سياسة لبنانية

الازمة تتفاقم والحل بسيط: وحدوا كلمتكم حول مصلحة لبنان وحده

ازمة العلاقات مع دول الخليج لا تزال تتفاقم وتنذر بما هو اسوأ، اذ تبين ان المعالجات الرسمية ليست على المستوى المطلوب، خصوصاً وان كلمة اللبنانيين ليست موحدة. التشرذم السياسي الذي انتجته المنظومة على مر السنوات الاخيرة انعكس على الشعب الذي تحول الى فئات تدين كل واحدة منها بالولاء لجهة معينة. ومن هنا كانت صعوبة حل ازمة العلاقات مع دول الخليج. فلو كان اللبنانيون موحدي الرأي يدينون كلهم بالولاء للوطن، وللوطن وحده، لحلت الازمة فوراً ولراعى الجميع المصلحة اللبنانية التي يجب ان تكون فوق كل اعتبار.
دول الخليج لم تخطىء مع لبنان، لا بل قدمت له كل الدعم المعنوي والمادي، ووقفت الى جانبه في الملمات، الا ان المنظومة شاءت ان تخرج من الصف العربي، الحضن الطبيعي للبنان، وراحت في مسارات اخرى لم تجلب لها سوى الفقر والقهر. وما تطالب به دول الخليج هو مطلب اكثرية الشعب اللبناني، من السيادة الكاملة غير المنقوصة، الى ضبط تفلت السلاح غير الشرعي وحصره في يد الجيش اللبناني دون غيره. اليست هذه مطالب السواد الاعظم من اللبنانيين؟
ان الحلول التي يبحث عنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الخارج، هي سراب وقد ضلّ الطريق في البحث عنها. انها في الداخل، فعندما يعود من قمة غلاسكو، عليه ان يتصل بكل الافرقاء ويحاول جمع كلمتهم حول مصلحة لبنان اولاً، فان نجح في محاولته يكون قد انقذ البلاد، وعادت العلاقات مع الدول الخليجية الى حالتها الطبيعية، وعندها يرفع الحصار، وتعود المنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية تتدفق الى الاسواق الخليجية وهذا ما نحن بامس الحاجة اليه في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة. اما اذا فشل الحوار مع الداخل فان الازمة مرشحة للتدهور اكثر فاكثر، ومعها يصبح لبنان عاجزاً عن تصحيح مسيرته. فهل من المعقول ان تحل كل هذه الكوارث بالصناعيين المهددة صناعاتهم بالتوقف، والزراعيين الذين بدأوا يتخوفون من كساد انتاجهم، اذا لم يتدارك المسؤولون الوضع ويجدون الحلول. فضلاً عن تأثر اللبنانيين عموماً لان تحويلات ابنائهم في الخليج تمدهم بالاوكسجين الذي يحتاجون اليه للبقاء، في ظل ازمة اقتصادية غير مسبوقة هي على كل حال من صنع المنظومة اياها التي لم تزرع في البلد سوى الفساد والهدر والسوء. – فهل من المعقول ان يحل كل هذا الشر بالبلد بسبب شخص اختير لمنصب وزاري لا وفق كفاءته واهليته، بل لان احد الزعماء السياسيين اختاره للمهمة. ان هذا السلوك في تشكيل الوزارات اوصل البلاد الى ما نحن عليه اليوم.
عندما طالب ثوار 17 تشرين، قبل ان تتدخل المنظومة وتشرذمهم، بوزراء ذوي اختصاص وحياديين، ثارت ثائرة الطبقة السياسية وبدأت بوضع الذرائع والحجج والعصي في الدواليب. وعندما كلف حسان دياب بتشكيل حكومة اختصاصيين وحياديين، كانت المنظومة حاضرة، فجاءت الحكومة من لون واحد ولم تستطع ان تنتج انجازاً واحداً، رغم ادعاء دياب بانها انجزت 97 بالمئة مما هو مطلوب، فتعطل العمل وسقطت. وكلف الرئيس نجيب ميقاتي، بعد مماطلة استمرت عشرة اشهر وواجهته العقد والمطالب عينها فشكل حكومة كل وزير فيها خاضع لجهة سياسة يأتمر باوامرها وينفذ مصالحها، ولو على حساب مصلحة الوطن كما هو حاصل اليوم.
لا تفتشوا كثيراً ولا تبحثوا، فالحل سهل وماثل امامكم. وحدوا كلمتكم حول مصلحة الوطن اولاً واخيراً فتزول جميع العقد والمطبات، فاما انكم قادرون والا فالرحيل يصبح افضل لانه يحفظ كرامتكم. اقدموا والشعب اللبناني ينتظر ولن يمهلكم طويلاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق