أبرز الأخباردوليات

اوباما يحدد ملامح الاستراتيجية، وكيري يسوقها: بدء العد التنازلي لضرب داعش

تشير التقارير الواردة من عاصمة القرار الاميركي، ان الرئيس اوباما استكمل مشاوراته الداخلية والخارجية بشأن استراتيجيته لضرب تنظيم الدولة الاسلامية «داعش». فقد التقى اوباما مع قيادات الكونغرس، وطاقم مستشاري البيت الابيض، والبنتاغون، واجرى اتصالات مع قادة الدول المعنية، بدءاً بالاتحاد الاوروبي، وانتهاء ببعض الدول العربية، وفي مقدمتها السعودية والاردن ومصر وغيرها من الدول المعنية.

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس أوباما اتصل هاتفياً الأربعاء مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز قبل ساعات من خطابه الذي عرض فيه خطته للتحرك ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وجاءت هذه التحركات قبل يوم من انعقاد مؤتمر في جدة بالسعودية يبحث «موضوع الإرهاب في المنطقة، والتنظيمات المتطرفة التي تقف وراءه، وسبل مكافحته»، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء السعودية.
وضم الاجتماع الوزاري في جدة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست ومصر والأردن وتركيا والولايات المتحدة الأميركية. وأعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أنه لم تتم دعوة الجامعة للمشاركة في اجتماع جدة، وقال إن الجامعة ليس لها علاقة به.
وتشير بعض التسريبات إلى الخطوط العامة المحتملة لخطة الإدارة الأميركية. حيث اشارت صحيفة نيويورك تايمز، نقلاً عن مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية، أن الحملة التي تهيىء لها إدارة أوباما ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام» (داعش)، قد تستغرق ثلاث سنوات. وقال التقرير ان الحملة «تتطلب جهداً مستداماً يمكن أن يستمر
حتى بعد مغادرة الرئيس أوباما المنصب» بعد انتهاء ولايته.

تفاصيل الخطة
وفي تفاصيل هذه الخطة، قال التقرير ان المرحلة الأولى تتكون من الحملة الجوية التي شملت مسبقاً توجيه 145 غارة خلال الشهر الماضي، والتي بدأت فعلاً من أجل حماية الأقليات العرقية والدينية والدبلوماسيين الأميركيين وأفراد الاستخبارات والجيش، ومرافقيهم، إضافة إلى البدء في تقليص المكاسب التي حققتها داعش في شمال وغرب العراق.
المرحلة الثانية التي ستبدأ في وقت ما، بعد أن يقوم العراق بتشكيل حكومة أكثر شمولية، يتوقع أن تشمل جهداً مكثفاً للتدريب وتقديم المشورة والتجهيز للجيش العراقي، والمقاتلين الأكراد، وربما أفراداً من القبائل السنية. أما المرحلة الثالثة والنهائية من العملية، والتي وصفها التقرير بأنها الأصعب والأكثر إثارة للجدل على المستوى السياسي، والتي تستهدف «تدمير الجيش الإرهابي في ملجأه في سوريا»، فإنها ربما لن تستكمل حتى قدوم الإدارة التالية، حيث يتوقع بعض مخططي وزارة الدفاع الأميركية حملة عسكرية تستمر 36 شهراً حسب التقرير.
في سياق متصل، صرح مسؤول رفيع في إدارة أوباما بأنه ليس من المتوقع إعلان القيام بعمل عسكري جديد في أي من العراق أو سوريا في خطاب الرئيس الأميركي المنتظر. وقال المسؤول ان الهدف الأساسي من خطاب أوباما هو إطلاع الجمهور الأميركي على آخر المستجدات بخصوص الاستراتيجة التي ستتبعها الولايات المتحدة للتعامل مع المجموعة المتشددة، وقال إن الإدارة تريد «أن يفهم الناس كيف سيتعامل الرئيس مع هذه المسألة». واعلن اوباما انه سيجيز للمرة الاولى شن ضربات في سوريا وشن المزيد من الضربات في العراق.
وكان وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، قد صرح الأسبوع الماضي في اجتماعات قمة الناتو في ويلز، المملكة المتحدة، متحدثاً عن العملية المرتقبة ضد المجموعة المتشددة ان ذلك قد يستغرق سنة، او سنتين، وربما يستغرق ثلاث سنوات. مضيفاً «لكننا مصممون على أنه ينبغي أن يحدث». ومن جهته، قال أنتوني بلينكين، نائب مستشار الأمن القومي للرئيس أوباما، ان الولايات المتحدة مقبلة على مهمة مطولة. وقال: سوف يستغرق هذا وقتاً، وربما سيذهب أيضاً إلى ما بعد هذه الإدارة حتى نصل الى نقطة الهزيمة.

توزيع المسؤوليات
وما تزال تفاصيل الكيفية التي سيواجه بها التحالف الناشىء «داعش» مجهولة، حسب تقرير صحيفة «نيويورك تايمز»، لكن العديد من المسؤولين الأميركيين أعربوا عن اعتقادهم بأن قائمة الحلفاء المشاركين في الحملة حتى الآن تتضمن الأردن، الذي سيقدم المساعدة الاستخبارية، والعربية السعودية، التي تتمتع بنفوذ على القبائل السنية في العراق وسورية، والتي كانت تمول الثوار السوريين المعتدلين. كما قال مسؤول أميركي أن الإمارات العربية المتحدة أبدت رغبتها في التفكير بالمشاركة في الضربات الجوية في العراق. كما قالت ألمانيا أنها سترسل أسلحة إلى قوات البشمركة الكردية. فيما قد يدفع القلق المتصاعد من عودة المقاتلين الأجانب من سوريا والعراق إلى الوطن دولاً أخرى للانضمام إلى التحالف.
وما تزال إحدى النقاط الخلافية البارزة التي تعترض تشكيل التحالف ضد «الدولة الإسلامية» هي خيار توجيه ضربات جوية ضد المجموعة في سوريا. ونقلت «التايمز» عن مسؤول أميركي قوله ان «الجميع متفقون بشأن العراق. لكنه عندما يأتي الأمر إلى سوريا، فإن هناك المزيد من المخاوف» إزاء المكان الذي يمكن أن تقود إليه الضربات. لكن المسؤول أعرب عن ثقته بأن الدول سوف تتفق على نقل القتال إلى داخل سوريا، فيما يعود في جزء منه إلى أنه «ليس هناك أي خيار أخر في الحقيقة».
ويقدر المراقبون أن الحملة التي يعتزم أوباما شنها ليست لها سوابق معروفة. وعلى عكس عمليات مكافحة الإرهاب التي تشنها الولايات المتحدة في اليمن والباكستان، فإنه ليس من المتوقع أن تكون هذه الحملة مقتصرة على الضربات بالطائرات من دون طيار ضد قادة المتشددين. كما أنها لن تشهد، على عكس الحرب في أفغانستان أيضاً، استخداماً للقوات البرية على الأرض.

الضوء الاخضر
الى ذلك، تشير تقارير اخرى الى ان الرئيس الأميركي باراك أوباما يستعد لإعطاء الضوء الأخضر لتوجيه ضربات جوية في سوريا ضمن استراتيجية محاربة تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ «داعش»، بحسب صحيفتين أميركيتين.
وأفادت نيويورك تايمز وواشطن بوست أن أوباما مستعد لتوسيع حملة الضربات الجوية إلى سوريا بعد بدئها في العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مساحات شاسعة في البلدين.
ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤول حكومي رفيع تأكيده ذلك في حين نسبته الصحيفة الأخرى إلى خبراء في السياسة الخارجية أجرى الرئيس الأميركي مشاورات معهم هذا الأسبوع.
ونقلت واشنطن بوست عن ميشال فلورنوي المساعدة السابقة لوزير الدفاع قولها إن أوباما مصمم على محاربة الدولة الإسلامية «“في كل مكان لهم فيه أهداف استراتيجية».
وفلورنوي كانت ضمن الخبراء الذين التقاهم الرئيس الأميركي على العشاء مساء الاثنين.
وأضافت أن «الدولة الإسلامية» لا تحترم الحدود الدولية ولا يمكننا أن نترك لهم أي ملاذ آمن.

لا تعاون مع ايران
الى ذلك، قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري خلال مؤتمر صحافي في مقر السفارة الاميركية في بغداد في ختام زيارة قصيرة أجرى خلالها مباحثات مع القادة العراقيين ان بلاده لم ولن تتعاون مع ايران لمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» واشار الى ان طهران تقوم ببعض الإجراءات من ناحيتها ضد هذا التنظيم. واشار الى ان بعض الجماعات العراقية التي تعاونت مع ايران كانت تعمل على استمرار الاضطرابات في العراق كما ان هناك ملاحظات عن شخصيات عراقية متعاونة في هذا المجال، لكنها الان تقدمت للمشاركة في الحكومة العراقية الجديدة وتعهدت العمل بعيداً عن الانتقام الطائفي والانقسام المجتمعي وتقدمت للتعاون في مجالات النفط والميزانية العامة واعادة بناء الاجهزة الامنية ومنع الجماعات الطائفية من الانخراط في السلطة. وشدد على ضرورة التزام جميع الاطراف العراقية بالبرنامج الحكومي لوزارة رئيس الحكومة حيدر العبادي منوها بأن هذا البرنامج لن ينفذ في وقت قصير لكنه سينجح.
وحذر من ان المخاطر عالية لكنه شدد على ان الفشل غير مسموح به واوضح ان القيادة العراقية ملتزمة بهذا النهج.
واشار الى انه طالما التزم القادة العراقيون بالتعددية والشراكة وحماية الاقليات فإن الولايات المتحدة ملزمة بالعمل معهم بشكل مشترك وتنسيق عال لمواجهة داعش. وقال ان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ابلغه اليوم انه وجه دعوة لوزير الخارجية العراقي الجديد ابرهيم الجعفري للمشاركة في مؤتمر جدة غداً (اليوم) لدول الجوار واميركا لإعداد استراتيجية مواجهة تنظيم الدول الاسلامية. واوضح ان الفيصل اشار الى ان هذه الدعوة تأتي إثر العهود التي أطلقتها الحكومة العراقية الجديدة بالانفتاح على دول الجوار والعالم وأنها ستعمل بشكل مغاير عن سابقتها في هذا المجال.
وحول مواجهة داعش أشار كيري الى انه لن يكون هناك قصف اميركي لقواعد التنظيم فحسب وانما ايضاً مساعدات عسكرية للعراق ودعم لقواته المسلحة على الارض. واكد ان العراق لم يطلب من واشنطن او من غيرها ارسال قوات برية لمقاتلة داعش. واضاف ان اوباما وغيره من القادة توصلوا الى قرار نهائي بعدم ارسال قوات الى العراق لتقاتل بشكل مباشر على الارض الا اذا حصلت تطورات دراماتيكية غير محسوبة وتغيرت الظروف بشكل استراتيجي.
وشدد كيري على انه من الضروري على الجميع أن يبينوا بأن ما يسعى له داعش يتنافى مع الاسلام. لافتاً إلى أنه سيعقد لقاءات مع الشركاء لتشكيل تحالف يعتمد على تجفيف الموارد المالية لداعش وايقاف تدفق الاجانب إلى الأراضي العراقية.
وأوضح قائلاً «علينا حشد الجهود لوقف الإرهابيين وأن لامشروعية ولا مبرر لأي ادعاءات يطلقها داعش، لاقامة خلافة اسلامية وعلى الجميع أن يبينوا بأن ما يسعى له داعش يتنافى مع الاسلام والمساهمة في تقديم ما يلزم لإنهاء ذلك التنظيم».
وعن الدعم الاميركي للمعارضة السورية اشار كيري الى ان بلاده ستزيد دعمها للمعارضة السورية المعتدلة واشار الى ان المعطيات حول استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا لم تتوصل الى معرفة من اعطى الاوامر باستخدامها لكنه اوضح ان هناك معطيات تشير الى ان النظام وعددا من قياداته استخدموا الكلور بشكل يوازي المادة المحظورة من الاسلحة الكيميائية.

دعم الحكومة العراقية
وفي وقت سابق قالت نائبة المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأميركية، ماري هارف، إن بلادها تدعو كل دولة لها تأثير داخل العراق إلى دعم تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة حيدر العبادي.
في سياق آخر، اعلن وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون ان الحكومة البريطانية سترسل رشاشات ثقيلة وذخائر للقوات الكردية في العراق لمساعدتها في قتال تنظيم الدولة الاسلامية (داعش). وتبلغ قيمة الشحنات 1،6 مليون جنيه استرليني «2،6 مليون دولار، مليوني يورو»، ووصلت الى العراق الاربعاء.
وصرح الوزير في بيان خطي موجه الى البرلمان البريطاني ان القوات الكردية لا تزال اقل عتاداً بشكل كبير من تنظيم الدولة الاسلامية، ونحن نرد بمساعدتها على الدفاع عن نفسها وحماية المدنيين وصد تقدم تنظيم الدولة الاسلامية.
واضاف ان الشحنة الاولية تتألف من رشاشات ثقيلة وذخيرة. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الاثنين ان بريطانيا ستقدم تلك الامدادات للقوات الكردية «البشمركة» مباشرة وسط قتالها لصد تقدم تنظيم الدولة الاسلامية في مناطق من العراق وسوريا المجاورة.
واضاف الوزير ان هذه الشحنة تأتي تلبية لطلب من الحكومة العراقية.
واكد على التزام بريطانيا بمساعدة العراق من خلال تخفيف المعاناة الانسانية للعراقيين الذين يستهدفهم ارهابيو تنظيم الدولة الاسلامية.
وقال ان لندن تشجع على قيام عراق جامع وسيادي وديموقراطي يمكن ان يدحر تنظيم الدولة الاسلامية ويعيد الاستقرار والامن الى انحاء البلاد.
من ناحية اخرى ستعمل بريطانيا مع المجتمع الدولي لمعالجة التهديد الاوسع الذي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية في المنطقة وغيرها من الدول حول العالم ومن بينها بريطانيا. وقال فالون ان شحن الاسلحة الى اقليم كردستان العراق سيكلف 475 الف جنيه استرليني.
من جانبها، اعلنت الخارجية الفرنسية ان فرنسا سترسل في الايام المقبلة 18 طناً من المساعدات الانسانية الى العراق.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق