عماد عيسى «بين التمزق والتشظي»
دعوة للتجرد الفكري اطلقها الفنان عماد عيسى في شهر اذار (مارس) من خلال مجموعته الاخيرة التي شكلت معرضه «بين التمزق والتشظي» في غاليري بياس اونيك في الصيفي فيلاج وسط بيروت.
فكرة المعرض التي قدمها عماد عيسى ضمن 27 لوحة منفذة بالاكريليك على القماش والكرتون استوحاها «فنان الفكرة» – وهي تسمية تطلق على الفنانين الذين ينطلقون بالفن بالفكرة اولاً لايمانهم بان الفن ينبع من ذهن الفنان وليس من مشهد منسوخ بارد لا حراك فيه – استوحى الفكرة حسب ما اوضح لـ «الاسبوع العربي» من آية كريمة تقول: «فاذا انشقت السماء فكانت وردة جميلة جداً»، وهو توصيف وارد في سورة الرحمن ليوم القيامة وهو اليوم الذي فيه تنتهي الكواكب والنجوم والاجرام وتذوب كلها ككتلة حمراء، يقول الفنان الذي قرب هذا القول من نص اخر لغسان كنفاني حين يشبه الفكرة في رأس الانسان كمثل لوح الزجاج الذي يتشظى في جسم الانسان. هاتان الصورتان مقرونتان بما يحصل في حاضر محيطنا العربي من تشتت للشعوب وتمزق، ومن هذه المشهدية ولدت هذه الصور الاسقاطات او هذا اللعب بالمساحة اللونية التي يطغى عليها اللون الاحمر في معرض عماد عيسى.
متاهة لونية
ومن الواضح انه في هذا البحث يعود الفنان الى التعبير الارتجالي التلقائي بغية الوصول الى روحانية شفافة في المعالجة اللونية، حيث تكون صياغة الاشكال مختلفة، بعيداً عن اي توصيف، أو أن يكون التشكيل قد درس على صفحة ألكترونية مفترضة اي انه عمل بعيداً عن كل فكر رتيب، يأخذ الفنان ويأخذنا الى متاهة لونية منحنية داخل أعماق كون لا متناه فيه انت؟ انا؟ من؟
ولعل اجمل ما في فن عماد عيسى انه استطاع تقديم هذه الفكرة – المأساة المتمثلة بنهاية العالم والتي توحي بالقساوة والعنف والواقعية بجمالية، بمعنى انه اشتغلها بجمالية فنية نادرة وان لاحظنا في بعضها بعض العنف الا انه عنف جميل محبب، ساعد الفنان في الوصول الى هذه النتيجة التي ارضته لتصالحه مع كل التقنيات ووسائل التعبير الحديثة التي يستخدم بعضها او كلها لايصال فكرته. فلوحاته يدخل فيها الكمبيوتر والصور وتقنيات اخرى وفق ما تستدعي ضرورات العمل كما يقول. وفي احدى اللوحات بدأ باسقاط الماء على اللوحة، بعدها اللون، وبعد ذلك حركها بعبثية لكنه عاد الى تنظيم الفوضى التي ارتكبها.
اسلوب خاص
تأثر عماد عيسى باكثر من «فنان فكرة» غربي لكنه يقدم فنه باسلوبه الخاص ويحكي فيه عن واقعه وبيئته.
هو من مواليد بيروت 1953، درس الرسم من عام 1970 الى 1973 على يد البروفسور حسن جوني، والنحت من 1974 الى 1975 على يد البروفسور حازم عيراني، وبين عامي 1977 – 1978 درس الفنون في كلية الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية. ومن 1980 الى اليوم يتابع دروساً في الرسم والنحت في معهد الفنون الجميلة في اسكولا مسانا في برشلونة اسبانيا. له اكثر من 21 معرضاً فردياً وله مشاركات مهمة في معارض جماعية عدة في مراكز مختلفة من لبنان.
ك. ح