سياسة لبنانيةلبنانيات


لبنان
لبنان بلا مسؤولين والفلتان هو المسيطر سياسياً ومالياً واقتصادياً وصحياً

لبنان بلا مسؤولين. لا رئيس للجمهورية ولا مجلس نواب فاعلاً ولا حكومة كاملة الاوصاف. وهكذا تحول الى ورقة تتقاذفها القوى الاقليمية والدولية كلما احتاجت اليها. لماذا لم يتم انتخاب رئيس منذ ثلاثة اشهر، والبلد في اسوأ مراحل تاريخه، ولماذا لم يتحمل النواب الذين انتخبهم الشعب ليسهلوا حياته مسؤوليتهم الاولى، وهي الاتيان برئيس يكون على مستوى الاحداث التي يمر بها لبنان؟ ولمصلحة من هذه العطلة الطويلة للمجلس؟ هل يرون ان الاوضاع بالف خير وانها تتحمل هذا التأجيل؟ لماذا عقدت عشر جلسات كانت اشبه بمسرحيات معيبة اقل ما يقال فيها انها كانت استهزاء بالدستور والوطن والشعب. الاسئلة كثيرة ولا من مجيب واحد عليها. انه التهرب الكامل من المسؤولية، الذي عودتنا عليه هذه الطبقة السياسية الفاشلة التي انزلت لبنان من اعلى قمة في المنطقة الى اسفل المنحدرات… الى جهنم. والسؤال الاهم الذي يطرح دائماً اين الشعب؟ ولماذا هذا الصمت القاتل ولماذا انطفأت جذوة السابع عشر من تشرين وعاد جو القبور يخيم على الناس؟
الحكومة ليست افضل حالاً فهي بلا صلاحيات، وحتى الاعمال التي سمح بها الدستور لا تقوم بتصريفها، وهي تترك الامور على غاربها. والسؤال لماذا لم تشكل حكومة كاملة الاوصاف، تخلف حكومة تصريف الاعمال هذه؟ لان حب التسلط والتمسك بالمحاصصة والامساك بشؤون الدولة كلها، منعت تشكيل حكومة جديدة. والاغرب من ذلك ان المعطلين لتشكيل الحكومة، والذين اوصلوا البلد الى هذا الوضع الكارثي المهترىء، هم انفسهم يواصلون التعطيل وينتقدون الكل ويلقون المسؤولية عليهم مع انهم هم المسؤولون الوحيدون. ازاء هذا الوضع المزري سئل المجتمعون في قمة عمان من اجل العراق: لماذا لم يدعَ لبنان الى المؤتمر؟ فكان الجواب في لبنان لا يوجد مسؤولون، لا رئيس للجمهورية ولا حكومة فاعلة. لقد بات اللبنانيون يخجلون من هذه الاوضاع ولكن السياسيين لا تعنيهم كل هذه الاقوال. فهم يثبتون يوماً بعد يوم مقولة: «كلن يعني كلن».
هذا الفلتان السياسي بات من الصعب ضبطه وهو يترافق مع فلتان اقتصادي ومالي غير مسبوق. فسعر الدولار وصل الى حدود الخمسين الف ليرة، دون ان يتحرك احد من الذين يدعون انهم مسؤولون، وهم ابعد الناس عن المسؤولية. لماذا لا يتم وضع ضوابط لسعر الصرف وقد انعكس على حياة المواطنين وجعلها مستحيلة؟ ان كانوا غير قادرين فليجمعوا حاجاتهم ويرحلوا الى منازلهم ويفسحوا المجال لمن هم اهل للحكم، وعلى قدر المسؤولية. بالطبع ان الساكنين في الابراج العاجية لا يزورون السوبرماركت فهناك من يقوم بالمهمة عنهم. ولكن لو كلفوا انفسهم مرة واحدة وقاموا بزيارة الى اقرب محل تجاري واطلعوا على اسعار المواد الغذائية والسلع المعيشية لادركوا انها باتت فوق قدرة المواطن الشرائية وان تأمين الحياة بات من المعجزات.
ونسأل وزير الصحة لماذا سعر الدواء المصنع محلياً اصبح اغلى من سعر الدواء المستورد؟ هل هناك نية في ترك المواطنين يموتون بسبب عدم قدرتهم على شراء الدواء؟ لمصلحة من كل هذا؟ هل هو فقط لارضاء بعض المتاجرين بالدواء وبحياة الناس. ففي كل يوم يرتفع سعر كل دواء بين عشية وضحاها مئات الاف الليرات دون حسيب او رقيب. هل فكرت وزارة الصحة ومعها الحكومة كلها، من اين يؤمن المواطن المال لشراء كل هذه الحاجات وقد بات يحتاج الى اكثر من ثلاثين مليون ليرة كحد ادنى لتأمين معيشته. لماذا مرت ثلاثون سنة واكثر على انتهاء الحرب الاهلية ولا نزال بلا كهرباء، وقد انفق عليها اكثر من 45 مليار دولار؟ الجواب بسيط لانها سلمت الى طرف واحد على مدى خمس عشر سنة، وبدل ان يؤمن التيار 24/24 اوصل الناس الى 24 ساعة عتمة والتبرير دائماً حاضر: «ما خلونا». والسؤال المطروح لماذا لم تتم المداورة، ولماذا بقي القطاع على مدى سنوات طويلة في ايدي جهة واحدة رغم فشلها في ادارته؟
لن نسترسل في سرد فظائع هذه الطبقة السياسية التي اوصلت المواطنين الى الدمار وهجرتهم، وهي ماضية في سياستها التدميرية، فكأن هناك مخططاً للقضاء على لبنان. نعم لقد هجروا الشباب واصحاب الكفاءات الذين يمكن ان يبنوا البلد، وهم يرون ان الباقين والسواد الاعظم منهم اصبحوا في عمر متقدم، ولا معنى لبقائهم على قيد الحياة في نظرهم. فهنيئاً للذين رحلوا قبل ان يطلعوا على ما اوصلت هذه الطبقة اللبنانيين اليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق