تحقيق

أوقفوا اوتوستراد فؤاد بطرس و… ابنوا «بارك»!

الائتلاف المدني الرافض لطريق محور الحكمة – الترك يطالب بوقف المشروع واستبداله بمُنتزه «ثقافي» تحت إسم «بارك فؤاد بطرس»

رافعاً شعار «أوقفوا الأتوستراد» و«ابنوا بارك فؤاد بطرس»، عقد «الائتلاف المدني الرافض لطريق محور الحكمة – الترك (شارع فؤاد بطرس)» لقاء أهلياً ومؤتمراً صحافياً، في حديقة بيت طوبجي الواقعة في الرميل حي مار مخايل – شارع أرمينيا، جدّد فيه مطالبته بإيقاف المشروع وعرض المخاطر البيئية والاجتماعية التي ستنجم عنه في حال تنفيذه، كما الأخطاء التصميميّة الوظيفيّة في ما يتعلّق بتخطيط الطريق وموضوع السير. وقد تمّت دعوة جميع نواب البرلمان اللبناني الـ 128 لكن لم يحضر أيّ منهم !

الحوار أداره المدير التنفيذي لجمعية «نحن»، محمد أيوب. وفي كلمته التمهيدية، نبّه إلى تصنيف منظمة الصحة العالمية مدينة بيروت مكاناً غير صالح للسكن.
 
قيامة: مشروع غير مجدي
وأولى الكلمات كانت للمهندس المعماري (تنظيم مُدني) جهاد قيامة الذي تحدث باسم مجموعة كبيرة من الخبراء الرافضين للمشروع والذين للمرة الاولى أصدروا «بياناً – عريضة» موقعاً من قبلهم يعتبر ان المشروع هو غير مجد نهائيّاً وهو خاطئ في الأساس إن بالنسبة الى مقاربته او الى أسبابه الموجبة.
قيامة اعتبر «أن بيروت فيها طرقات أكثر من المطلوب»، مناقضاً الرأي الذي يدعو إلى ضرورة شق المزيد من الطرقات لحل مشكلة زحمة السير، وأشار إلى أنه «لا معنى لشق المزيد من الطرقات بل يجب تخفيف عدد السيارات الموجودة والاستعاضة عنها بوسائل نقل أخرى، خصوصاً المشتركة منها».
قيامة لفت إلى أن بلدية بيروت بالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار أعادت مؤخراً إحياء مشاريع قديمة تستند إلى طريقة تفكير تقليدية مقارناً بين مشروع «شارع فؤاد بطرس» ومشروع تحويل حديقة اليسوعية إلى مرآب للسيارات. برأيه تنطلق هذه المشاريع من عقيدة جوهرية تتمحور حول السيارة فـ «يرون أن لا مشكلة في احتلال السيارة حصرياً الطرقات لتقوم بتلويث الهواء وتجزئة نسيجنا المدني». كذلك، في كلا المشروعين، «لم يتم إشراك المجتمع المحلي في عملية تحديد وجهة استخدام المساحات العامة». ولكن الإيجابي فيهما هو أنهما خلقا ردّة فعل شعبية معترضة مهّدت لولادة «إرادة استعادة المساحات العامة».

اخضاع المدينة
بالنسبة الى مشروع «شارع فؤاد بطرس»، أكّد قيامة أنه لا يحلّ أزمة زحمة السير كما أنه يدمّر الحي الذي سيمرّ به ويساهم في تدهور الحالة البيئية أكثر. ولفت إلى أن «المشاريع الحالية تُخضع المدينة بدلاً من أن تَخضع للمدينة ولحاجات أبنائها» وأسف لواقع «خروج أفكار بناء سكك الحديد وأنفاق المترو من التداول وتغييب الكلام عن باصات النقل المشترك ما سيؤدي إلى زيادة معدّلات استخدام السيارات الخاصة».
وفي نهاية كلمته، خلص قيامة إلى ضرورة «تجديد نظرتنا للمدينة» والعمل على تحويل بيروت إلى «مدينة مرنة» قادرة على مقاومة الكوارث الطبيعية والبشرية وتجديد نفسها بشكل تلقائي معتبراً أن «التنقل الحضري يقتضي إجراء مصالحة بين المدينة والطرقات» فـ «المدينة المرنة تعرض على المواطنين خيارات عدّة للتنقّل ولا تحصر خياراتهم باستخدام السيارات الخاصة».

حملة وموقع الكتروني
بعدها تحدث المهندس المعماري (تصميم مُدني)  انطوان عطالله فقدّم عرضاً للموقع الالكتروني الخاص بالحملة (www.stopthehighway.wordpress.com) والذي يهدف إلى تحقيق الشفافية من خلال عرض معلومات ودراسات تمكّن الناس من الاطلاع على المشاريع التي تعنيهم بشكل مباشر وإلى إثبات أن التحالف المدني لا يعارض المشروع لأسباب رومانسية (كما يدّعون) بل استناداً إلى دراسات تؤكد المخاطر البيئية والاجتماعية التي ستنجم عنه دون أن ينجح في حلّ مشكلة زحمة السير، كما للأخطاء التصميميّة الخاصة بالطريق. كذلك يتضمن الموقع معلومات عن التحالف ويمكّن الزائرين من التواصل معه ومع الجمعيات المنضوية تحت لوائه (مراجعة المستند المرفق).

على ثلاث جبهات
الكلمة الأخيرة كانت للمنسق العام للحملة رجا نجيم. نجيم أشار إلى أن «المعركة بدأت منذ سنة ونصف السنة على ثلاث جبهات: الأولى، قضية تقويم الأثر البيئي حيث نجحت الحملة في إجبار المخططين للمشروع على القيام بتقويم للأثر البيئي وتجاوبت وزارة البيئة مع ذلك. أمّا القسم الأكبر من الخبراء الذين لجأت اليهم الشركة التي تقوم بهذا التقييم فأكدوا ان هذا المشروع «لا ينفع» ولا يزال اليوم هذا الإجراء في مرحلة تحديد إطار التقييم.
الجبهة الثانية، في لجنة الاستملاك الابتدائية حيث إستطاعت إيصال المعلومات الصحيحة للقضاء (عن طريق أصحاب الحقوق المُتضرّرة) كي يتمّ أقلّه إنصافهم مثلاً بعدم خصم «الربع المجاني» من قيمة العقارات المستملكة لأنه لا إفادة لهم من هذا المشروع.
الجبهة الثالثة، قضية تكلفة المشروع إذ تؤكد الحملة أن كلفة المشروع المقدّرة رسمياً بـ 75 مليون دولار خاطئة فهي ستصل في الحقيقة إلى ما بين 195 و250 مليون دولار لأن التقديرات لم تجرِ بشكل دقيق وغابت عنها اعتبارات كثيرة.

غياب معايير السلامة
وتحدث نجيم عن غياب معايير السلامة في دراسة المشروع المنوي تنفيذه كونه لا يقوم بأيّ إحترام لمعاييرها وشروطها، إن القانونيّة او العلميّة، خصوصاً بالنسبة الى الطريقة التي تمّ فيها تمرير الجسور عند مرورها ضمن مبانٍ موجودة بدون تطبيق أي تراجعات، وبإعتماده في السير داخل المنطقة على طرقات بمسلك واحد فقط. كما أنه ينشىء عن المشروع وصل طريق الشام (الحازمية) بالمرفأ (جادة شارل حلو) أي البر بالبحر عن طريق إختراق المدينة وهذا أمر لم يعد يقوم به أحد ضمن المدن بل يُستعاض عنه باللجوء الى الطريق الدائرية من حول المدينة وأحيائها. فلا يتم التشابك بينها وبين الطرق الداخلية مما يُزيل أخطار الزحمة الإضافية التي عموماً يُستعصى حلّها في وضع كهذا (خصوصاً انّ البديل موجود وهو عن طريق جادة أميل لحود).

ردّة فعل شعبية معترضة مهّدت لولادة «إرادة استعادة المساحات العامة»

شكوى قضائية
نجيم لفت إلى أن الائتلاف تقدّم بشكوى قضائية لدى النيابة العامة التمييزية ومنها للتفتيش المركزي ضد كلّ من بلدية بيروت ومجلس الإنماء والإعمار وكل من يُظهره التحقيق لأنهم يصرون على تنفيذ المشروع وعلى استكمال عمليات الاستملاك قبل أن يحصلوا على موافقة وزارة البيئة ما يشكل مخالفة قانونية يعاقب عليها القانون جزائيا. كما أنهم، وبالرغم من جميع التنبيهات، فهم لا زالوا يُصرون على ان التكلفة هي 75 مليون دولار، بدون إعادة تقويمها حسب الأصول.
وأكد نجيم على صلاحيات وزارة البيئة قبل كل تدبير أخر من متابعة الإستملاك او حتى المباشرة به إذ ان هذه المباشرة تعني بداية تنفيذ المشروع. بالإضافة الى وجود دعوى أمام مجلس شورى الدولة من قبل مجموعات كبيرة من أصحاب الحقوق المتضررين بطلب وقف التنفيذ وإبطال مرسوم المشروع. وأضاف نجيم انه في هذا الخصوص وعلى أنه «بعد صدور قانون البيئة في 2002 ومراسيم تقويم الأثر البيئي عام 2012 لم يعد هناك من إدارات رسمية تمتلك أي سلطات استنسابية».

البدائل موجودة
أما في ما خص البدائل المتعلقة بحل مشكلة السير، فأفاد نجيم ان الحلول موجودة وقد تم حتى دراسة تكلفتها وعندما يحين الوقت المناسب سنسلمها لوزارة البيئة ضمن إجراءات تقوييم الأثر البيئي.
وفي ختام المؤتمر الصحافي، أدلى عدد من الحاضرين بمداخلات وتم التوصل إلى أربع توصيات هي: ضرورة إيقاف المشروع نهائيا، ضرورة إشراك المجتمع المحلي بأي مشروع بديل، ضرورة البحث عن وسائل توفّر «التنقل الحضري»، وضرورة التنسيق بين جمعيات المجتمع المدني لإيقاف هذا المشروع وغيره من المشاريع التي تنعكس سلباً على بيئة المدينة وحياة المواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق