دولياتعالم

ماذا تمثل القرم لروسيا!

ما الذي تمثله القرم بالنسبة الى روسيا، موقعاً سياحياً أم مصدراً للغاز أم نفقات لا حصر لها؟ ستحل القرم محل مصر كموقع جاذب للسياح الروس، واحتياطياتها البحرية من النفط والغاز ستعزز وضع روسيا على رأس الدول المنتجة للطاقة، وستنعش منتجعاتها الصحية القوى العاملة في القطاع العام، أو على الأقل هذه هي الصورة التي تقدم روسيا بها القرم لمواطنيها.

 يأمل كثيرون في روسيا ألا يعود على بلدهم من ضم القرم إلا النفع وأن يتيح فرصة للاحتفال «بالعودة إلى حضن الوطن» بالنسبة إلى ما يزيد على المليون من «الأشقاء» الروس في المنطقة بعد أن نقلت تبعيتها إلى أوكرانيا قبل 60 عاماً.

المستفيدون
لكن الفرح الذي شعروا به عندما وافقت أغلبية كبيرة من سكان القرم على الانضمام إلى روسيا في استفتاء يوم الأحد قد يذهب جانب من بريقه عندما يحين وقت القرارات المالية الصعبة اللازمة لدعم اقتصاد المنطقة الذي يعتمد على أوكرانيا في توفير الطاقة والماء والغذاء.
النائب ليونيد سلوتسكي، وهو من أشد مؤيدي الموقف الروسي بخصوص أوكرانيا، امتنع عن الخوض في مشاكل انضمام المنطقة التي تضم مليوني نسمة إلى روسيا الاتحادية مفضلاً التركيز على فوائد الانضمام.
وقال متحدثا من العاصمة سيمفروبول «أكبر المستفيدين… هم بسطاء الناس، أهل القرم البسطاء الذين يختلفون الآن تماماً بوجوههم المشرقة وهم يقبلون بطاقات الاقتراع عمن كنت أراهم قبل أسبوعين».
وأضاف لإذاعة إكو موسكفي «الناس سعداء… فهم يحظون بالحماية وسيعودون إلى البلد الذي كانوا يريدون على مدى الجيلين الاخيرين على الاقل أن يكونوا جزءاً منه وأخيرا لأن الحقيقة التاريخية، هذه العدالة التاريخية ستسود».
ويلغي ما يعتبرونه «عدالة تاريخية» قرار الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف نقل تبعية القرم إلى أوكرانيا عام 1954 كما يعيد إلى روسيا منطقة لقضاء العطلات كان العمال الصناعيون السوفيات يُرسلون إليها ليجددوا حيويتهم باستنشاق هواء البحر.
وبعد أن قرر برلمان القرم في تصويت أجري امس تأميم شركة الطاقة الرئيسية في المنطقة كورنومورنفطوغاز، قد تكون روسيا في مركز تفاوضي أقوى يمكنها من انتزاع حقوق التنقيب عن الطاقة في البحر وفي الرصيف القاري في البحر الأسود.
وتداعب نتيجة استفتاء القرم المشاعر الروسية بخصوص شبه الجزيرة لكن لا أحد تقريبا يفكر في المبالغ التي قد تلزم لوضع المنطقة التي تعاني من تدهور حالة فنادقها وتدني الخدمات وتضخم الاقتصاد غير الرسمي على قدميها.

مرحلة انتقالية صعبة
والقرم منطقة خصبة معروفة بالشوارع التي يحفها النخيل على طول شاطىء البحر وتلالها الصخرية تعيش على الدعم وتعتمد على أوكرانيا في توفير 85  في المئة من حاجتها من الكهرباء و90 في المئة من مياه الشرب وقسط كبير من غذائها.
وتفيد حسابات كارن فارتابيتوف وهي محللة في مؤسسة ستاندارد آند بورز للتصنيف الائتماني بأن موسكو ستحتاج إلى دفع 38 مليار روبل (ما يزيد قليلاً على مليار دولار) في السنة للوصول بنصيب الفرد من إيرادات الميزانية في القرم إلى المستوى في أفقر مناطق روسيا مثل أوسيتيا الشمالية وكباردينو بلكاريا في شمال القوقاز.
وسيعني ضم المنطقة رفع معاشات التقاعد لنحو 560 ألفاً من المتقاعدين من 150 دولاراً شهرياً في المتوسط إلى الحد الأدنى المعمول به في روسيا وهو 180 دولاراً. ومتوسط الأجور في القرم 270 دولاراً في الشهر مقارنة مع 660 دولاراً في اقليم كراسنودار الروسي الى الشمال من القرم.
ويقول المسؤولون الروس إنهم مستعدون لإرسال معونة مالية تتراوح بين 30 و40 مليار روبل إلى القرم لمساعدتها على الانتقال الى السيطرة الروسية وهي عملية قال نائب وزير المالية سيرغي شتالوف إنها سيكون لها «أثر بالغ الخطورة».
وقال «ستجرى تغييرات في قوانين الضرائب ومسألة إنشاء هيئة جمركية وهيئة داخلية للإيرادات وتسجيل الهيئات القانونية والأفراد وعمليات جرد وقواعد للتكيف مع النظام الضريبي الروسي».
وأضاف «أعتقد أن الأمر سيحتاج بعض الوقت. ربما تعتمد مرحلة انتقالية. ولا استبعد اعتماد نظام ضريبي خاص».
وسيأتي كل هذا في وقت يضعف فيه اقتصاد روسيا بخطوات متسارعة لأسباب من بينها تحركاتها في أوكرانيا حيث سيطرت القوات الروسية على القرم ودعمت موسكو الاستفتاء الذي جاءت نتيجته موافقة 97 في المئة من الناخبين على الانضمام إلى روسيا.

العجز يتسع وتذمر شعبي
ويقول جوكو راوتافا الخبير الاقتصادي في معهد اقتصاديات المراحل الانتقالية في بنك فنلندا ان معدل النمو الاقتصادي في روسيا في عام 2014 قد ينخفض إلى ما دون واحد في المئة بعد انضمام القرم مقارنة مع توقع البنك المركزي الروسي تحقيق نمو بين 1،5 و1،8 في المئة.
وهذا يعني مزيدا من الضغوط على الميزانية الاتحادية وميزانيات الأقاليم لتنفيذ أوامر بوتين بتحسين الأجور لموظفي القطاع العام وتقديم مزايا للأمهات وتطوير البنية الأساسية.
وقالت فارتابيتوف «المشاكل تتفاقم في الأقاليم وثمة ما بين عشر مناطق و15 منطقة تحتاج إلى دعم مالي عاجل لتنفيذ أوامر بوتين».
وأضافت «إنها مسألة أولويات، تقديم مساعدة للمناطق الروسية أم إرسال تلك المساعدة إلى مكان آخر، إلى منطقة أخرى».
وقالت فارتابيتوف إن عشراً على الأقل من المناطق الروسية عليها ديون تقرب من 100 في المئة من إيراداتها والحصول على قروض من أسواق الديون أمر بالغ الصعوبة بالنسبة إليها ولا أمل لها إلا في الحصول على مساعدة من الميزانية الاتحادية.
«وستحتاج المناطق إلى المزيد كل عام بسبب تباطؤ الاقتصاد وركود تحصيل الضرائب وتزايد الإنفاق، العجز يتسع».
ويقول بعض المحللين إن احتمال التذمر الشعبي سيزيد ما لم تقدم القرم لروسيا شيئا في المقابل.
وقد تزيد احتياطياتها البحرية من النفط والغاز إمكانيات روسيا في مجال الطاقة. ولمح زعماء القرم الجدد بالفعل إلى ضرورة أن تشتري شركة غازبروم الروسية شركة الطاقة المحلية كورنومورنفطوغاز.
لكن مع العقوبات الغربية التي تستهدف من «قوضوا وحدة أراضي» أوكرانيا قد تتعرض الشركات الروسية لضغوط إذا بدأت السيطرة على شركات أوكرانية سابقة.

رويترز
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق