سياسة لبنانيةلبنانيات

طروحات عون مطلب معظم اللبنانيين ولكن توقيتها غير مناسب

اطل رئيس الجمهورية ميشال عون ليل امس على اللبنانيين، فتحدث عن الاوضاع الراهنة، وعن مساوىء التعطيل الذي يمارسه الثنائي الشيعي، ويشل عمل مجلس الوزراء، في هذه الظروف الصعبة التي تتطلب تحرك الجميع من اجل الخروج من المأزق. الا ان ما لفت ظهوره بمظهر العاجز عن القيام بما كان يجب ان يقوم به، محملاً المنظومة المسؤولية. وقال ان صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة جداً.
ودعا الرئيس عون الى عقد مؤتمر وطني فوراً، يطرح امامه ثلاثة مشاريع هي: اللامركزية الادارية والمالية الموسعة، والاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان، وخطة التعافي المالي والاقتصادي، بما فيها الاصلاحات اللازمة والتوزيع العادل للخسائر.
هذه المواضيع الثلاثة مهمة للغاية، لانها تنهي الكثير من المشاكل والخلافات التي يواجهها لبنان، الا ان توقيت طرحها قد لا يكون مناسباً. والسبب هو ان هذه الطروحات خلافية في معظمها وهي تتطلب الكثير من العمل والاجتماعات واللقاءات للتوصل الى اتفاق حولها، هذا اذا تم الاتفاق. لان هناك مواضيع مرفوض البحث بها عند بعض الاطراف، وان كانت مطلب فئات اخرى. هذه المواضيع كانت صالحة لبداية العهد اذ كان امام المسؤولين الوقت الكافي لمناقشتها، والتوصل الى اتفاقات حولها. اما ان تطرح اليوم، ولا يبقى من عمر العهد سوى عشرة اشهر، فقد اصبح فتح ملفاتها شبه مستحيل، خصوصاً وان المنظومة التي حمل عليها الرئيس عون، وحملها مسؤولية الفشل، بدأت تنشغل بالتحضير للانتخابات، وقد اصبحت على الابواب، بعد ان حدد وزير الداخلية موعد اجرائها في الخامس عشر من ايار المقبل، ودعا المواطنين للمشاركة ترشيحاً وانتخاباً.
اذاً طرح رئيس الجمهورية جيد لبداية عهد، وهو على كل حال، قال يوم قسمه اليمين، انه سيفتح ملف الاستراتيجية الدفاعية، ولكن الملف طوي بعد ذلك ولم يعد احد يتكلم به. اما ان يطرح اليوم، وفي هذا الزمن القصير المتبقي للعهد، فليس مناسباً، خصوصاً في هذا الظرف الذي تتحكم به الخلافات والانقسامات، والتي تسد طريق اي اصلاح. فهل من السهولة اقناع حاملي السلاح بتسليمه الى الدولة، والانخراط في مشروع وطني لحماية لبنان؟ وهل من السهولة اقناع البعض باللامركزية الادارية والمالية الموسعة، وهي مطروحة في اتفاق الطائف ولم تستطع اي جهة ان تقربها او تفتح ملفها. ان الامل باي اصلاح او باي مشاريع قبل نهاية العهد بات مستبعداً جداً، وتبقى الانظار مشدودة الى الانتخابات، الامل الوحيد الباقي امام اللبنانيين لاحداث تغيير، ولو بخطوات صغيرة. ذلك ان التغيير الجذري وقبع المنظومة التي دمرت الوطن من المستحيلات الا ان وضع حجر الاساس وتحقيق خطوات ولو صغيرة في طريق التغيير، يعد مكسباً كبيراً. فهل تجرى الانتخابات ولن تصطدم بعراقيل تمنع اجراءها؟ فكما هو معروف هناك فئات لا تريد الانتخابات لانها تعرف سلفاً ان النتائج لن تكون لصالحها، وهي قادرة الى حد على العرقلة، فهل تنجح؟
الادارة اللبنانية في الداخل وفي عالم الاغتراب، مدعومة من المجتمع الدولي مصرة على الانتخابات، فعسى ان تتمكن من تحقيق حلمها اولاً في اجراء الانتخابات وثانياً في التغيير. وعندها تصبح المشاريع التي طرحها الرئيس عون، قابلة اكثر للبحث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق