دوليات

كوريا: 44 حالة انتحار يومياً

تعيش كوريا الجنوبية، موجة من الانتحارات، مثيرة مثل ازدهارها الاقتصادي. وفي العاصمة سيؤول، مكان مفضل للانتحار، هو جسر مابو، الذي سجل خلال السنة الماضية 150 حالة، فكانت قفزة دفعت سلطات العاصمة الى تركيز آلات تصوير، قد تساعد على تجميد محاولات الانتحار في الوقت المناسب. ولكن المشكلة تذهب الى ابعد من الجسور على نهر هان، لانها تعتبر حالة وطنية ملحة، بعد ان بلغت حالات الانتحار مستوى قياسياً في آسيا وفي العالم الثالث.

سجلت ظاهرة الانتحار في كوريا الجنوبية تزايداً مثيراً خلال 15 سنة، بات يخشى معها من العجز عن السيطرة عليها: 44 حالة انتحار في اليوم، على المستوى الوطني،
ففي سنة 1997، كان معدل حالات الانتحار في كوريا الجنوبية 13 لكل مئة الف شخص، فاذا به يصل اليوم الى 31،8. فاصبح الانتحار، السبب الاول لموت الذين عمرهم دون 40 سنة: المرتبة الرابعة في العالم. وسجلت السنوات الاخيرة، انتحار عدد من اصحاب الشهرة، كان بينهم الرئيس الاسبق للجمهورية روه مو – هيون.
واكد قرار تجهيز 20 من جسور سيؤول، بنظام انذار اوتوماتيكي، متصل مباشرة بغرف اسعاف، عجز السلطات عن التعامل مع هذه الظاهرة. وكانت جمعيات اجتماعية، رفعت على جسر مابو، يافطات امل، تقول: «ان افضل سني حياتك لم تأت بعد»، اضافة الى تمثال يجسد شخصاً يعالج يائساً.
ولم يكف ذلك، في طبيعة الحال، كما سائر التدابير التي اعتمدت في السنوات الاخيرة، مثل زيادة عدد علماء النفس والاطباء المتخصصين، واغلاق مواقع التواصل الاجتماعي التي تشجع على تنظيم حالات انتحار متزامنة على انترنت او على شبكات تفصل بين الركاب وخطوط القطارات، في محطات المترو في سيؤول.

ضغوط شديدة
واذا كان هناك ضياع، بالنسبة الى العلاج، فان الوضع ليس كذلك، بالنسبة الى الاسباب، فهناك توافق على ان التنافس على الاداء وعلى الفعالية اللذين اشتهر بهما الكوريون، من شأنه ان يخلق ضغوطاً شديدة، على عقول الناس واعصابهم، في بلاد يعيش فيها 50 مليون شخص، انتقلوا من حالات الفقر القروي الى نخبة التخصص التكنولوجي، في اقل من نصف قرن، خصوصاً بعد ان اصبحت الطبقة الوسطى تجد صعوبة في التوفيق بين امكاناتها واحتياجاتها المادية.
وعقدة النتائج، التي تثقل كاهل مسؤوليات العاملين في المؤسسات الكبيرة، التي نشرت في العالم المنتوجات «صنع في كوريا»، جعلت امرأة من كل خمس نساء في سيؤول، تلجأ الى جراحة التجميل، لتجعل وجهها يشبه وجوه ممثلات ومغنيات «الموجة الكورية». وتجبر، حتى تلامذة الصفوف الوسطى على الدراسة حتى منتصف الليل، اضافة الى حالات اجتماعية دائمة، تدفع الى عدم معالجة حالات الانهيار العصبي.
اضافة الى حالات العدوى والتقليد، فان التغطية الاعلامية التي ترافق انتحار اية شخصية شهيرة، تقود الى حصول حوالي 600 حالة مماثلة، مما دفع الخبراء، الى دعوة محطات التلفزيون والصحافة الى عدم تخصيص مجالات واسعة الى اخبار المنتحرين، «البارزين»، ولكن الاستجابة صعبة، اذا استمرت هذه الحالات.
ومنذ ايام، كتبت جريدة «شوزون ليبو» بعد ان انتحر نجم لعبة البايزبول الشهير، شو سونغ مين، شنقاً، في منزله: «ان على كوريا، ان توقف تمدد الانتحارات». وكانت زوجة شو، سبقته في اعتماد الوسيلة ذاتها، للتخلص من الحياة، وكانت شو جين – سيل، زوجته، احدى اشهر نجوم السينما في كوريا الجنوبية، فأدت الصدمة التي احدثها الانتحاران، الى قيام نقاش، على المستوى الوطني، جعل معدل الانتحارات يزداد بنسبة 15 في المئة
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق