سياسة لبنانيةلبنانيات

خطابات شعبوية في مجلس النواب حول الموازنة واجتماع لسفراء اللجنة الخماسية

من يوم الى يوم يتكرر المشهد من قطاع غزة الى الحدود الجنوبية اللبنانية، مروراً باليمن والعراق وسوريا. قصف وغارات جوية ومسيرات وتدمير منازل وسقوط ضحايا. وسط هذ الجو المقلق الذي يؤشر الى احتمال امتداد الحرب لتصبح شاملة ومدمرة اكثر فاكثر، برز الحديث عن وساطة اميركية مصرية قطرية تقضي بهدنة مدتها شهر يتم خلالها اطلاق جميع الرهائن بدءاً من النساء والاطفال ثم النساء العسكريات فالجنود واخيراً جثث القتلى، ويطلق العدو الاسرائيلي الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية. هذا الحل حقق تقدماً الا ان هناك نقاط خلاف لا تزال بحاجة الى معالجة.
على الصعيد السياسي، تواصل اللجنة الخماسية تحركها في محاولة لاقناع اللبنانيين بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية. وبعدما فشل اي طرف في جمع الاكثرية اللازمة حول مرشحه بات من الضروري البحث عن المرشح الثالث الذي يرضي الفريقين ويتمتع بصفات لا بد منها في هذه المرحلة. ويجتمع اليوم في السفارة السعودية سفراء الدول الخمس ومن غير المستبعد ان تشارك ايران في هذه التحركات. وسيجتمع السفير السعودي ايضاً بسفيري الكويت وسلطنة عمان، تمهيداً لاجتماع اللجنة المتوقع في الاسبوع الاول من شهر شباط المقبل، وقد يكون مكان الاجتماع المملكة العربية السعودية او فرنسا. وبعد ذلك يحمل نتائج الاجتماع الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، في محاولة لاقناع المجلس النيابي بالقيام بمهمته الاساسية وهي انتخاب رئيس.
التحرك البارز امس كان الجلسة التشريعية التي عقدها المجلس النيابي لمناقشة موازنة العام 2024، التي قيل فيها ان لجنة المال والموازنة النيابية حولتها من الاسوأ الى السيء. فهي موازنة لا تضم اي بند اصلاحي، بل انها موازنة تشغيلية فيها من الضرائب والرسوم ما يعجز المواطنون عن الايفاء به. فالحكومة لم تضمن هذه الموازنة باباً واحداً تدخل منه العملة، ولذلك لجأت الى جيوب المواطنين دون ان تراعي عدم قدرتهم على دفع المزيد.
بدأت الجلسة باعطاء صورة واضحة عن الانقسامات التي تحكم المجلس النيابي ومنه تنتقل الى اللبنانيين، وشهدت الجلسة سجالاً حاداً بين الرئيس نبيه بري والنائب ملحم خلف، الذي دعا بالنظام الى انتخاب رئيس للجمهورية، مشيراً الى ان الجلسة يجب ان تتحول الى انتخاب رئيس، وادى ذلك الى مشادة بينه وبين الرئيس بري وتحرك اعضاء من كتلة التنمية والتحرير وهدد الرئيس بري باخراج خلف من القاعة فانتصر له نواب التغيير وحدث هرج ومرج الى ان هدأت الامور، بعدما وصف النائب علي حسن خليل النواب التغييرين بالمافيا فردت النائبة بولا يعقوبيان بالقول «مطلوب للعدالة وعم تحكي عن مافيات».
بعد ذلك تلا رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان التقرير الذي اعدته اللجنة وفند التعديلات البنيوية التي ادخلتها اللجنة على الصيغة المحالة من الحكومة. واعطيت الكلمة لرئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان الذي قال ان النقاش الجدي يحتاج الى استقرار. وسأل عن اي استقرار نتكلم وقرار الحرب والسلم خارج مؤسسات الدولة، والبعض يربط مصلحة لبنان بمحور خارجي والبعض الاخر ينتظر الخارج ليؤمن لنا رئيساً للجمهورية واتهم الحكومة وحاكم مصرف لبنان السابق بسرقة العصر. وتوالت الخطب الشعبوية التي لم تبدل شيئاً في الموازنة.
نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب قال ان هذه الموازنة لا تلبي مطالب الاستشفاء والتربية ولا المؤسسات ولا القوى الامنية ولا العسكريين. ورد بري على مداخلة بوصعب وخشيته من ان يأتي العام المقبل ونناقش الموازنة في ظل غياب رئيس للجمهورية، قال بري: «ان شاء الله لا… وان شاء الله في اسرع وقت». وهنا لا بد من التذكير ان الرئيس بري حدد مرات عدة مواعيد توقع ان يتم انتخاب الرئيس فيها، الا ان شيئاً لم يتحقق وبقي المجلس النيابي مقفلاً. ثم تحدث عدد من النواب فتطرق النائب حسن فضل الله الى الحرب الدائرة في غزة وما تقوم به المقاومة على الجبهة اللبنانية، وتلاه النائب ميشال معوض الذي وصف الموازنة بانها موازنة التشبيح وتجويع المواطن وضرب القطاع الخاص الشرعي لصالح ابطال التهريب. وموازنة ضرب الموظفين في القطاع العام ومؤسسات الدولة لصالح الزبائنية… وتابع النواب مداخلاتهم وعند الساعة الثالثة، رفعت الجلسة الى السادسة مساء وقد استؤنفت في الموعد المحدد وتحدث عدد من النواب وانتقدوا الموازنة والحكومة التي لا تراعي وضع اللبنانيين. لقد كانت خطابات شعبوية خالية من اي جدية وبالتالي فانها لن تبدل شيئاً وما كتب قد كتب. فهل ان الشارع قادر على تحمل ضرائبها الباهظة جداً ام انه سيواجه هذه الهجمة الظالمة على جيوب المواطنين؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق