سياسة لبنانيةلبنانيات

عشوائية قاتلة في اتخاذ القرارات تفضح عدم الكفاءة لدى البعض

20 الف ليرة للدولار الجمركي رفض بقوة فلماذا قبلوا برفع رسوم الاتصالات من 1500 الى 27 الف ليرة؟

في كل مرة يجري الحديث عن تشكيل حكومة، تتوقف الاتصالات عند نقطة معينة لا تلبث ان تتمدد لتسد الطريق امام التأليف. وهذا ما درج عليه لبنان في السنوات الاخيرة، والسبب هو خلافات على الحصص والمكاسب التي يسعى كل فريق للحصول عليها. فالكتل النيابية كثيرة ولكل واحدة منها مطالب مختلفة عن الاخرى، فكيف يمكن ارضاء الجميع لتسهيل الطريق امام رئيىس الحكومة المكلف، بالاتفاق مع رئيس الجمهورية؟
الرئيس ميقاتي طرح تبديل وزيرين في الحكومة الحالية وهما وزير الاقتصاد ووزير المهجرين. او ابقاء التشكيلة كما هي واعادة احيائها لتصبح متمتعة بكامل الاوصاف. بالمقابل رئيس الجمهورية طرح زيادة عدد الوزراء الى ثلاثين، بزيادة ستة وزراء سياسيين عليها. ودخل التيار الوطني الحر على الخط مطالباً بالثلث المعطل الامر الذي رفضه ميقاتي. وهكذا تعقدت الامور وتشعبت المطالب وبدأت الطروحات الاعلامية وكلها خارج الدستور والقوانين، من مثل التهديد بسحب التكليف، وهذا مخالف لكل القوانين والدستور، وتشكيل حكومتين، وعدم تسليم الفراغ الى فراغ وغير ذلك من الطروحات وهي كلها خارج الدستور ولا يستطيع احد تطبيقها.
وسط هذا الجو الملبد والعاصف بالخلافات، عمت الفوضى جميع القطاعات وتوسعت الاضرابات والاعتصامات وساد الشلل ادارات الدولة وتعطلت مصالح المواطنين القليلة الباقية لهم. ويزيد هذا الوضع المتأزم سلبية، التصرف العشوائي التي تقوم به الحكومة، فتتخذ القرارات المخالفة للقوانين وتدير ظهرها لمطالب الناس الذين يعانون مما لم يعانه شعب في العالم. وكان اخر هذه الطروحات محاولات رفع الدولار الجمركي الى 20 الف ليرة دفعة واحدة، الامر الذي رفضه اللبنانيون جميعاً، وامس اجتمعت الهيئات الاقتصادية برئيس الحكومة وابلغته رفضها التام لتسعير الدولار الجمركي على 20 الف ليرة، وفندت الانعكاسات السلبية لمثل هذا القرار الذي يصب في النهاية ضد الطبقة الفقيرة. وشرحت كيفية التعاطي بحذر مع الكثير من السلع التي تخضع لرفع الدولار الجمركي. وقالت انها منذ اليوم الاول عارضت بقاء الدولار الجمركي على سعر 1500، ولكنها بالمقابل اقترحت رفعه الى ثمانية او عشرة الاف كحد اقصى. ويبدو ان الرئيىس ميقاتي ادرك ان رفع الدولار الجمركي لا يتم الا بقانون تشريعي يصدر عن مجلس النواب، فازاح هذا العبء عن كاهله وحوله الى السلطة التشريعية.
وتساءل البعض وابدوا استغرابهم من طريقة تعامل هذه الحكومة وخصوصاً بعض الوزراء بعشوائية غير مقبولة تسيء الى المواطنين. فرفع الدولار الجمركي من 1500 ليرة الى 20 الف ليرة، رفضه اللبنانيون جميعاً ووصفوه بانه قرار مدمر وجائر ويصيب الطبقة الفقيرة، ولكن لماذا تجاهل المعترضون قرار وزير الاتصالات الذي رفع سعر التشريج من 1500 الى 27 الف ليرة، سعر دولار المنصة، فحرم المواطنين جميعاً من المتنفس الوحيد الباقي لهم. كما انه بهذا القرار بدد ارصدة كانت متجمعة في هواتف الناس بمئات الدولارات لدى كل مواطن، فاذا بها تصبح اقل من عشرة دولارات. مع العلم ان المواطن امضى سنوات في تجميع هذا الرصيد. فلماذا سكت الجميع ولم يسمع صوت يدين هذا التصرف الذي يستهدف جميع اللبنانيين ويدل على عدم كفاءة وخبرة.
الوزير يقول ان الامور ماشية، ولم تتأثر بهذا الارتفاع الجنونبي، متجاهلاً ان تدفق المغتربين الى لبنان لقضاء فصل الصيف غطى الخسائر التي اصابت القطاع وستظهر النتائج بعد انتهاء الموسم السياحي ووقف ضخ الدولار.
هذه هي القرارات التي تصدر عن بعض الوزراء الذين تنقصهم الخبرة والكفاءة في فهم وضع المجتمع وقدرة الناس على التعاطي مع هذه العشوائية. وامس قال نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي، وهو من اشد المؤيدين لرفع سعر الدولار الجمركي الى 20 الف ليرة، يجب الاسراع في اقرار قانون الكابيتال كونترول، خصوصاً وانه مطلوب من صندوق النقد الدولي. وهكذا وبعد اكثر من سنتين على المطالبة باقرار هذا القانون، وهو نائم في ادراج مجلس النواب، ويوم كانت الفائدة كبيرة من اقراره لم يحرك احد ساكناً، وسكت الجميع عنه، لانه كان يتعارض مع مصالحهم، ان عدم اقرار الكابيتال كونترول في بداية الازمة ساهم في تهريب الاموال الى الخارج، واليوم بعدما اصبحت الحاجة اليه ضئيلة بالنسبة الى المرحلة الاولى جاءوا يطالبون باقراره. فلماذا لم تصل هذه الاصوات قبل اليوم؟
انها نماذج صغيرة تدل على ما الحقته المنظومة المتحكمة بالوطن من سوء، وتفسر لماذا وصلنا الى قعر جهنم. ورغم كل ذلك لا يزال الرئيس المكلف عاجزاً عن تشكيل حكومة تدير ولو بالحد الادنى الشؤون العامة. فالى متى الانتظار؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق