دوليات

ازمات خانقة وحروب مدمرة تنهك العالم

يعيش العالم، مرحلة صعبة، من التاريخ الذي نعرفه، يتخبط في ازمات اقتصادية خانقة، وحروب مدمرة، وقاتلة، كل واحد يسعى الى مواجهتها واستغلالها، على طريقته، باصلاحات ناجحة ام فاشلة، وتدابير تقشف وانماء، رسمية وفردية.

سكان مدينة برشلونة، عاصمة اسبانيا، الاقتصادية، يسعون الى معالجة الازمة، بطريقة مباشرة، كدنا ننساها، نحن معشر المشارقة. فانشأت حركة اسمها «جمعيات الجيران»، اجتمعت 101 منها، في اتحاد يضم 50 الف عضو، يتوزعون على انتماءات سياسية كثيرة التنوع: «اننا نقوم بمعالجة متشعبة لامتصاص ذيول الازمة. فنقدم الوجبات الغذائية الى اطفال لا يستفيدون كثيراً من مساعدات الدولة، والى طاعنين في السن، ونؤمن مكتبات عامة شعبية في الاحياء المحرومة. انه قليل ولكنه مفيد».
وفي حيّ «بوبله سك»، اسست حوالي 20 عائلة، روضة اطفال، تديرها ذاتياً تستقبل اطفالاً، تتراوح اعمارهم بين 8 و19 شهراً، خمسة ايام في الاسبوع، مقابل 80 الى 150 يورو في الشهر، يتولى شؤونهم مهنيون، يسعون الى زيادة مداخيلهم المنهارة ورفع المساعدات الاجتماعية، التي تدنت.
ومن الذين يعتمدون على هذه الحضانة، خبيرة نفسية في القطاع العام، لم تعد مداخيلها تكفيها لارسال ولديها (8 سنوات وسنة ونصف السنة) الى دار حضانة طبيعي.

التحول الى الزراعة
وفي الناحية الاخرى من برشلونة، في حي باكو، انتقل باكو، 55 سنة، من القطاع العقاري المنهار، الى زراعة الطماطم والكوسا والبطاطا في المزرعة الجماعية، التي اسسها امثاله، يتقاسم مداخيلها مع سائر «الشركاء».
وعلى مدخل حي «كان باثيو»، يافطة «شارع 11 حزيران (يونيو) 2011، الذي يقوم على امتداد تجمع صناعي يعود الى سنة 1880، في قلب حي سانتس، الذي كان قاعدة صناعة النسيج في برشلونة. وعلى طول شارع 11 حزيران (يونيو) 2011، تزدهر عربات شباب الحي الذين تحولوا الى باعة متجولين، ومقاه جماعية، يجلس فيها، جنباً الى جنب كما في مكتبة الحي التعاونية، الشباب والشيوخ، وتقرأ الامهات الاساطير، الى اطفالهن، بصوت منخفض. بينما يعمل تجمع مهندسين على استثمار مساحات خضراء لاستعمال آخر.
ولكن، في اسبانيا، هناك حالة نزاع اقتصادي، وسط بطالة تسجل 6202700 عاطل عن العمل، يشكلون 27،2 في المئة من مجموع اليد العاملة. و57 في المئة من الشباب الذين هم دون الخامسة والعشرين، كما ينتشر كذلك لصوص «القمامة». ويكفي التجول في شوارع اية مدينة كبرى من برشلونة الى خيرونة الى مدريد… لترى فتياناً، ينزلون الى الشارع، مع غياب الشمس، يملأون شاحانتهم بما انتقوه من حاويات القمامة، وخصوصاً الورق والكرتون، التي رماها سائر الناس.
وفي برشلونة وحدها، صادرت الشرطة، خلال يومين، شاحنة لان القوانين هناك، تعتبر هذا العمل غير قانوني، فالقمامة هي ملك البلديات. ولكن «لصوص» القمامة، لا يرتدعون، لان «الجمعية الاسبانية للورق والكرتون» تدفع 103 يورو مقابل كل طن من الورق والكرتون، ولان كل شاحنة تتسع لاربعة اطنان منهما على الاقل. في معنى ان عائدات كل شاحنة قد تصل الى 412 يورو.
مصادر الشرطة، تقول ان حل المشكلة ليس في تلك السهولة، لان لا مسؤولية على تجار الورق، بينما لا نستطيع معاقبة لصوص القمامة هؤلاء، لانهم يجوعون، ولكن بلدية برشلونة، لم تتردد، لان اوضاعها المالية، منهارة هي الاخرى. فطلبت من قواها الامنية ملاحقة سرقة الورق والكرتون ومعاقبتهم.

سرقات من نوع آخر
وفي الاسبوع الماضي شهدت شوارع اوروبا، الاخرى سرقات من نوع آخر، وليست في الضرورة، لمكافحة الجوع.
ففي مدينة ميلانو، عاصمة ايطاليا الاقتصادية، وقعت عملية سطو مثيرة، في وسط المدينة، وضبطاً في قلب «مربع الموضة» الشهير، بواسطة ضربات عصا خشبية ثقيلة وقنابل مولوتوف، اثارت الرعب والخوف من تجدد الاجرام المنظم، في ميلانو.
وكانت حصيلة العملية، جرح شخصين في المرحلة الاخيرة من العملية، داخل محل لبيع المجوهرات الذي جرت فيه: محل فرانك مولر، في شارع فيا سبيغا، الذي تعرض الى عملية مماثلة في شهر شباط (فبراير) الماضي. اثارت كذلك الرعب الكثير، لان الشارع الشهير، يزدهر بالمارة، في تلك الساعة من النهار، خصوصاً، لان اللصوص، عمدوا الى اطلاق ثلاث قنابل حارقة، على صاحب المحل الذي راح يطاردهم، سقطت احداها امام مدرسة ثانوية.
المتفجرات الحارقة، لم تتسبب بأي اذى، ولكن العملية ادت الى جرح اثنين من العاملين في المحل، وجرت العملية، في حوالي الساعة 12 ظهراً. وكان فريق اللصوص يتألف من 6 اشخاص. بينما صاحب المحل، والذي تعرض للسطو، للمرة الثالثة، هو من اصل ارمني، اسمه ميكي يانايان.
وزير داخلية ايطاليا، الفانو، اعترف بان مربع الموضة، تعرض لعدد من عمليات السطو، تميزت دائماً بالقاء القبض على منفذيها. ولكنه وعد بتخصيص 140 رجل امن اضافة الى 4000 آخرين يسهرون على الامن في ميلانو، ولكن بوسائل غير ملائمة وبمعنويات منحطة.
ولعل عملية السطو الاكثر اثارة التي وقعت في الاسبوع الماضي، هي التي ضربت دار شوبارد للمجوهرات، التي تزين اعناق النجمات واياديهن، في مناسبة مهرجان كان السينمائي، ولكن على سبيل الاعارة. وتتولى دار المجوهرات السويسرية، صنع شعار المهرجان وسعفته الذهبية، على
هامش تأمين مجوهرات النجوم. وتقوم دار شوبارد بتوزيع مجوهرات المهرجان على اكثر من مكان، مثل الخيمة التي تنصبها قرب فندق ماجستيك. وفي احد هذه المستودعات، الذي خصصته لذلك في فندق نوفوتيل، على بولفار كارنو، على مسافة 15 دقيقة من قصر المهرجانات، والذي يقع في احد الفنادق الاغلى في مدينة المهرجان، سطا اللصوص على مجوهرات من شوبارد، تتعدى قيمتها مليون دولار، كان يحتفظ بها احد موظفي محل المجوهرات، في غرفته، تسهيلاً لاستعمالها اكثر من مرة في اليوم. وقالت مصادر الشرطة، ان اللصوص، سطوا عند الساعة الخامسة صباحاً، على الصندوق الحديدي، الذي كانت فيه، وافرغوه من كل محتوياته.

سرقات
ولم تكشف دار شوبارد، عن تفاصيل المجوهرات، التي تبتكرها وتصنّعها، وذهبت ضحية السرقة. ولكنه من المؤكد، انه لم تكن بين المسروقات سعفة المهرجان الذهبية، التي يزن الذهب فيها 118 غراماً، تصل قيمتها الى اكثر من 20000 يورو. لانها كانت في مكان اكثر امناً وتقع ملحقات فندق نوفوتيل حيث وقعت السرقة، في مبنى حديث ملتصق بالفندق، الذي يستقبل النزلاء على السجاد الاحمر بسعفة ذهبية عملاقة على جدرانه الداخلية. وفي سنة 2011، كانت الممثلة والمنتجة الارجنتينية، مارتينا غوسمان، التي كانت عضوة، في لجنة الحكم الرسمية، وقعت ضحية سرقة في مقر اقامتها في فندق ماريوت، بعد ان تمكنت امرأة من التسلل الى شقتها، بعد الاستيلاء على رقم مفتاح خزانتها المصفحة السري، فسرقت منه مجوهرات وجهاز الانترنت.
وفي السنة الماضية، وقع لاعبا كرة القدم سليمان دياواره من اولمبيك مرسيليا ومامادو نيانغ، من فريق بسيكتاس، ضحية عملية سطو، بينما كانا يتنزهان على طريق «الكروازيت»، فاستغل لصوص غيابهما للتسلل الى فيلا ديوارا، في «روكيت – سور سيانيا، التي تبعد 12 كلم عن كان، واستولوا على اربع قطع فنية ثمينة، ومجوهرات قيمتها 400 الف يورو.
وفي اي حال، يبقى تاريخ الشاطئ اللازوردي، مليئاً بالسرقات الكبيرة: لوحات، اغراض ثمينة، مجوهرات، اموال، ومن اشهر ضحاياها، الفرد هيتشكوك نفسه، الذي خلّد هذا التقليد، في فيلم اخرجه في سنة 1955، «القبض على لص»، قام فيه غاري غرانت، بتمثيل دور «القط»، السارق ذي القفازات البيضاء.
ان مواجهة الازمة الاقتصادية التي تعصف بالعالم تتم بكل الوسائل وحسب الامكانيات.

ج. ص
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق