تحقيق

الأب أبو كسم: قرار المنع ليس فردياً ولا نسمح بتدنيس مقدساتنا

هي قصة الرقابة في لبنان التي تُثار مع كل قرار بمنع ادخال مطبوعة أو كتاب أو فنان مدرج إسمه على اللائحة السوداء، وآخر فصولها منع دخول مجلتي le ”canard enchainé” و”vsd” الفرنسيتين لنشرهما موضوعاً يمس بالكنيسة وبالبابا المستقيل بنديكتوس السادس عشر. في حينه نشرت مجلة «الأسبوع العربي» ملفاً تناول مسألة الرقابة في لبنان، وانتخب البابا فرنسيس وقلنا انتهت. لكن تبين أن مسألة الرقابة داخل الكنيسة بين مؤيد ومعارض لم تنته فصولاً، أقله في الأسباب الموجبة التي لن تتراجع عنها. كيف؟ رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم يتحدث باسم الكنيسة والعائلة…

ما لا يقبل الشك والتأويل أن قرار منع دخول المجلتين الفرنسيتين لم يكن فردياً وإن كان صدر بطلب مباشر من رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو ابو كسم  وتولى جهاز الرقابة في الأمن العام تنفيذه بعد درسه من قبل لجنة الرقابة التابعة لوزارة الإعلام. يوضح الأب أبو كسم: «كل قرار يتعلق بالرقابة والمنع يتخذ بالتوافق بين رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر ورئيس المركز الكاثوليكي للإعلام. وإذا اقتضى الأمر تعود السلطة إلى مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك. اما في ما يختص بقرار منع مجلتي ”le canard enchaine” و”vsd”  فيضيف: اتخذ وفق المعادلة الأولى لأن المسألة لم تكن تحتاج الى السلطات العليا. واستند القرار على ما تضمنته المطبوعتان من مواضيع وصور تمس بالرموز الدينية وبالمقدسات ورجال الدين وسلوكهم، وكلها منافية للحقيقة؟

تظهير الحقيقة
لكن اما كان يفترض ارفاق القرار ببيان لتوضيح الحقيقة حتى لا يحتمل التأويل؟
المعطيات وحدها تؤكد أنها منافية للحقيقة. فهل يمكن لأي مسيحي مؤمن أن يتقبل الصورة التي نشرت عن البابا بشكل تهكمي؟! أو هل ثمة من يصدق أن الكرادلة يضعون طلاء الأظافر كما تظهره إحدى الصور في المقال المنشور؟! هذا مناف للحقيقة وليس بحاجة إلى التوضيح.
هناك أشياء بدهية لا تحتاج إلى توضيح تماماً كما هو حاصل في المقال الذي نشر في إحدى الصحف المحلية مؤخراً وحاولت من خلاله الكاتبة تدنيس صورة العشاء السري من خلال تشبيه السيد المسيح بالمرأة العارية وإستحضار صورة الشيطان إلى مائدة العشاء السري.
لماذا لم يطل مقص الرقابة مقالة مماثلة؟
فور اطلاعنا على المقال توجهنا إلى بكركي وأطلعنا سيدها الكاردينال بشاره الراعي على مضمونها. فطلب مني إجراء المقتضى. وبعد عرض الموضوع على رئيس اللجنة الأسقفية المطران بولس مطر قررنا إرسال كتاب رد إلى إدارة الصحيفة  للرد على المقال ونشره في المكان عينه بحسب قانون المطبوعات.
وهل يكفي ذلك لرد أو منع نشر مقالات تمس بالدين وبالمقدسات؟
الكنيسة لا تملك سلطة المحاسبة، هذه مسؤولية الدولة. من هنا إصرارنا على ضرورة وضع قانون إعلام عصري لمحاسبة المسؤولين وأن يصار إلى تنظيم موضوع الإعلام لأن من شأن هذه المواضيع أن تشعل حرباً وفتنة. ما يهمنا هو توعية الناس والمسؤولين لا معاقبتهم.
وهل يتحقق ذلك باتباع الكنيسة سياسة المنع والقمع؟
الكنيسة لا ترفض سياسة النقد البناء. فهي تؤمن بحرية الرأي والمعتقد والحوار. لكن عندما يصل الأمر إلى درجة التجريح والتجريم والتعدي تصبح ملزمة في اعتماد سياسة المنع لحماية المؤمنين وإرشادهم إلى الحقيقة.

المقصود التجريح بالكنيسة
لكن الرأي العام قادر على أن يفصل في الأمور خصوصاً أن المواضيع التي تمنع عنه تصبح متداولة عبر شبكات التواصل الإجتماعي؟
ولماذا أسمح بذلك في وطن متعدد الطوائف، للكنيسة أجهزتها الإعلامية التي تدافع عنها ولست ملزماً في التبرير لأن المقصود هو التجريح والمس بالكنيسة وهدم ركائز العائلة. لكننا أحياناً نكون ملزمين في التوضيح تماماً كما حصل في فيلم «محمد الفاتح» حيث استندنا إلى الوقائع التاريخية، هناك أمور تستحق.
ما صحة الخلاف الذي نشأ مع جمعية «إعلاميون ضد العنف» على خلفية قرار منع دخول المطبوعتين؟
لا خلاف على الإطلاق فقط مجرد تباين في وجهات النظر. وقد وجهنا دعوة إلى الجمعيات الأهلية التي تتعاطى مسألة الحريات للتعاون معنا لنشر مفهوم التوعية وكيفية التعاطي مع البرامج التي تمس بالكنيسة والعائلة وتسعى إلى النيل من المؤمنين. لكن المسألة تتطلب مرحلة زمنية تترافق وحملات توعية تبدأ بالكنيسة مروراً بالعائلة فالمدرسة والمجتمع المدني. من هنا نطالب الدولة بأن تتحمل مسؤولياتها مع مراعاة القوانين المرعية الموجودة، علماً أننا مقتنعون بأن القوانين تخطاها الزمن وتحتاج إلى التطوير.
هل يلتزم جهاز الرقابة في تطبيق مطلق أي قرار منع يصدر عن الكنيسة؟
إطلاقاً. فنحن نعرض الموضوع على لجنة الرقابة وجهاز الرقابة في الأمن العام وقد لا يؤخذ به في غالبية الأحيان. لذلك نشدد على ضرورة تحديث قانون الرقابة على المطبوعات والتزام حس المسؤولية الذاتية لدى كل كاتب مقال أو مسؤول في المؤسسات الإعلامية كافة

ج. نصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق