معارض

«ممرات» ثلاثة ودعوات للخروج منها والارتقاء

«ممرات»… الحياة كلها ممرات يعبر فيها الانسان من مرحلة الطفولة الى الشباب الى الشيخوخة ومن مكان الى اخر ومن موقع الى اخر… قد يكون الممر ضيقاً او واسعاً، مضيئاً او معتماً، او.. او.. هي الممرات تناولها ثلاثة فنانين رسماً ونحتاً وتجهيزاً في غاليري مقام في الصيفي فيللاج –  وسط بيروت، انطلاقاً من تجاربهم ورؤيتهم الفنية الخاصة واودعوا اعمالهم الفنية حتى 3 ايار (مايو)  برسم الجمهور.

الفنان زفين يوسف وجد ان التماهي الابلغ مع موضوع الممرات هو  في النبات وجذوع الاشجار، فرأى في الشجرة والجذع مشهداً للروح يعبر عن الارتقاء بارتفاعها نحو الافق من الارض باتجاه السماء، اذ نقرأ عليها، كما يقول، علامات الزمن او بالاحرى سيرة الزمن، الزمن المتلاشي، والعودة الى الطبيعة بشكل مرئي حسي ولوني. انه بالفعل  مشهد يعبر عن  ممرات النبتة من الارض الى فوق ومن فوق الى الجذور مجدداً، وقد استخدم زفين  مجموعة الوان غنية وحيوية لتظهير فكرته.

الاحجار تتعانق
اما بالنسبة الى الفنانة عبير وهيب فان عنوان «ممرات» اطلق العنان لمخيلتها فتصورت ان «بين احلامها يرتصف واقع الحياة لتتعانق الاحجار وتتلامس مع اطراف الاشجار ناسجة خيوط احلامها التي تبتعد بها لتراقص الرخام، فيحدثها بلغته الخاصة ويعبر بها  الى واقع الممرات في هذه الحياة»، وقد ترجمت كل تخيلاتها هذه من خلال مجموعة منحوتات رخامية، اختارتها بعناية من المقالع ومن بين البيوت القديمة والمهدمة ومن كل مكان، منحوتات انيقة بالاسلوب التجريدي، تحكي عن العلاقات الانسانية: الرجل والمرأة، المرأة، الطير والاسماك وغيرها.
وعن اسباب اختيارها للنحت توضح لـ «الاسبوع العربي» ان النحت شدها وهي المتخصصة اساساً بالديكور، لانها هي من يبدأ العمل وينهيه، وتكشف بانها وعيت على ابداعات دافنشي الذي جعلها تفكر في مجالات النحت. وتحدثت عن تأثرها ايجاباً بالنحات لطفي الرمحي الذي جعلها تفكر في التخلي عن كل التقاليد والمناهج التعليمية، وان تكون لها لغتها النحتية  الخاصة.
وعن علاقتها بالحجر او بالمواد التي تحبها كثيراً، وهي بالمناسبة تفكر باستخدام الالمينيوم في مجموعة منحوتات مقبلة، تقول انها تشعر بالسعادة عندما تنحت، وتنسى الدنيا والمجتمع ومن حولها، لدرجة ان اصدقاء لها حين يزورونها في مشغلها اثناء العمل يقفون امامها، فلا تراهم لكثرة انغماسها في الحوار الفني الذي بدأته مع احدى المنحوتات التي تصنعها. وتدافع الفنانة عن اتجاهها نحو الاسلوب التجريدي بالقول: ان الاساليب الاخرى استهلكت وصارت عبارة عن تكرار واستنساخ.
اما اذا سألتها عما اذا كانت تجيد الرسم فتجيب بقول مايكل انجلو بان النحات الجيد هو رسام جيد.

رسالة اجتماعية
وبالانتقال الى اعمال حسين حسين الذي عودنا في معارضه السابقة على توجيه رسالة اجتماعية او سياسية، نرى انه في هذا المعرض ينتقد الانسان المسلوب الارادة والتفكير، الذي ينقاد بسهولة ويتبع الزعيم او السياسي وهو يقول في تقديمه للمعرض: «نحن نسير دون ان نعرف الى اين تقودنا خطانا، تفكيرنا يلفه الغموض والروح تبدو كأنها بالكاد خارجة من هاوية تجر لتكون المشية اطول ولكي تحمل الخطوات هذا الجسد المرتجف الذي يتنفس ويعاني مع كل تنهيدة».
ويشرح حسين حسين: اننا نتبع اليد التي نتصور انها تطعمنا لنلتقط ما يتسرب من قبضتها الممسكة ونحن نقدر مخطئين ان ما تبقى من مسافة لنمشيها ستكون اقل اذلالاً لنا مما توقعنا. ويتابع: «اننا نمشي صوب العين التي ينتزع المغناطيس سلاحها سبب صراخها وألم دموعها، وفي السباق العقيم الذي يحدده الانسان نقف لقمة سائغة وسط اليأس، وهي خطوة صوب اللانهاية».

صوب اللانهاية
ولعل اكثر ما يعبر بوضوح عن وجهة نظر الفنان هو تجهيز عنوانه «خطوة صوب اللانهاية». وهو يتألف من لوحة من جزءين، شكلها الخارجي يقترب من شكل مدخل الكنيسة، تستكمل بفيديو ومجموعة احذية مصفوفة تذكر بسلوكية خلع الاحذية قبل الدخول الى المسجد. اما الخطوات فتمثل خطوات الناس اللاحقة او التابعة دون تفكير. في اللوحة الاولى رسم حسين المصل الذي يصل الى يد الانسان. وفي اللوحة التالية يميز الفنان بين نوعين من الدماء، الدم الاحمر النظيف، والدم الازرق الفاسد. ويشرح لنا ان الاحذية تعبر عن اننا نسير فيما نحن نيام، لا نبصر. ويقول انه استخدم دلالات اسلامية ومسيحية للقول بأن الناس تتبع الزعيم حتى درجة العبادة.
هذا شأن الرسام في كل لوحاته التي تدعو الى تأمل الانسان في واقعه ومستقبله. ففي لوحته «تجاوز 1» نرى انه يوحي بقوة خارجية آتية لتغير كل شيء ونلاحظ عنفاً في لوحتيه «تمزق الخلقية» و«الانسلاخ العضوي»، حيث نلاحظ ان هناك دائماً قوى تتصارع في لوحاته وتعبر عن رؤيته واحاسيسه.
وقال الفنان في الختام، انه يوجه دعوة في هذا المعرض الى الانسان كي يرتقي ويخرج من عادة الخنوع والتبعية للسياسي او الزعيم الذي يدمره.

كوثر حنبوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق