الاقتصادمفكرة الأسبوع

الذهب اربك المستثمرين والبنوك المركزية

طوال العام 2012 بقي الخبراء والمحللون يتوقعون ان يبلغ سعر اونصة الذهب سقف الـ 2000 دولار في العام 2013، فاذا بالفصل الثاني من هذا العام يسفّه الجميع فيتراجع سعر الاونصة بشكل دراماتيكي الى ما دون 1400 دولار.

لم يتوقع اي من الخبراء والمحللين ان يتراجع سعر الذهب بنسبة 13٪ في يومين وهو الامر الذي لم يحصل منذ 30 عاماً، كما انه اثار علامات استفهام كثيرة حول قيمته في محافظ المستثمرين وفي احتياطات المصارف المركزية، بما في ذلك مصرف  لبنان المركزي الذي يبلغ احتياطه من الذهب 9،22 ملايين اونصة.
فالاصفر الوهاج الذي كان يساوي 250 دولاراً للاونصة منذ 12 سنة في السوق، زاد منذ ذلك الوقت كل سنة حتى بلغ 1668 دولاراً للاونصة في العام 2012، وقفز الى حدود 1900 دولار في بداية العام 2013.

توقعات معكوسة
وفي كانون الثاني (يناير) من العام الحالي استطلعت «رويتر» آراء 37 محللاً وخبيراً دولياً، فتبين لها ان جميع المشاركين في الاستطلاع كانوا يتوقعون المزيد من الارقام القياسية في سعر الذهب.
فبنك باريبا، و«BNP»، و«بنك اوف اميركا»، ميريل لينش، «دوتش بنك»، «كومرز بنك»، و «ANZ»، ومورغان ستانلي، وستاند تشارترد و«غولدمان ساخس» توقعت سعراً للاونصة فوق 1800 دولار، في حين كان «ناشيونال اوستراليا بنك» الوحيد الذي رأى سعر الاونصة في نهاية العام الحالي دون 1600 دولار.
واذا كان كثير من البنوك بدأ يعيد النظر في توقعاته انخفاضاً، مثل «غولدمان ساخس» في 10 نيسان (ابريل)، فان معظم البنوك استمرت في النظر الى الذهب على انه قناة توظيف بديلة وعامل وقاية من التضخم.
الى ان جاءت خطة انقاذ قبرص، في 10 نيسان (ابريل)، اصدرت المفوضية الاوروبية تقريراً يفيد بأن قبرص تبيع جزءاً من مخزونها الذهبي بمبلغ 400 مليون يورو في اطار خطتها لتعويم اقتصادها.
وفي اليوم نفسه، اوحى بيان البنك الفيديرالي الاميركي الصادر عن اجتماع اذار (مارس) بتوقف من الآن حتى نهاية السنة برنامجه للتسهيل الكمي، بما يخفف من الضغوط التضخمية. وفي ذلك اليوم تراجع الذهب، الذي يشكل حماية ضد ارتفاع 1،6٪ لكنه بدا ميالاً للاستقرار الى ان تراجع 5،2٪ يوم الجمعة، يليه تراجع يوم الاثنين التالي بنسبة 8،4٪ خلال يومين بشكل لم يسبق له مثيل منذ ثلاثة عقود.
وكانت اونصة الذهب يوم الاربعاء في 17 نيسان (ابريل) تباع بنحو 1380 دولاراً بعدما لامست يوم الثلاثاء 1321 دولاراً في مقابل اكثر من 1560 دولاراً يرم الجمعة السابق.
وفي مثل هذه الحال اصيب المستثمرون الذين يملكون حصصاً في صناديق “ETF” (التي تسمح بالاستثمار بسهولة في الذهب) بصدمة صاعقة.
وقال احد المستثمرين: «اعتقد ان اي شخص لم يكن يتوقع مثل هذه الارقام والتغيرات. ولا شك في ان كل هذا اضر بثقة المستثمرين. فمؤشر الصعود لصندوق «شيكاغو بورد اوبشنز اكستشانج» قفز اكثر من 60٪ يوم الاثنين في حين كانت الاسعار تهبط الى ادنى مستوياتها منذ العام 2011، وهي علامة على تحليق مفرط للمؤشر.

الاسعار الحالية
ونستطيع القول ان الاسعار حالياً في انكفاء بنسبة 20٪ منذ بداية السنة، وبنسبة 28٪ نسبة الى رقم 2011 القياسي وهو 1920 دولاراً، ما يعني – بحسب التحليل التقني – ميلاً من الآن فصاعداً نحو انخفاض سعر المعدن الثمين.
ويعترف بنك اوف اميركا – ميريل لينش بان هذا التحول عائد الى الخوف من مبيعات جديدة للذهب في منطقة اليورو في عقب المشروع القبرصي، خصوصاً ان حجم الانخفاض، يضيف البنك، يدل على ان وضع الملاذ الآمن للذهب كان مربكاً.
ويعتبر البنك ان انهيار اسعار الذهب من الصعب شرحه في ظل التغييرات العادية كسعر صرف الدولار المتوازن، ومعدلات الفائدة، الامر الذي يثير الارتياب حيال قيمة الذهب كملاذ. ولا احد يعرف كم من الوقت يلزمه كي يستعيد الثقة.
ويشير المفرطون في التفاول الى ان المصارف المركزية باقية على تعلقها باحتياطاتها من الذهب، التي عبّر المثال القبرصي عن اهميتها في زمن الازمات.
ويقول احد المحللين الالمان في دوتشه بنك: لا اعتقد ان دور الذهب سيكون موضع ارتياب بسبب تلك الايام النيسانية الثلاثة المذهلة، بدليل عودة الاسعار لتكسب بعض خسائرها. وثمة بعض المؤسسات ستفكر في مشروعية وصحة استعمال الذهب كاستثمار، لكن الوقت وحده هو الذي سيقول لنا ما اذا كان الذهب اصبح فعلاً اثراً من الازمنة البربرية.

علامات التراجع في 2012
افاد تقرير صادر عن مجلس الذهب العالمي ان الطلب العالمي على الذهب تراجع بنسبة 4٪ الى 4405 اطنان في 2012، للمرة الاولى منذ 2009 بسبب تراجع شراء الحلى في السوقين الرئيسيتين الهند والصين، بالاضافة الى انخفاض الاستثمار في السبائك والعملات الذهبية في اميركا واوروبا.
وعلى الرغم من التوقعات باستقرار استهلاك الذهب في 2013، الا ان المجلس اعتبر ان الاصفر الرنان قد يحتاج الى فترة من الوقت للعودة الى المستويات القياسية التي سجلها في اوج الازمة المالية، وتدل التطورات الحالية على صحة ما ارتآه مجلس الذهب العالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق