سياسة عربية

نتانياهو اسير مواقفه ويطلب الاستمرار في الضغط على طهران

التفاؤل، المحدود والمضبوط الذي استقبلت به الطبقة السياسية في العالم انتخاب حسن روحاني، لرئاسة جمهورية ايران، لم يتحول عدوى، الى الطبقة الحاكمة في اسرائيل، فبقيت هذه القيادات مع حكومة بنيامين نتانياهو، اسيرة موقفها، من ان ايران سائرة، بلا عودة، على طريق صناعة القنبلة النووية.

لا تعتقد حكومة بنيامين نتانياهو ان انتخاب روحاني، يشكل، حقيقة  نافذة، مفتوحة تسمح بسلوك طرقات امام الانفراج وتخفيف التوتر، لان الذي يمسك بيده، الملف النووي في ايران. هو، في النهاية المرشد الاعلى، علي خامنئي، الذي منع ترشح «المزعجين» وسمح بانتخاب حسن روحاني، الذي كان مفاوض الملف النووي الايراني بين سنتي 2003 و2005 في عهد حكومة محمد خاتمي.
ولكن بالرغم من ان ايران علقت مؤقتاً، برنامج تخصيب اليورانيوم: ووعد روحاني بالمزيد من الشفافية في برنامجها النووي، فان قادة اسرائيل لا يرون اي سبب يبرر تخفيض العقوبات الاقتصادية التي تعهد الغرب بتطبيقها، في حق طهران. بل ان نتانياهو، اضحى يجد صعوبة في تبرير استمراره في السعي الملح وراء دعم الغرب وفي صورة خاصة حكومة الولايات المتحدة، لوضع خطط طوارىء، بما فيها العسكرية لمنع ايران من انشاء البنى التحتية الضرورية لامتلاك القنبلة النووية.

رسالة
الرسالة التي كان بنيامين نتانياهو يطلقها في الآونة الاخيرة، كانت واضحة، تطالب، بصوت شبه معزول في المجتمع الدولي، لمواجهة التهديد النووي الايراني، وسمعناه يقول اليوم، بعد انتخاب حسن روحاني، وفي مجلس الوزراء الاسرائيلي «ان على المجتمع الدولي» الا ينساق وراء رغبات روحاني، وتصديق تمنياته، ويخفف الضغوط على ايران». ودعا نتانياهو في يوم الثلاثاء 18 حزيران (يونيو) خلال اجتماعه مع وزير خارجية كندا، جون بيرد، الى «زيادة الضغوطات على ايران لوقف تنفيذ برنامجها النووي».
وتعمد المسؤولون الاسرائيليون، توزيع مقاطع من كتاب نشره روحاني في سنة 2011، عنوانه «الامن الوطني والديبلوماسية النووية»، يدافع فيه عن البرنامج النووي، وينصح الحكومة، التي يترأسها اليوم، بتقديم مصالحها الامنية على اي شيء آخر، من دون اي تردد أو خوف». وكان نتانياهو استرسل في اعطاء التفسير الاسرائيلي لهذا الكتاب في الاجتماع الحكومي المذكور: «انه صاحب وثيقة يمكن عنونتها: «مفاوضات وتخصيب». واقول: «ان واضع وثيقة تقود الى طمأنة المجتمع الدولي يستطيع الاستمرار في التقدم، شيئاً فشيئاً في برنامج صناعة القنبلة النووية».
وتقول فريدة فرحي، البحاثة في المجلس الوطني الايراني – الاميركي: «اعتقد بأن نتانياهو، لا يأخذ في الاعتبار، ما يقوله حسن روحاني، اي انه يعتبر تخصيب اليورانيوم حقاً من حقوق ايران، في اطار معاهدة عدم انتشار السلاح النووي، فروحاني، يرى ان ايران تستطيع، ان توحي عبر المفاوضات والديبلوماسية باشاعة الثقة، ببرنامج التخصيب او انتاج الطاقة النووية السلمية، وكان اشار عهد المفاوضات التي كان يجريها مع فرنسا وبريطانيا والمانيا، في وضوح الى ان ايران لن توقف في صورة دائمة، برنامجها للتخصيب، وانما لمدة مؤقتة من اجل اشاعة الثقة».

معدلات التخصيب
وكانت ايران اعترفت حتى الآن، بأنها تحصّب اليورانيوم في معدل 20 في المئة في حين يمكن استعمالها في المجال الطبي، لكشف امراض مختلفة، بينكا يكفي تخصيب اليورانيوم في معدل 5 في المئة، لانتاج وقود يغذي مفاعلاً مدنياً لتوليد الطاقة، مثلاً، بينما يتطلب استعمال اليورانيوم في المجالات العسكرية، تخصيبه في معدلات اعلى. وتعتبر اسرائيل، كما قال نتانياهو في خطاب القاه امام الجمعية العمومية للامم المتحدة، في السنة الماضية، ان ايران وصلت الى معدلات 70 في المئة. وامضى رئيس الحكومة الاسرائيلية، السنة الماضية في محاولة اقناع البيت الابيض، من دون نتيجة، بالقيام بضربة وقائية.
واضطر نتانياهو الى الموافقة مكرهاً، على تأجيل قرار شن هجوم عسكري على ايران… محدداً، ربيع ام شتاء السنة الحالية حداً زمنياً، اقصى.
ولم يؤد انتخاب روحاني، رئيساً لايران الى ادخال علناً على الاقل، اية تعديلات على هذه المواقف، وان كانت مصادر حكومية اسرائيلية، قالت مؤخراً الى جريدة الـ «بابيز» الاسبانية، ان هذه المواقف ليست حازمة البتة، وهي مرهونة بالعقوبات الاقتصادية وبديناميكية النظام الايراني الداخلية.
رئيس الحكومة الاسرائيلية وحيداً في اسرائيل في هذا الجمود الديبلوماسي. بالنسبة الى ايران. ففي يوم الاربعاء 19 حزيران (يونيو)، قال وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه ايالون، في احتفال عسكري، ان اسرائيل في طور «دراسة التطورات الجديدة في ايران، على ضوء نتائج الانتخابات، الامر الذي لا يحول دون ان نقدر طموحات النظام الايراني، الى امتلاك السلاح النووي». وتعتبر اوساط  المخابرات الغربية، ان اسرائيل اصبحت منذ منتصف القرن الماضي، قوة نووية بمساعدة فرنسا.

تشكيك
ويعتقد زيف ماغن، رئيس دائرة دراسات الشرق الاوسط في جامعة بار – ايلان، الاسرائيلية، «ان اسرائيل تعرف اكثر من الولايات المتحدة والغرب، احوال المنطقة، اننا نعيش في مواجهة التهديد الايراني، منذ امد طويل، ونحن اقل تصديقاً لما يقال، وليس من السهل ان نقع ضحية الاوهام والغش». ويردف ماغن: «ان روحاني ليس، في الضرورة اكثر اعتدالاً من محمود احمدي نجاد، عندما يتعلق الامر بالبرنامج النووي وبالانقسامات بين السنّة والشيعة وبالحرب مع اسرائيل.
بينما يرى مراقبون، ان الملف النووي، هو خارج صلاحيات رئيس الجمهورية شأن الامن الوطني، اللذين هما مبدئياً، من صلاحيات المرشد الاعلى مما دعا الرئيس الاصلاحي السابق خاتمي ينبه، الى ضرورة الاسترسال في التوقعات «لانه ليس في استطاعة الحكومة، اجتراح العجائب» بالنسبة الى الحالة الاقتصادية، مثلاً، ويغرق روحاني حدود امكاناته في دنيا المشروع النووي، وتوصل في هذه الصفة، الى «تعليق عملية التخصيب، لمدة مؤقتة في سنة 2004، ولكنه يقول اليوم، ان زمن وقف التخصيب، لم يعد ممكناً، ولكنه طرح معادلة «المزيد من الشفافية»، لاقناع المجتمع الدولي، بان ايران لا تسعى وراء القنبلة النووية. وانه لتغيير جذري، بالنسبة الى تصرفات احمدي نجاد التفجيرية. ففي استطاعة حسن روحاني، ان يعيد التعاون بين ايران ومنظمة الطاقة الدولية، الى سابق عهدها، مثلاً، وتنشيط روابط الثقة، ولكن كل ذلك، لا يشكل سوى بداية مسار طويل، وسيعود كل شيء، الى التخبط في امواج عاتية، اذا لم ترد الولايات المتحدة برفع قسم من العقوبات.
وفي ما يحصل شهادة من لوتشيانو زكارا الاستاذ في جامعة جورجتاون، في الدوحة «ان روحاني اكتسب شرعية داخلية وخارجية للجمهورية الاسلامية الايرانية، وساعد على هذا التطور انخفاض حالة التوتر في منطقة الخليج، وطاقة الرجل الحوارية العالية». ولكن هذه الملاحظة، لم تمنع هذا الاختصاصي الذي رافق مجريات الانتخابات الرئاسية، في صورة مباشرة من طهران، من التحذير، من المبالغة في التوقع «لان تأثيره (روحاني) على الوقائع السياسية، سيكون محدوداً وسيكون التقدم الذي سيحققه تدريجياً جداً».

ج. ص
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق