مواقف نصرالله نسفت طبخة حكومية كانت على وشك الاعلان
كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن قرب تشكيل الحكومة بعد مخاض استمر منذ حوالي السبعة اشهر ولا يزال، واعطيت مواعيد كثيرة لاعلان الحكومة الجديدة ولكن شيئاً من هذا القبيل لم يتحقق بسبب الخلافات التي تعصف بالاطراف السياسية.
هل يفاجىء الرئيس ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام اللبنانيين بحكومة جامعة وعادلة، كما اعلن سليمان، ووفق القواعد التي وضعها سلام، عندما كلفه 124 نائباً من اصل 128 بتشكيل الحكومة التي اطلق عليها اسم «حكومة المصلحة الوطنية»؟ ام انهما سينتظران جلاء صورة الوضع في المنطقة، خصوصاً مساعي المبعوث الاممي الاخضر الابراهيمي لحل الازمة السورية من خلال مؤتمر «جنيف – 2»، ونتائج الانفتاح الايراني على الاميركيين، ومصيرالاتفاق الاميركي – الروسي، ونجاح اجتماعات ايران والـ 5+1 بشأن الملف النووي، ومصير العلاقات السعودية – الايرانية، حتى يتسنى لهما اخراج الحكومة من عنق الزجاجة واعلانها بفعل التوافق الاقليمي؟ ام انهما يترقبان نتائج التواصل الاميركي – السعودي عبر زيارة وزير الخارجية الاميركية جون كيري الى السعودية التي استبقها بزيارة القاهرة ومنها بعث رسالة اطمئنان الى الرياض قائلاً: «انه قد يكون بين الولايات المتحدة والسعودية خلافات حول سوريا ولكنها تتعلق بالتكتيك لا بالهدف، وهو انتقال السلطة في هذا البلد عبر حكومة انتقالية تعطي الشعب فرصة اختيار مستقبله»، متبنياً موقف السعودية من مؤتمر جنيف بقبول ايران تنحي الرئيس بشار الاسد عن السلطة»؟ ام ينتظران مصير الاتفاق على «دوحة جديد» بصيغة لبنانية تحت عنوان «اتفاق بعبدا» ويشمل ملفات رئاسة الجمهورية، قانون الانتخاب، موعد اجراء الانتخابات والصيغة الحكومية؟
مواقف استفزازية
عادت عملية تشكيل الحكومة الى المربع الاول بعد مواقف الامين العام لحزب الله حسن نصرالله الاخيرة التي اعتبرتها قوى 14 اذار استفزازية وتنطوي على تحد وعلى املاءات على طريقة «مرشد الثورة»، تستند الى موازين قوى في المنطقة غير ثابتة، يحاول الحزب استغلالها للحصول على مكاسب يكرسها كثوابت سياسية لدى تشكيل الحكومات، وفي حال الفشل العمل من اجل اتفاق سياسي شامل. ان الفراغ يخدم مصالح الحزب المتحكم بالسلطة من دون شراكة 14 اذار، ويرفض الشراكة لانه قد يحتاج لاحقاً الى مواقف، لا يريد ان يربكه وجود 14 فيها. وادت مواقف نصرالله الى تطيير طبخة حكومية كانت تنضج على نار خفيفة، يفاجىء بها الرئيسان الرأي العام وفق ما كشف المطلعون، بحيث يتولى الرئيسان تعيين الوزراء من شخصيات بارزة غير سياسية ومن سياسيين لا يشكلون تحدياً وتوزيع الحقائب وفق المداورة، ويذيع سليمان رسالة الى اللبنانيين قبل صدور المراسيم ليضع القوى السياسية امام مسؤولياتها ويدعو اعضاء الحوار الى الاجتماع بعد الاستقلال. وردت 14 اذار على مواقف نصرالله بالتمسك بحكومة حيادية، ورفض الثلث المعطل لاي طرف والتشدد في المداورة، رافضة التوقف عند الصيغ الا اذا تجاوب الحزب مع مطلب سحب مقاتليه من سوريا والتزامه اعلان بعبدا وقبوله بالحوار للبحث في سلاحه من ضمن الاستراتيجية الدفاعية التي وضعها الرئيس سليمان.
ونقل الرئيس فؤاد السنيورة العائد من باريس الى الرئيس سليمان رفض الاستسلام لشروط حزب الله. ودعا الحزب 14 اذار الى استغلال العرض قبل نفاده وتغيير الظروف المؤاتية له اقليمياً، لاننا سنطرح صيغة 14-8-6 ولن نساوم على حقنا باختيار الاسماء والحقائب. وعلى 14 اذار ان تعترف بالخسارة وان تقبل بالعرض لان موازين القوى هي لصالحنا، بعدما اصبحنا مع النائب وليد جنبلاط اكثرية كما قال بري.
على رغم الصدمة التي تعرضت لها الطبخة الحكومية، يعترف احد الوزراء بأن المحاولات لم تتوقف بل استؤنفت انطلاقاً من رغبة خارجية وارادة محلية بتشكيل الحكومة وبضرورة وجود سلطة مسؤولة وكاملة الصلاحيات لاتخاذ القرارات وبت المشاركة في «جنيف – 2» ومعالجة الامن، وتفعيل عجلة الادارة، ووقف التسيب والهدر والقرارات المخالفة، ووقف تفريغ الادارة من احد المكونات الاساسية واعادة التوازن اليها، والعمل على وضع قانون جديد للانتخاب بعد مبادرة الرئيس نبيه بري، ليصار الى تقصير الولاية الممددة للمجلس المشلول بسبب الخلافات، واجراء الانتخابات النيابية في الربيع وبعدها الرئاسية. ويدعو تيار داخل 14 اذار للمشاركة في الحكومة حتى وفق صيغة 9-9-6 لانه لا يجوز «ان نبقى خارج السلطة في هذا الظرف وفي ظل الاستحقاقات الدستورية والمتغيرات الخارجية، بل علينا ان ندخل الحكومة، ونسترجع موقعنا مع تغيير موازين القوى، لمنع خطة تعميم الفراغ من قبل 8 اذار لفرض الاتفاق الشامل وفق مطالبها، وتهويلها بالفراغ في الرئاسة، والتحكم بمفاصل الدولة وفرض شروطها الاستسلامية على 14 اذار».
الغرب ضد الفراغ
وفي معلومات ديبلوماسية «ان الغرب يشدد على ضرورة احترام موعد الاستحقاق الرئاسي خوفاً من الفراغ وتداعياته على الساحة». وينصح مسؤولون غربيون باجراء الانتخابات الرئاسية تطبيقاً لاتفاق الدوحة طالما ان ليس هناك من تغيير جوهري في المعطيات ولم تتم صفقة السعودية – ايران (س.ا.) بعد وان الرئيس سليمان الذي دعي لزيارة السعودية قد يحدد الموعد في ضوء المعطيات الجديدة وربما بعد تشكيل الحكومة، لئلا تفسر من قبل 8 اذار وفي ظل التوتر السعودي – الايراني تدخلاً في التأليف. ويسعى سليمان الى دعم سعودي بعد انفراج العلاقات الاميركية – السعودية. ويسأل بعض السياسيين: هل ستلعب قطر دوراً على الساحة كما فعلت عام 2008 بعد التغيير الاخير، وبعد ان لعبت دوراً بارزاً في الافراج عن مخطوفي اعزاز وقد عادت يافطات شكراً قطر الى الضاحية مع شعارات «يوجد لدينا منتوجات اميركية» في بعض المحلات، وازالة الشعارات العدائية للاميركيين؟ ام ان اي انفراج محلياً ينتظر الانفراج في العلاقات السعودية – الايرانية؟
يقول احد الوزراء المطلعين ان سلام سيشكل حكومته قبل نهاية العام حتى اذا لم تحظ بثقة المجلس وعندها تشكل حكومة امر واقع مصغرة من حياديين لتمنع الفراغ الرئاسي وتؤمن الاستحقاق.
فيليب ابي عقل