سياسة لبنانية

المشهد اللبناني في الأشهر الثلاثة المقبلة

الوضع في لبنان خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، أي في ربيع 2015، يمكن  اختصاره في الصورة والنقاط الآتية:
1- الوضع الأمني مستقر إجمالاً ويحافظ على وتيرته الهادئة ويُصنف وضعاً معقولاً ومقبولاً في شكل عام مقارنة بالوضع المتفجر في دول الجوار والمنطقة… وفي هذا الوضع ملاحظتان:
الأولى: ثمة اختلاف بين الوضع الداخلي والوضع الحدودي: الوضع الأمني في الداخل تحت السيطرة والمراقبة، ولكنه يظل معرّضاً لخروقات وثغرات أمنية، ويظل خطر حصول تفجيرات واغتيالات ماثلاً مع وجود خلايا نائمة وجاهزة للتحرك وفي ظل حرب الاستخبارات الإقليمية والدولية على أرض لبنان… أما الوضع العسكري على الحدود اللبنانية – السورية، فإنه مفتوح على تطورات واحتمالات التصعيد لأنه جزء من الحرب السورية، وتحديداً المعركة الدائرة في جنوب سوريا وسيكون لها تأثير مباشر على دمشق وريفها وعلى القلمون والحدود مع لبنان.
الثانية: الوضع الأمني، وحتى إشعار آخر، ليس وضعاً متفجراً وليس قابلاً لإنتاج حرب داخلية أهلية على غرار ما هو جارٍ في أكثر من دولة عربية. وثمة أسباب وعوامل كثيرة تدفع باتجاه ضبط الساحة اللبنانية وتحييدها:
– إرادة سياسية لدى كل الأفرقاء اللبنانيين في رفض العودة الى الحرب الأهلية التي عاشوها وخبروها.
– وجود جيش متماسك وقوي يشكل نواة صلبة في دولة هشة.
– قرار دولي بتحييد لبنان عن الحرب السورية… لبنان الذي يشكل متنفساً ورئة لسوريا بجناحيها…
– التقاء وتقاطع مصالح إقليمي، وتحديداً بين إيران والسعودية، على حفظ الاستقرار اللبناني ومن منطلقات مختلفة: السعودية تعرف أن أي تدهور أمني سيكون فيه المستقبل أول المتضررين والحلقة الأضعف وسيؤدي الى تقوية قوى التطرف… وإيران تعرف أن أي غرق أو إشغال لحزب الله في المستنقع اللبناني سيصرفه عن معركته الأساسية في سوريا وسيلحق به الضرر كتنظيم مقاوم في حركة الصراع مع إسرائيل.
2- الوضع السياسي سيظل على هذه الحال من «الجمود والرتابة والفراغ»:
– الحكومة أصبحت عملياً حكومة تصريف أعمال، بمعنى أنها غير قادرة على اتخاذ قرارات كبيرة وفي ملفات وقضايا أساسية واستراتيجية، ولذلك فإنها تملأ الوقت و«تفش خلقها» في القرارات والمتابعات اليومية وفي ملفات الصحة والغذاء والبيئة…
– مجلس النواب يعمل بالحد الأدنى من طاقته وإنتاجيته تحت مبدأ «تشريع الضرورة».
– التمديد في المواقع العسكرية والأمنية القيادية سيكون عنوان المرحلة، وبالاستناد الى ثلاثة عوامل: استثنائية الوضع الأمني، صعوبة التوافق الحكومي على البدائل، وعدم وجود رئيس للجمهورية.
– الفراغ في رئاسة الجمهورية مستمر، وحيث لا مؤشرات الى إمكانية حدوث اختراق وشيك في جدار الأزمة الرئاسية. فحوار المستقبل – حزب الله يحاذر التوغل في هذا الملف ويحيله الى الساحة المسيحية والى حوار التيار – القوات الذي بدوره يحاذر الاقتراب من الموضوع الرئاسي لأنه يشكل نقطة خلاف أساسية يمكن أن تطيح مجمل عملية الحوار… ويمكن تلخيص المأزق الرئاسي في النقاط الآتية:
– المستقبل انتقل عملياً الى مرحلة الرئيس التوافقي ويسعى الى إقناع أو استدراج حزب الله الذي ما زال متمسكاً بالعماد عون ويفاوض معه ومن خلاله ولا يفاوض عليه.
– القوات اللبنانية التي استقرت كرة الرئاسة في ملعبها ليست في الوضع الذي يتيح لها اتخاذ القرار الصعب بتأييد انتخاب عون رئيساً طالما يخوض معركة الرئاسة من موقع الطرف والحليف لحزب الله ولم يقدم ضمانات وتطمينات.
– الرئاسة مفتاحها في يد عون ومعلقة على قراره. سيظل متمسكاً بترشحه طالما لم يستنفد حظوظه. لا هو سيتخلى عن ترشيحه لمصلحة الرئيس التوافقي، ولا حزب الله سيمارس ضغطاً عليه وليس مستعداً لخسارة أهم حليف له. وبالتالي تظل معادلة: عون… أو الفراغ قائمة حتى إشعار آخر.
– لا يمكن إغفال البعد الإقليمي في معركة الرئاسة التي هي على صلة وثيقة بنتائج المفاوضات والاتفاق النووي المتوقع بين أميركا وإيران، وبمجريات الصراع المحتدم بين السعودية وإيران: ففي وقت لا يناسب السعودية وصول رئيس لبناني يعزز نفوذ إيران ومشروعها في المنطقة، لا ترى إيران سبباً للتنازل في لبنان وهي في ذروة وضعها وتقدمها في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق