سياسة لبنانيةلبنانيات

افق مسدود سياسياً ومعيشياً ولا امل بالخلاص الا بالتغيير

تضامن الكهرباء والمياه مع حرارة الطقس الاربعينية للقضاء على المواطن

اجواء سياسية ملبدة واخرى معيشية مأساوية قاهرة، ومنها نبدأ. ففي عز الطقس الملتهب والذي تخطت حرارته الاربعين درجة والرطوبة 90 بالمئة لتزيده اشتعالاً، اعلنت كهرباء لبنان عن توقف انتاج الكهرباء وعادت العتمة الشاملة تلف المناطق. فالشركة المشغلة لمعملي ديرعمار والزهراني، سلمت المهمة الى كهرباء لبنان، لانها لم تتقاض مستحقاتها بالدولار، رغم تحذيرات وجهتها قبل اكثر من اسبوعين. وهكذا اصبح اللبنانيون بلا كهرباء ولا ماء وليتدبروا امرهم، فليس من مسؤولين عنهم. والاغرب من هذا الوضع الكارثي، ان الشعب لم يقم باي ردة فعل، ووقف يتلقى الضربات التي لم يعد جسده يتسع لها حتى صدق قول الشاعر «وصرت اذا اصابتني سهام  تكسرت النصال على النصال». ويمكن القول ان هذه المنظومة المتحكمة بالبلد غير مبالية. فهي لا تعاني من الحر فكل وسائل الراحة متوفرة لها، تقضي اوقاتها بين البحر والجبل والسفر، غير شاعرة بوجود شعب جائع مقهور، ففي نظرها ان هذا الشعب وجد لخدمتها فقط. لقد سجلت اعلى درجات الفشل في تحمل مسؤولية حكم وشعب، واعلى درجات النجاح في ابتكار الابواب التي تنفد منها الى تجويع الشعب وتحميله فوق طاقته. فهي في كل يوم تقصفه بسلة رسوم وضرائب تخطت بكثير معاشه الشهري، دون ان تفكر من اين يأتي بالمال ليلبي طلباتها.
على الصعيد السياسي تلقى عدد من النواب رسالة من الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لودريان وزعتها عليهم السفارة الفرنسية في لبنان. وتضمنت الرسالة سؤالين الاول عن الاولويات الواجب على الرئيس العتيد البدء بالعمل عليها، والسؤال الثاني ما هي مواصفات هذا الرئيس الذي يستطيع تحقيق هذه الاولويات. وطلبت الرسالة ان تكون الاجوبة خطية وتسلم الى السفارة قبل 31 آب الجاري، على ان تعقد طاولة حوار بحضوره تناقش فيها هذه الافكار والطروحات، ثم يتم الانتقال الى المجلس النيابي لاجراء دورات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية.
المعارضة رفضت الرسالة واعتبرتها تمس بالسيادة، لا بل ان البعض ذهب الى اتهام فرنسا بفرض وصاية على لبنان اشبه بالوصاية السورية التي كانت سائدة. كما رفضت المعارضة الحوار مع فريق الممانعة استناداً الى تجارب سابقة، وقالت ان لا فائدة منه. وانها في احسن الحالات تجري حواراً مع الموفد الفرنسي. اما فريق الممانعة فقال انه يدرس الرسالة وسيجيب عليها. فهل ان هذه الاجواء الانقسامية توحي بامكانية التوصل الى حل؟ فلماذا يأتي لودريان، وماذا يحمل معه، وهل تكون لزيارته الثالثة نتائج ايجابية ام انها ستكون على غرار الزيارتين السابقتين؟ وما هو موقف اللجنة الخماسية التي انعقدت في الدوحة والتي طرحت مواصفات الرئيس وايدتها المعارضة؟ ان ايلول موعد عودة لودريان الى بيروت بات قريباً، ويبقى الانتظار الوسيلة الوحيدة لاستكشاف ما يحمله المستقبل.
في هذا الوقت انهت حكومة الضرائب درس موازنة 2023 التي اصبحت لزوم ما لا يلزم، طالما ان السنة مالت الى الافول، خصوصاً وان هذه الموازنة ستعرض على المجلس النيابي لمناقشتها، ومعلوم ان هذا المجلس معطل، ولا يعمل لانه يرفض ان يقوم بالمهمة الاساسية المترتبة عليه، وهي انتخاب رئيس للجمهورية. الا ان الحكومة كل ما يهمها تمرير هذه الموازنة في اي وقت كان، لتتمكن من الاستفادة من سيل الضرائب والتعريفات الخيالية التي تتضمنها.
هذا ومن المتوقع ان يعقد المجلس النيابي جلسة تشريعية لمناقشة بعض القضايا واهمها مشروع الكابيتال كونترول الذي وصف بانه حامي المصارف ويمنحها براءة ذمة، وقد رفضته الاكثرية الساحقة من اللبنانيين لانه يحمي الفاسدين ويقهر المظلومين ويحرمهم حقوقهم. وفيما كانت الامال معقودة على التيار الوطني الحر لتأمين النصاب، اعلن التيار ليلاً انه لن يحضر الجلسة وبالتالي فان تأمين النصاب بات صعباً جداً.
انها صورة سوداء ترسمها هذه المنظومة الفاشلة ولم يعد من حل الا بالتغيير وبسرعة قبل فوات الاوان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق