سينما

3096 Days… طفلة في الجحيم

في 2 اذار (مارس) 1998 تصدّر نبأ اختطاف ابنة العشرة اعوام ناتاشا كامبوش الاخبار في العالم كله، خصوصاً ان الصغيرة النمساوية كانت متوجهة الى المدرسة عندما قام الخاطف السادي والمضطرب نفسياً وولفغانغ بريكلوبيل بخطفها واحتجازها لمدة 8 أعوام في قبو تحت منزله القريب من فيينا. ثمانية اعوام أو تحديداً  3096 يوماً والطفلة محتجزة تحت الارض في مكان مظلم لا نوافذ له ولا تزيد مساحته عن ستة امتار، وهي تعاني اقسى تجربة لا يحتملها عادة الراشدون، من اغتصاب وتعذيب وضرب وحرمان من الاكل. اخيراً في 28 آب (اغسطس) 2006 تمكنت ناتاشا الشابة من الهرب، تاركة بريكلوبيل ينهي حياته بالانتحار في الليلة عينها… هذه التجربة المأساوية قدمتها ناتاشا كامبوش في كتاب من نوع السيرة الذاتية بعنوان 3096 Days. وطبعاً كان من الصعب على السينما أن تظل لا مبالية امام هكذا موضوع قوي، فاتصل المنتج الالماني الراحل برند ايشنغر (من افلامه  Der Name der Rose من اخراج جان جاك انو) بناتاشا كامبوش واقنعها بضرورة نقل تجربتها الى السينما، وبدأ فعلاُ باعداد السيناريو المقتبس عن سيرة كامبوش قبل وفاته في كانون الثاني (يناير) 2011. صحيح ان ناتاشا ترددت اولاً في الموافقة، ولكنها عادت واقتنعت بضرورة ان تشكل قصتها درساً للكثيرين، وتابعت قائلة: «كثيرون هم الاشخاص الذين لم يصدقوني حتى الان، أو انهم سخّفوا ما تعرضت له، ولكن الجميع سينظرون الى ما عشته بشكل مختلف تماماً بعد مشاهدة الفيلم».
الفيلم من اخراج الالمانية – الاميركية شيري هورمان التي تساءلت في البدء هي الاخرى عن اهمية تقديم تلك التجربة الشنيعة. ولكن عندما قرأت السيرة الذاتية، اصبحت الامور اوضح بالنسبة اليها، فهي أدركت أنها ستقدم شريطاً عن البقاء على قيد الحياة، وعن طفلة استطاعت النجاة من الجحيم الذي سجنت فيه 8 اعوام كاملة. وهكذا عرضت هورمان المأساة من دون أي مداهنة أو تنازلات أو مراعاة لمشاعر الجمهور، فأظهرت الواقع الجحيمي كما هو بفظاعته الكاملة الذي تحملته تلك الطفلة المغتصبة والمضروبة والمحرومة من الاكل والشرب. واقع قالت عنه ناتاشا كامبوش البالغة اليوم 25 عاماً بعد مشاهدتها الفيلم: «الفيلم حقيقي جداً وقريب جداً من كل ما عشته. لقد شعرت أنه يجسّد نوعاً ما مأساتي، ولكن هناك دائماً فرق بين الواقع والسينما. الواقع أقسى بكثير من الذي ستشاهدونه. الفظاعة التي عشتها لا يمكن أن يظهرها أي فيلم، لأنه ليس من المفترض أن يكون فيلم رعب». صحيح ان الفيلم جسّد نوعاً ما مأساة ناتاشا، ولكن الممثلتين اللتين قدمتا دورها برعتا فعلاً في تقمّص وجعها وخوفها وهلعها وتصميمها على المقاومة. في دور ناتاشا ابنة العشرة اعوام في لحظة الخطف، استعانت المخرجة بالممثلة الصغيرة اميليا بيدجون اللافتة بحضورها المؤثر. ولاحقاً قدمت الممثلة الايرلندية انطونيا كامبل – هاغز دور ناتاشا الشابة ببراعة تثير القشعريرة في الابدان، خصوصاً انها اضطرت لفقدان كثير من الوزن فبدت فعلاً كهيكل عظمي. وعن دورها الصعب هذا قالت انطونيا: «عندما نقدم قصة حقيقية، واجبنا يدفعنا لاعطاء اكثر بكثير من المطلوب. لقد قررت منذ لحظة موافقتي على اداء الدور أن اشعر واتعذّب مثلها». اما دور الخاطف السادي فقد قدمه بشكل مقنع ومثير للاعجاب والانزعاج في الوقت عينه الممثل الدانماركي توره ليندهارت الذي اعلن أن الشخصية شكلت له تحدياً كبيراً.

م. م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق