سياسة عربية

«المعارضة الراشدة» تدخل شرك داعش والقاعدة والنظام، والموفد الدولي يجدد مقترحه بـ «تجميد القتال»

في سوريا، كل شيء مختلف. وحتى التناقضات تبدو عادية جداً.
على سبيل المثال، ليس غريباً حدوث توافق ضمني، وغير معلن بين الاضداد في موقع معين، وتنافر واضح حد المواجهات في موقع آخر. فما يجري في مدينة حلب ومحيطها، يؤكد تلك الفرضية، حيث اتفقت الاضداد (النظام، والقاعدة، وداعش)، على هدف محدد، ودخلت في مواجهات عنيفة ضمن ذلك الهدف.

احكمت «الاضداد الثلاثة» الخناق على من يطلق عليهم اسم «المعارضة الراشدة»، التي تحظى بدعم اميركي وغربي. والتي تعتمدها المجموعة الغربية من اجل تقديم الدعم لها. وتعلن انها تعمل على تاهيلها لكي تكون البديل عن النظام السوري في المستقبل.
التقارير الواردة من محيط حلب تشير الى قيام قوات نظام الرئيس بشار الأسد بتطويق حلب بينما انتزعت منهم جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة السيطرة على مناطق رئيسية في وقت تستمر فيه ميليشيات تنظيم داعش في هجماتها التوسعية.

هجوم من ثلاثة محاور
ويواجه المقاتلون المعارضون المدعومون من الغرب في سوريا حالياً هجوماً من ثلاثة محاور: من قوات نظام الرئيس بشار الأسد في شمال حلب والتوسع المستمر لميليشيات تن
ظيم داعش والهجمات على جماعة تابعة لتنظيم القاعدة. ويحاول النظام وضع مدينة حلب تحت حصار محكم، وسط تقديرات بان حدوث ذلك يعني ضربة للثورة بأكملها وانتصاراً للنظام.
ولا يزال المقاتلون المعارضون يسيطرون على أجزاء من حلب التي كانت يوماً المدينة الثانية في سوريا قبل اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011. وإذا قدر لها السقوط، فإنه سيتم قطع خط إمداد رئيسي من تركيا.
وحث الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس على اتخاذ مزيد من الإجراءات في حلب، لكن التحالف بقيادة الولايات المتحدة الذي ينفذ ضربات جوية في سوريا يركز على إضعاف ميليشيات تنظيم داعش وليس على الأسد.
وفي الوقت نفسه، فإن الاقتتال الداخلي بين المقاتلين المعارضين يسبب المزيد من المشاكل.
وطردت جبهة ثوار سوريا التي يرأسها جمال معروف، المدعوم من الولايات المتحدة، من قواعد رئيسية بالقرب من إدلب من جانب جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وتمكنت جبهة النصرة من طرد معروف من قريته «دير سنبل». وفشلت جهود المصالحة بين هذه الجماعات بعد أن بدأت التوترات في أيلول (سبتمبر). وواصلت تبادل الاتهامات والشتائم. فمن اتهامات لبعض الفصائل بالعمل على تحقيق الربح من «الحرب»، وان بعضها تخلى عن قتال النظام وتحول الى «عصابة». والى نقد بان البعض تسلم شحنات اسلحة من الولايات المتحدة.

صعوبة دعم المعتدلين
وتواجه مجموعات أكثر اعتدالاً ضغطاً مماثلاً من تنظيم داعش الأفضل عتاداً والذي يسيطر على جيوب عميقة وأسلحة ثقيلة تم الاستيلاء عليها من الجيشين العراقي والسوري.
وتواصل النصرة، التي تعاونت بشكل عام مع المقاتلين المعارضين الرئيسيين منذ ظهورها لأول مرة في سوريا منذ أكثر من عامين، العمل جنبا إلى جنب مع الجيش السوري الحر– وهو تجمع فضفاض من وحدات تقاتل الأسد – في أجزاء أخرى من البلاد.
وحتى مع ذلك، فإنه إذا انتهى بها المطاف بالسيطرة على مناطق خارج قبضة الأسد في شمال غربي البلاد، فإن الدول الغربية ستجد صعوبة في إرسال إمدادات للمقاتلين المعارضين الأكثر اعتدالا الذين تدعمهم.
وسيزيد هذا من تعقيد الجهود الرامية لمهاجمة داعش وعدم تعزيز النظام في آن واحد.
وأشارت الولايات المتحدة هذا الأسبوع إلى أنها تنظر إلى تهديد المسلحين على انه الأولوية الرئيسية، مما دفعها لتنفيذ ضربات جوية ليس فقط ضد تنظيم داعش ولكن أيضاً ضد النصرة وضد تجمع أحرار الشام.
وفي حين ان أحرار الشام هي جماعة مسلحة معارضة إلا إنها كانت جزءاً حيوياً من المكاسب الرئيسية للمقاتلين المعارضين لنظام الأسد. ولدى الجماعة روابط ببعض الشخصيات في تنظيم القاعدة، لكن لم ينظر إليها حتى الآن على أنها تمثل تهديداً مباشراً للغرب.
وتهدد الضربات الجوية بتوسيع الانقسامات داخل المعارضة السورية، الامر الذي أثار توترات بين الجماعات المدعومة من الغرب والمسلحين الذين لا ينتمون لداعش.
الى ذلك، تمكنت قوات المعارضة السورية من السيطرة على تل حمد قرب مدينة الشيخ مسكين في محافظة درعا جنوبي سوريا، بعد أن سيطرت على مواقع تابعة لجيش النظام، في حين استمرت غارات النظام الجوية وهجماتها البرية على عدد من المدن والمناطق، مما أوقع عدداً من القتلى والجرحى.

سيطرة معارضة
واستولت قوات المعارضة المسلحة على مواقع تابعة للشرطة العسكرية وسرية رحمون بتل حمد التي تتمتع بأهمية كبيرة في تضييق الخناق على قوات النظام الموجودة في مدينة نوى بالمحافظة، وتساهم في تأمين المواقع التي سيطرت عليها قوات المعارضة أخيراً.
وذكرت لجان التنسيق السورية أن الطيران الحربي السوري شن ثلاث غارات على طريق نوى الشيخ مسكين بريف درعا، وسط اشتباكات عنيفة بين فصائل المعارضة وقوات النظام في المنطقة، كما أن كتائب المعارضة دمرت بصاروخ تاو عربة شيلكا لقوات النظام في محيط مدينة الشيخ.
من جهة أخرى ذكرت مصادر مختلفة أن 16 قتيلاً سقطوا في كل من دوما وحزرما في ريف دمشق ومدينة الحولة بريف حمص وبلدة معردبسة في ريف إدلب ومدينتي عندان وكفر حمرة بريف حلب الشمالي ومحيط جسر السياسية في مدينة دير الزور ومناطق أخرى جراء قصف بالدبابات والطيران الحربي للنظام.
من جهة أخرى تمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة على منطقة حجار بريف حمص الشرقي، بعد معارك مع تنظيم الدولة أسفرت عن سقوط قتلى من الطرفين.
وفي السياق نفسه، تواصلت الاشتباكات بين الجانبين في محيط جبل الشاعر القريب من منطقة حجار، وتزامن ذلك مع استهداف التنظيم بصواريخ غراد مواقع لقوات النظام بمطار تيفور العسكري محققا إصابات مباشرة.
وقتل 21 مدنياً بينهم طفل وامرأة في غارات وقصف بالبراميل المتفجرة نفذته طائرات النظام واستهدف مدينة الباب الواقعة في ريف محافظة حلب الشمالي الشرقي، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأوضح المرصد أن 21 مدنياً بينهم طفل وامراة هم عدد الذين قضوا جراء قصف بالبراميل المتفجرة من الطيران المروحي وقصف من الطيران الحربي على مناطق عدة في مدينة الباب، معقل لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش». وأضاف أن نحو 100 شخص أصيبوا أيضاً في هذه الغارات.

القصف بالبراميل المتفجرة
وكثف النظام السوري في الأسابيع الأخيرة غاراته وعمليات القصف بالبراميل المتفجرة التي بدأت بإلقائها طائراته في أواخر العام 2012.
في سياق مواز، قُتل خمسة مهندسين يعملون في مجال الطاقة النووية في هجوم استهدف حافلة كانت تقلّهم في منطقة تقع على الأطراف الشمالية لدمشق، الأحد، في ظروف غامضة، ولم يتم التأكد من كيفية حصول العملية أكانت عبر تفجير عبوة أم إطلاق نار مباشر، كما إن جنسيات هؤلاء المهندسين لم تعرف بعد.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن مجهولين اغتالوا خمسة مهندسين يعملون في مجال الطاقة النووية في مركز البحوث العلمية في حي برزة في شمال دمشق، مشيراً إلى أن جنسيات هؤلاء المهندسين لم يتم التأكد منها بعد.
وأضاف إنه لم يكن بالإمكان أيضاً «التأكد مما إذا كان الهجوم ناجماً عن تفجير عبوة ناسفة بحافلة كان يستقلها المهندسون الخمسة أو عن إطلاق النار على الحافلة التي كانت تسير بالقرب من جسر حرنة» القريب من حي برزة، على مقربة من المركز الذي يعملون فيه.
الى ذلك، بحث وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم  بدمشق مع المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة  ستيفان دى ميستورا الى سوريا نتائج جولته بعدد من العواصم وما جرى عرضه فى مجلس الامن حول الازمة السورية.

ميستورا في دمشق
ووصل ميستورا بعد ظهر السبت الى دمشق ، للبحث مع المسؤولين السوريين في خطة تحرك لحل الازمة المستمرة منذ حوالي اربع سنوات تقوم خصوصاً على «تجميد القتال» في بعض المناطق والتمهيد لمفاوضات.
والزيارة هي الثانية الى سوريا منذ تكليفه من قبل الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بمهمته في تموز (يوليو).
وقدم مبعوث الامم المتحدة في 31 تشرين الاول (اكتوبر) خطة تحرك في شأن الوضع في سوريا الى مجلس الامن الدولي، تقضي بتجميد القتال في بعض المناطق للسماح بنقل مساعدات والتمهيد لمفاوضات. ويتوقع ان يبحث في هذه الخطة مع المسؤولين السوريين الذين سيلتقيهم.
وجاء اقتراح دي ميستورا الى مجلس الامن بعد زيارتين قام بهما الى روسيا وايران اللتين تدعمان النظام السوري، سبقتهما زيارة الى دمشق.
واكد السفير السوري لدى الامم المتحدة بشار الجعفري ان حكومته مستعدة للنظر في اقتراح دي ميستورا لكنها تنتظر تفاصيل اضافية.

دمشق – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق