رئيسيسياسة عربية

تونس: ولادة متعسرة لحكومة المهمات الصعبة

المعلومات المتسربة من مطبخ رئيس الوزراء التونسي المكلف علي العريض تشير الى انه شارف على الانتهاء، وان الحكومة ستكون بين يدي الرئيس التونسي قبل صدور هذا العدد من «الاسبوع العربي». غير ان المعلومات ذاتها تشير الى ان ولادة الحكومة كانت متعسرة بشكل لافت.

ابرز عناصر «الولادة المتعسرة»، دخول حركة النهضة في دوامة صراع يعتقد محللون انها ستترك اثراً بارزاً على مستوى ادائه مستقبلاً، وبما يمكن ان يؤدي الى اضعافه.
اما بالنسبة الى مشاورات التشكيل فقد اشار بعض المصادر المتابعة الى انها دخلت حالة انفراج في ضوء اعلان الرئيس المكلف عدم ممانعته في الاستجابة لمطالب التحالف، وبالتالي الخروج بالحكومة المنتظرة من عنق زجاجة الازمة التي كادت ان تعصف بالمشاورات ثانية. غير ان التجاوب ما زال يصطدم بعقبات الازمة الداخلية التي تعيشها حركة النهضة والتي لم تعد خافية على احد.
فبينما كشف رئيس حزب التحالف الديموقراطي محمد الحامدي ان رئيس الحكومة المكلف مستعد للتجاوب مع مطالب التحالف، اشار الى وجود تجاذبات داخل النهضة وخلافات بين قيادييها، خصوصاً في شأن مراجعة التعيينات في مؤسسات الدولة وحل لجان حماية الثورة.
وفي سياق متصل، تشهد حركة النهضة توتراً داخل قيادتها بعد تصريح رئيس مجلس الشورى فتحي العيادي إلى إحدى الإذاعات المحلية بأن الحركة تدعو كلاً من نائب رئيس النهضة عبدالفتاح مورو، ووزير حقوق الانسان، سمير ديلو – من القيادات المعتدلة في الحركة – إلى الانضباط أثناء الإدلاء بتصريحات وحوارات صحافية، على خلفية حوارات أجريت مع الأخيرين وانتقدا فيها بشدة سياسة الحركة في إقصاء خصومها السياسيين، إضافة إلى دعوتهما النهضة إلى التحاور مع حركة نداء تونس بقيادة الباجي قايد السبسي التي تعتبره من فلول النظام السابق.

تعتيم
وفي موضوع التشكيل الحكومي، ساد التكتم الشديد والتعتيم الإعلامي على المشاورات التي اجراها وزير الداخلية علي العريض – رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة في تونس – بينما أكد متحدث باسم حركة النهضة أن التشكيل النهائي للحكومة اصبح ناجزاً لعرضه على الرئيس التونسي المنصف المرزوقي.
وفي تصريحات صحافية قال فيصل الناصر المتحدث باسم حركة النهضة إن الائتلاف الحكومي المقبل سيتكون من ستة أحزاب سياسية وأن المشاورات ما زالت جارية بشأن برنامج عمل الحكومة، مؤكداً عدم وجود خلاف بشأن الحقائب الوزارية التي تم حسمها تقريباً.
وأكد الناصر اتفاق الأحزاب على المشاركة في حكومة العريض الجديدة وعلى تحييد الحقائب الوزارية السيادية التي تشمل الداخلية والخارجية والعدل والدفاع إلى جانب الاتفاق على تحييد حقيبة المالية على أن تتولى مقاعد هذه الوزارات شخصيات من المستقلين التكنوقراط غير المنتمين الى الأحزاب.
ومن بين الأحزاب التي دخلت الحكومة التونسية الجديدة إلى جانب حزب النهضة، الذي يحظى بالأغلبية في المجلس التأسيسي التونسي، أحزاب التكتل والكرامة وحركة وفاء والأمان والمؤتمر الوطني من أجل الجمهورية.
ورغم تأكيدات الناصر مشاركة حزب الأمان – وسط – في الائتلاف الحكومي المقبل أكد الأزهر بالي رئيس حزب الأمان أن الحزب لم يقرر رسمياً المشاركة في التشكيلة الحكومية المقبلة.
وبحسب آخر المعلومات فإن الأحزاب التي تأكدت مشاركتها في حكومة العريض هي: التكتل والمؤتمر وحركة وفاء وكتلة الحرية والكرامة وذلك بانتظار الموافقة النهائية لحزب التحالف الديموقراطي الذي يتمسك بمطالب على رأسها مراجعة التعيينات التي قامت بها النهضة على رأس مؤسسات الدولة وحل لجان حماية الثورة المدعومة من الحركة الإسلامية.
ويمنح القانون المنظّم للسلطات، رئيس الحكومة 15 يوماً فقط لتشكيل حكومته وتسليم ملف يحتوي على برنامج وأسماء أعضاء الحكومة الجديدة لرئيس الجمهورية، وفي حال فشل رئيس الحكومة في تشكيل حكومته في الوقت المحدد، من حق رئيس الجمهورية تعيين من يراه مناسباً لرئاسة الحكومة.

مشاورات الساعات الاخيرة
وفي هذا الصدد، لم يستبعد عبد الوهاب معطر، وزير التشغيل في حكومة تصريف الأعمال حصول هذا السيناريو، متوقعاً حدوث انعكاسة في عملية التشاور خلال الساعات الاخيرة، مضيفاً أن فشل العريض يعطي الحق للمنصف المرزوقي بتعيين الشخصية التي يراها مناسبة. لكنه اكد ان مثل تلك الخطوة يجب أن تنال رضا حركة النهضة باعتبار أنها صاحبة الأغلبية. وفي هذا الصدد لم يستبعد اصحاب هذا الرأي احتمال تعيين علي العريض مرة أخرى من طرف المرزوقي.
وتوقع معطر أن تكون هذه الإجراءات – في حال حدثت – سبباً في تأزيم الوضع أكثر باعتبار أنها ستستغرق أكثر من شهر، معتبراً ان ذلك لن يخدم البلاد. مشيراً الى وجود العديد من الأطراف التي تعمل على وضع العراقيل أمام الحكومة الجديدة عبر اشتراطات بعضها غير مقبول.
في موضوع آخر، افادت مصادر متابعة ان مشاورات التشكيل الحكومي لم تكن بعيدة عن تحقيقات مقتل شكري بلعيد، حيث ابدى الرئيس المكلف اهتمامه بالقضية، وتأكيده على متابعة الملف. وبالتوازي، افاد مصدر في الشرطة انه تم اعتقال شخص يشتبه في انه قتل المعارض التونسي شكري بلعيد وشريكه المفترض، لافتين الى ان المشتبه بهما ينتميان الى التيار السلفي. واوضح المصدر أن القاتل المفترض عمره 31 عاماً ويعمل في صناعة المفروشات المعدنية، وقد اعتقل في قرطاج في ضاحية العاصمة تونس، فيما المعتقل الاخر هو الشريك الذي اتاح فرار مطلق النار صباح السادس من شباط (فبراير) الماضي بعد مقتل شكري بلعيد قرب منزله. واضاف المصدر ان المشتبه بهما ينتميان الى التيار السلفي المتشدد وان اعتقالهما استند الى شهادة امرأة وضعت تحت حماية الشرطة. واورد المصدر ان القاتل المفترض كان ناشطاً في الرابطة الوطنية لحماية الثورة في احدى الضواحي الشعبية لتونس القريبة من قرطاج. وذكرت وسائل اعلام الكترونية تونسية انه تم اعتقال ناشطين سلفيين مفترضين اثنين في قضية مقتل بلعيد.

تونس – «الاسبوع العربي»

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق