سياسة لبنانية

بين بكركي والرابية: خلاف على الأسلوب… وأكثر

أطلق البطريرك الراعي في الأيام القليلة الماضية مواقف واضحة تناقض مطالب العماد عون وفي طليعتها:
1- إعلانه أن «الطائف أفضل صيغة للبنان». وتؤكد مصادر قريبة من بكركي التمسك بهذا الاتفاق إنطلاقاً من إيمان الكنيسة المارونية أن الزمن الحالي غير مناسب كلياً للعب بتوازنات تمخضت في نهاية حرب دموية دامت 15 سنة، وأن أي تفريط بهذه التوازنات الدقيقة لن يعود بأي فائدة على المسيحيين إنطلاقاً من التوازنات السائدة في المنطقة ومن الضعف المسيحي العام على مستوى كامل الشرق الأوسط. وتشير الى أن هذه النظرة لا تتفق مع خطاب عون الداعي الى إعادة النظر في اتفاق الطائف على قاعدة استعادة «الحقوق المسيحية المسلوبة» وإعادة «صلاحيات الرئاسة».
2- رفض كلمة «حماية»، «لأن من يحمينا هو الدولة والجيش اللبناني»، وذلك في تناقض إستراتيجي مع الخطاب العوني الذي لا يتردد في التنويه بتضحيات المقاومة والإنجازات المحققة على صعيد مكافحة الإرهاب وحماية لبنان والمسيحيين منه، بفعل قتال حزب الله على الحدود اللبنانية – السورية وفي الداخل السوري.
3- الدعوة مجدداً الى التوجه إلى مجلس النواب لإنتخاب رئيس، بعد أن يعيّن كل من فريقي 8 و14 آذار مرشحيهما للرئاسة، وهذا الموقف يخالف موقف عون الذي يشكك بشرعية المجلس الحالي ويرفض تأمين النصاب القانوني لجلسة الانتخاب، خشية أن تفضي الى انتخاب رئيس توافقي يسميه عون رئيسا ضعيفا ويفضل الفراغ عليه.
4- إعلانه أنه غير مستعد اطلاقاً لتأمين أي غطاء للعماد عون في تحديه السلطة السياسية المتمثلة بالحكومة الحالية والسلطة الأمنية القائمة والمتمثلة بقيادة الجيش الحالية، وفي دعوته للنزول الى الشارع، لأن في ذلك خربطة خطيرة للإستقرار العام. إضافة الى أن البطريرك غير مستعد إطلاقاً أيضاً لتأمين أي غطاء لأي مطالبات باستعادة حقوق للمسيحيين عبر اللعب على الوتر المذهبي أو عبر تحدي أي طائفة أو مذهب لبناني آخر، باعتبار أن إصلاح الغبن يتم عن طريق الحوار والتوافق.
على رغم هذه التناقضات، يؤكد مصدر نيابي في التيار الوطني الحر أن ثمة تواصلاً دائماً مع البطريرك الراعي ولا انقطاع في العلاقة البتة، وثمة قنوات اتصال مفتوحة دائماً وشبه يومية مع بكركي. «لا خلاف مع البطريرك، وهو لا يحزن إن أتى رئيس جمهورية قوي أو وضع قانون انتخاب عادل أو حتى عززت المناصفة في الإدارة».
في اعتراف المصدر أن العلاقة مع بكركي وثيقة «لكنها لا توافق على الأسلوب الذي نعتمده. لم نفترق الى حد الخصومة والمقاطعة، فالتكامل موجود بين بكركي والرابية».
في المقابل، تشدد بكركي على أن لا خلاف شخصياً مع العماد عون ولا حتى على الصعيد الإيديولوجي، لكن البطريرك غير موافق على الأسلوب الذي يتبعه العماد عون في موضوع الشغور الرئاسي. والبطريرك الراعي لا يوفر مناسبة إلا يطالب بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، ويعتبر هذا الأمر واجباً على النواب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق