القاهرة: حكم قضائي بحبس رئيس وزراء مصر وعزله

يبدو ان المواجهة بين الرئيس المصري محمد مرسي واعضاء نظامه بلغت مداها. وان ازمة الثقة بين مؤسسات الدولة تعمقت من تلك الزاوية. عناصر انعدام الثقة كثيرة بعض الشيء، حيث كشفت التطورات عن رفض حكومي لتنفيذ بعض القرارات القضائية، وعن تحفظ رئاسي على بعض تلك القرارات، الامر الذي تطور الى نوع من التصعيد المتبادل.
يتوقف المتابعون عند جملة من التطورات، في مقدمتها القرار القضائي بسجن وعزل رئيس الوزراء هشام قنديل، على خلفية تمنعه عن تنفيذ قرار قضائي. الا ان القرار دخل مرحلة وقف التنفيذ بعد ان اضطر قنديل لتقديم الكفالات المطلوبة.
تفصيلاً، اصدرت محكمة جنح الدقي حكماً بسجن رئيس الوزراء المصري هشام قنديل عاماً وعزله من منصبه وذلك لعدم تنفيذه حكماً قضائياً سابقاً. الا انه سيتم وقف تنفيذ الحكم بعد ان دفع رئيس الوزراء الكفالة المطلوبة حسبما قال مصدر قضائي.
وقال المصدر القضائي ان المحكمة المذكورة امرت – في حكم غير نهائي – بحبس هشام قنديل رئيس الوزراء سنة ودفع كفالة 2000 جنيه – نحو 290 دولاراً اميركياً – وعزله من الوظيفة فى قضية عمال طنطا للكتان لعدم تنفيذه حكماً قضائياً.
ويقضي القرار الذي امتنع قنديل عن تنفيذه بعودة شركة طنطا للكتان إلى الدولة مرة أخرى، وعودة جميع عمالها الى سابق أوضاعهم قبل عملية الخصخصة. وهو الحكم القضائي الذي لم يتم تنفيذه.
وسبق ان حكمت محكمة مصرية في تشرين الاول (اكتوبر) 2010 بحبس محافظ القاهرة الاسبق عبد العظيم وزير لمدة سنة وعزله من منصبه بسبب عدم تنفيذه حكماً قضائياً. وشهدت مصر خلال تسعينيات القرن الماضي عملية خصخصة واسعة للشركات المملوكة من الدولة (القطاع العام) لكن احكاماً قضائية لاحقة اعادت بعضها الى الدولة بعد شبهات فساد في عمليات البيع نفسها. ومنها شركة عمر افندي وهي واحدة من اكبر المراكز التجارية المصرية للدولة وذلك في ايار (مايو) من العام 2011. كما اعاد شركة غزل شبين للدولة في كانون الثاني (يناير) 2013.
اعادة محاكمة
من جهة ثانية حددت محكمة الاستئناف في مصر يوم الاربعاء 11 ايار (مايو) موعداً لبدء محاكمة جديدة للرئيس المصري السابق حسني مبارك في قضايا قتل المتظاهرين وقضايا فساد. وقال المصدر القضائي ان المحاكمة الجديدة لمبارك ستكون في 11 ايار (مايو) المقبل. واضاف ان محكمة الاستئناف اختارت دائرة شمال القاهرة برئاسة القاضي محمود الرشيدي للنظر في القضية بعد ان اعلن قاضي جلسة محاكمة مبارك التي عقدت الاسبوع الفائت تنحيه بسبب «استشعاره الحرج» وهو ما دفع محكمة الاستئناف لاختيار دائرة وموعد جديدين للمحاكمة.
وفي حزيران (يونيو) 2012 حكم بالسجن مدى الحياة على مبارك وعلى وزير داخليته لادانتهما بالمسؤولية عن قتل متظاهرين في اثناء الثورة التي اجبرته على التنحي في 11 شباط (فبراير) 2011 والتي سقط خلالها حوالي 850 قتيلاً. لكن ستة مسؤولين امنيين كبار كانوا يحاكمون في الوقت نفسه حصلوا على حكم بالبراءة.
وفي كانون الثاني (يناير) الماضي ألغت محكمة النقض هذه الاحكام وامرت باعادة محاكمة المتهمين الثمانية.
وفي هذا الصدد، تشير التقديرات، الى ان قرار محكمة جنايات القاهرة، بإخلاء سبيل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، في قضية قتل المتظاهرين، اصاب بعض المصريين بصدمة كبيرة. وكالعادة، تبادل الإخوان والمعارضة الإتهامات حول المسؤول عن المصير الذي آلت إليه قضايا قتل المتظاهرين أثناء الثورة، لا سيما أن جميع القضايا انتهت بالبراءة، ولم تبقَ إلا القضية الرئيسية المتهم فيها مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي، وست من قيادات وزارة الداخلية.
وبحسب معلومات مؤكدة طلب الرئيس محمد مرسي، من مجلس الشورى إصدار قانون العدالة الإنتقالية، لمحاكمة مبارك ثورياً. وأضافت أن الأحزاب الإسلامية، لا سيما الحرية والعدالة والوسط والبناء والنور تجهز لمشروع قانون لمحاكمة مبارك ورموز نظام حكمه وفقاً لقانون ثوري ومحاكم ثورية.
وفي هذا السياق ترددت معلومات عن ان حزب الحرية والعدالة، وبالتعاون مع الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس الشورى، بدأ الاعداد لوضع مشروع قانون يقضي بإنشاء محاكم ثورية، أو قانون لـ «العدالة الإنتقالية»، يمثل أمامها مبارك وجميع المتهمين في قضايا قتل المتظاهرين أثناء الثورة، أو المتهمين بالفساد.
مخرج قانوني
وبحسب المعلومات، يحظى القانون الجديد بدعم الأحزاب الإسلامية ذات الأغلبية في المجلس، لا سيما أحزاب الوسط، والنور، والبناء والتنمية، وبعض الشخصيات الثورية. وان إتصالات تجري بين قيادات تلك الأحزاب لتدارس المخرج القانوني للأزمة الحالية، لا سيما أن الإفراج عن مبارك في تلك القضية تحديداً يعتبر إنتصاراً للثورة المضادة وقضاءً على ثورة 25 يناير. وبينما اكد فريد الديب محامي الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك انّ موكّله يستحق اخلاء سبيله في شهر نيسان (ابريل) بناءً على قرار إعادة محاكمته، الا ان جماعة الاخوان المسلمين الحاكمة، ترى أنّ خروج مبارك من السجن سيكون نحو قبره لا غير.
في تلك الاثناء، نقلت وسائل اعلام مصرية وعالمية عن «تغريدة» للرئيس مرسي على حسابه على «تويتر» انه سيتم الاعلان خلال ايام عن اجراء تعديل وزاري يشمل حقائب عدة وحركة تغييرات واسعة للمحافظين. وان التعديل سيشمل ما بين ست الى ثماني حقائب وزارية مهمة اضافة الى تغيير عدد كبير من المحافظين، وان «الاكفأ هو من سيتولى المسؤولية». وتطالب جبهة الانقاذ الوطني – الائتلاف الرئيسي للمعارضة المصرية – منذ شهور بتشكيل حكومة تكنوقراط جديدة تترأسها شخصية محايدة كشرط للمشاركة في الانتخابات التشريعية التي ينتظر ان تجري في الخريف المقبل في مصر. كما تشترط تغيير النائب العام الذي تتهمه بالموالاة للرئيس مرسي وجماعة الاخوان المسلمين واعداد قانون انتخابات جديد يضمن تقسيماً عادلاً للدوائر الانتخابية. وحتى الان يرفض الرئيس مرسي الاستجابة لهذه المطالب. وتشهد مصر منذ نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ازمة سياسية مصحوبة بأزمة اقتصادية حادة بسبب تراجع عائدات السياحة والانخفاض الكبير في الاستثمارات الاجنبية وهو ما ادى الى تآكل الاحتياطي من النقد الاجنبي الذي وصل الى مستوى حرج.
القاهرة – «الاسبوع العربي»