام الاسلحة الثقيلة ضد الشعب السوري بما في ذلك الصواريخ البالستية والتطهير العرقي الذي يمارسه النظام كما حدث مؤخراً في بانياس، واكدوا دعمهم لجهود الولايات المتحدة وروسيا بعقد مؤتمر دولي حول سوريا لمتابعة التطبيق الكامل لاعلان جنيف من اجل وضع حد لنزف الدماء واستجابة للمطالب الشرعية للشعب السوري والذي يدعو الى المحافظة على وحدة الاراضي السورية ودعم الوحدة الوطنية بين جميع مكونات الشعب السوري.
وحدد المجتمعون في بيانهم اسس الحل السياسي ليقوم على تشكيل حكومة انتقالية خلال اطار زمني يتم الاتفاق عليه لتستلم مهامها وسلطاتها الكاملة بما في ذلك السلطات الرئاسية، بالاضافة الى السيطرة على جميع القوات المسلحة والاجهزة الامنية والمخابرات، ومن خلال اتفاق اطار لمرحلة انتقالية محددة، مؤكدين ان الهدف النهائي للعملية الانتقالية يجب ان يضمن تبني دستور جديد وحقوق متساوية لجميع المواطنين، وبحيث لا يكون للرئيس الاسد ونظامه ومساعديه المقربين اي دور في مستقبل سوريا.

عواصم – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق