رئيسيسياسة عربية

قنبلة جنبلاط تحرج 8 آذار وتسرّع الحكومة الحيادية

يصر حزب الله على المشاركة في الحكومة بعدما لم يكن متحمساً للمشاركة ولم تكن تعنيه. لقد تغير موقفه بعد خروج الجيش السوري من لبنان عام 2005 وراح الحزب يصرعلى المشاركة في الحكومات وفق الثلث المعطل، ليتمكن من السيطرة على السلطة والتحكم بالقرارات.

ابلغ الحزب الرئيس المكلف تمام سلام بمشاركته مع حلفائه وفق الاوزان والاحجام اي بالثلث المعطل، والا لن يشتركوا، متكلين على موقف النائب وليد جنبلاط لعدم حصول حكومة سلام على ثقة المجلس النيابي، بعد مطالبة الاخير بـ«حكومة وحدة وطنية» واشتراطه دخولها مع الثنائي الشيعي.
يتسلح الحزب بموقف حلفائه للمشاركة، من الرئيس نبيه بري الذي يصر على حكومة سياسية يشارك فيها الحزب في هذا الظرف، الى جنبلاط الذي لا يوافق على  حكومة لا يتمثل فيها الحزب، لأنه يدرك مخاطر الخطوة ويخشى الدعسة الناقصة ولا يمكنه القفز فوق التفاهمات، وانه غير مستعد الى «كسر الجرة» مع الحزب، الى العماد ميشال عون المطالب بحكومة سياسية وفق الاوزان والاحجام. فرملت هذه المواقف الاندفاع بإتجاه تشكيل حكومة حيادية لان حكومة يغيب عنها تحالف امل والحزب الاشتراكي والتيار، لا تنال ثقة المجلس، وتتحول الى حكومة تصريف اعمال لن تدوم طويلاً لان التحالف سيسمي في استشارات نيابية غير سلام ويشكل حكومة اللون الواحد ويسيطرالحزب مرة جديدة على حكومة شرعية تديرالبلاد في حال لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في ايار (مايو) المقبل. ويتحكم الحزب بالقرار السياسي اللبناني خلال فترة الفراغ وفق وزير سابق.

أهداف الحزب
 لماذا يريد الحزب المشاركة؟ يقول احد المراقبين ان الحزب هو الان في دائرة الاستهداف والتحدي والضغوط المحلية بعد انخراطه في الحرب في سوريا الى جانب النظام، مما افقده غطاء مواقع مسيحية اساسية. فالرئيس ميشال سليمان اعلن عدم تمكنه من تغطية وجوده في سوريا، بعدما فقد الشرعية واسقط معادلة: الشعب والجيش والمقاومة، لمحاربته الى جانب النظام. واعتبرالبطريرك الراعي سلاح الحزب غير شرعي، وابلغ الموقف صراحة الى وفد الحزب في لجنة المتابعة، واضطر العماد ميشال عون حليف الحزب الى انتقاده بعد حال من الاحراج والارباك اضطرته الى الاعلان عن انه مع الخيار الاستراتيجي وضد مشاركة الحزب في الحرب السورية، وضد مواقفه من موضوع التمديد. وموضوع مشاركة مقاتلي الحزب في سوريا كان مدار بحث في اللقاء بين عون والامين العام للحزب حسن نصرالله من دون التوصل الى تفاهم حوله. ولم يعد بمقدور احد في الشارع المسيحي تبرير مشاركة الحزب في  الحرب السورية، واستنباط الاعذار بعدما جاهر نصرالله بأن مشاركته هي لمنع سقوط النظام الحليف وعدم تهاوي المشروع الايراني – السوري. فالمشاركة قضية حياة او موت للحزب. ان المشاركة في الحكومة هي للتعويض عن خسارته التأييد المحلي، وتأمين الغطاء الشرعي بعد القرار الاوروبي.
تقترح قوى 14 اذار امام المواقف الخارجية العربية والدولية التي تتناول حزب الله البقاء مع 8 اذار خارج الحكومة والتضحية من اجل اللبنانيين، لانه لا يمكن للبنان ان يشكل حكومة تحد للمجتمع الدولي، وعلى الحزب ان يتصرف بوعي وحكمة، وان يفسح في المجال امام القوى السياسية لمساعدته. وتسأل اوساط 14 اذار عن مصير مبادرة الرئيس نبيه بري الذي اعلن من خلالها انتهاء تحالف 8 اذار واسقاط مطلب الثلث الضامن؟ وقد ربط مشاركة الثنائي الشيعي بشروط منها تسمية الوزراء الشيعة الخمسة وتسلم حقيبتي الطاقة والاتصالات، واشراك عون وفق وزنه وحجمه، وهو يطالب بخمسة مقاعد. ولأن 14 آذار اعتبرت مبادرة بري مناورة لم ترد 8 اذار على مبادرة الرئيس سعد الحريري ووصفتها بالمناورة، رداً على موقف 14 آذار من مبادرة بري، علماً بأن مبادرة الحريري تقوم على تأليف حكومة الناس، والتضحية من اجل اللبنانيين وترحيل المواضيع السياسية الخلافية الى هيئة الحوار التي تستأنف اجتماعاتها مع تأليف الحكومة.

قنبلة جنبلاط
كسرت مواقف جنبلاط الأخيرة الجمود بعدما اعلن «انه يميل الى طرح حكومة تكنوقراط حيادية للخروج من دوامة الفراغ، ويدرس كل الخيارات بما فيها الحكومة الحيادية ولا يريد المغامرة». وبنى جنبلاط مواقفه على البوادر الايجابية التي تجمعت في الافق وعكست انفراجات على المستوى الاقليمي قد تتبلور لبنانياً عبر تشكيل الحكومة، التي قد تكون حيادية لأن لبنان لا يمكنه ان يتحمل حكومة فيها وزراء من حزب الله قبل ان يعلن نصرالله سحب مقاتليه من سوريا، ليتسنى للبنان ان يعمل على معالجة مواقف الدول من الحزب.
وتشير المعلومات الى محطات ايجابية تعزز الانفراجات، منها اعادة التوازن الميداني في سوريا بعد انتصارات المعارضة في الشمال، واجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والامير بندر بن سلطان رئيس الاستخبارات السعودية ومواقف الرئيس الايراني حسن روحاني بالإنفتاح والحوار والحديث عن حلول ايجابية للملف النووي، وزيارة مرتقبة لروحاني الى السعودية، قد تنعكس كلها ايجاباً على الملف الحكومي لإرتباط السياسيين المؤثرين في الداخل بالخارج.
وشكلت مواقف الرئيس سليمان اشارة الى حكومة حيادية، ومبادرة الرئيس الحريري التي سبقتها اشارات الرئيس بري «المنزعج» من وصف مبادرته بالمناورة، الى مواقف جنبلاط طرح حكومة تكنوقراط حيادية للخروج من دوامة الفراغ، الى نصحه نصرالله بالإنسحاب من سوريا لان العد العكسي للنظام بدأ ولأنه يستحيل على النظام ان يقمع الشعب. وتؤشر هذه المعطيات الى مرحلة جديدة من التعاطي مع الملف الحكومي بعدما كان جنبلاط متمسكاً بحكومة سياسية تضم الجميع وكان موقفه ثابتاً في التفاهم مع بري. وقد اربكت هذه المعطيات الحزب الذي رد بأن السعودية لا تريد حكومة بعد، وان الحكم لم يطلق صفارة انطلاق التأليف، كما قال النائب محمد رعد، موضحاً بأن مواقف جنبلاط هي نفسها وتصب في محاولة تحريك الجمود والتأكيد على ان القوى الداخلية ليست مستسلمة لرغبات التعطيل، وان الكلام عن حكومة حيادية لا يعنينا ولن نسير به كما لن يسير جنبلاط بإستبعاد الحزب وعزله وهو طرح يحتاج الى ترجمة عملية وهو «شيك من دون رصيد».

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق