سياسة لبنانيةلبنانيات

حدثان بارزان سجلا في نهاية الاسبوع فهل تحسن الحكومة التقاط الفرصة الثمينة؟

الكابيتال كونترول يأخذ طريقه الى اللجان النيابية بعد مماطلة استمرت سنتين ونصف السنة

سُجل في نهاية الاسبوع حدثان ايجابيان بارزان، سياسي ومالي. تمثل الاول بعودة سفراء المملكة العربية السعودية، والكويت واليمن الى بيروت وهذا يؤشر الى احتمال عودة العلاقات اللبنانية – الخليجية الى ما كانت عليه، ليعود لبنان ويلعب الدور الذي تميز به. فهو بلد مؤسس في الجامعة العربية وله دور فاعل فيها، واذا كانت السياسة الفاشلة التي اتبعتها المنظومة قد حرفته عن مساره وابعدته عن محيطه، فلا بد ان يعود. والحدث الاخر تمثل في توقيع الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي، وان كان اتفاقاً مشروطاً، وهو حتى الساعة ليس سوى حبر على ورق، بانتظار ان تنفذ الحكومة ما هو مطلوب منها من اصلاحات، لتضع لبنان على سكة الحل لازمته المالية والاقتصادية القاتلة. فهل يحسن المسؤولون استغلال هذه الايجابيات وتثميرها لمصلحة لبنان، ام انها ستضيع وسط الانقسامات والخلافات، والبحث عن محاصصات ومنافع شخصية على حساب الوطن والشعب؟ ان لبنان عرف في الاونة الاخيرة انه بلد الفرص الضائعة فهل يحسن التصرف هذه المرة؟
ان عودة لبنان الى الحضن العربي تفتح امامه فرصاً كثيرة، ويحظى معها بالدعم الذي يحتاج اليه، لينهض من الهوة السحيقة التي اوقعته فيها السياسات الخاطئة. وبمعزل عن مساعدات صندوق النقد الدولي في حال تأمنت، وقروض البنك الدولي المشروطة، فان المساعدات العربية السخية وخصوصاً الخليجية هي الباب الواسع الذي يمكن للبنان ان يدخل منه الى مرحلة النهوض، وللدول الخليجية مبادرات ومآثر كثيرة ومتعددة ولا يمكن للبنانيين ان ينسوها، وان كانت المنظومة حرفتهم عنها. لقد حان الوقت للعودة الى السياسة الحكيمة العادلة، التي تتمسك بلبنان اولاً وتؤمن له مصالحه. فعسى ان يعمل المسؤولون في هذا الاتجاه السليم.
اما الاتفاق المبدئي الذي تم توقيعه مع صندوق النقد فيجب ان يقابل بما يؤمن تنفيذه من قبل الحكومة اللبنانية والمجلس النيابي. ومساعدته تفتح الباب امام مساعدات دولية وعربية جاهزة، وفق كل التأكيدات. وهي تنتظر الاصلاحات المطلوبة من الشعب اللبناني قبل ان تكون مطلوبة من الخارج. والغريب ان الطريق الى التعافي واضح تماماً، الا ان الحكومة لا تزال تتقاعس وتتباطأ دون اي سبب ظاهر.
المجلس النيابي قام بخطوة ايجابية وسريعة. فبعد مماطلة استمرت اكثر من سنتين ونصف السنة حول اقرار الكابيتال كونترول، الذي لو اقر في بداية الطريق لكان منع الكثير من الاموال من ان تهرب الى الخارج. وقد يكون التأخير مقصوداً لمساعدة بعض الاطراف. اما اليوم وقد وصل الى مرحلة حاسمة، واصبح مشروع الكابيتال كونترول شرطاً اساسياً من شروط الصندوق، استجاب المجلس واحال المشروع الى اللجان التي بدأت بدراسته فهل ينجز ويقر قريباً، ام ان الانتخابات ستؤجله الى ما بعد صدور النتائج؟
المودعون يتوجسون من ان يتم الحل على حسابهم. فالمنظومة التي انفقت وبددت وهدرت وعقدت الصفقات المشبوهة، تحاول اليوم، من خلال خطة التعافي، ان تحيد نفسها وتحمل المودعين، الذين لا يد لهم بكل ما جرى، المسؤولية عن الخسائر، وهي دأبت منذ بداية الازمة على تطبيق «الهيركات» على جنى عمرهم الذي ادخروه لتأمين مستقبل اولادهم، وذلك عبر تعاميم وقرارات كانت تصدر عن مصرف لبنان، مرة بتسعير الدولار على غير حقيقته ومرة بقوانين الهدف منها خفض قيمة اموال المودعين بنسب عالية فحجز الاموال في المصارف وبالاحرى فقدانها من المصارف التي لم تعرف كيف تحافظ على الامانة، لتأتي المنظومة اليوم وتبريء الجميع وتلقي العبء الاكبر على المودعين.
ان الضبابية تغلف هذا الاتفاق والمواطنون ينتظرون جلاء الامور وبعدها يبقى لكل حادث حديث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق