الملالي يمارسون الرقص على الحبال: دعم الحوثي، ونصرة العراق، وحل سياسي في سوريا، واتفاق نووي

بدءاً من زيارات سابقة الى دول عدة، وانتهاء بجولة رئيس البرلمان الايراني علي لاريجاني الى دول عدة ايضاً، من بينها سوريا والعراق الاسبوع الفائت، ثمة خيوط عديدة توشك ان تنقطع. غير ان الملالي ومختلف القيادات الدينية والسياسية يحاولون الحفاظ عليها متماسكة وعلى درجة من المتانة.
فالمدقق في تفاصيل المشهد يتوقف عند سياسة ايرانية جديدة، يعتقد متابعون انها اقرب ما تكون من عمليات «الرقص على الحبال»، ولكن ليس لمجرد الرقص، وانما لتحقيق متطلبات عديدة يعتقدون انها باتت تشكل استحقاقاً من استحقاقات المرحلة.
وفي السياق، يمكن التوقف عند تصريحات اطلقها المحلل السياسي محمد صادق الحسيني، والتي وصفها متابعون بانها على درجة من الخطورة، وانها تكشف عن ملامح المشروع الايراني في المنطقة. والذي ترفض نسبته الى ايران، لكنها تتحدث ضمناً عن ذلك.
يقول الحسيني ان اليمن وسوريا والعراق اصبحت مناطق نفوذ موحدة في المنطقة. وانها تلتقي مع الجنوب اللبناني. ويؤكد الحسيني في تصريحاته ان اليمن اصبحت مركزاً من مراكز الرفض، شأنها شأن العراق، وسوريا. وبالتالي فإنها تتحدث عن مناطق نفوذ لنظام جديد يرسم ملامحه على المنطقة. ويضيف على ذلك فرضية تتمثل بان هذه المواقع لا يمكن ان تعود الى الخلف. وانها ماضية في مشروع جديد.
تناقضات
من تلك المظلة، يمكن قراءة تصريحات المسؤولين الايرانيين الذين يؤكدون انها متناسقة. لكنهم في الوقت نفسه يدخلون في تناقضاتها.
من ذلك ما قاله رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني لدى وصوله إلى النجف اثناء زيارته الى العراق، من إن القضاء على جذور الإرهاب يتطلب تعاون جميع الدول الإسلامية مع الحكومة العراقية لاجتثاث جذوره في أسرع وقت ممكن، فيما بحث مع المرجع السيستاني الأوضاع في العراق والمنطقة.
واجتمع رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني فور وصوله إلى مدينة النجف العراقية الثلاثاء مع المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله علي السيستاني واستعرض معه الأوضاع في المنطقة، ثم قام بزيارة مرقد الامام علي بن ابي طالب، وغادر إلى كربلاء لزيارة المراقد المقدسة فيها.
ويقوم لاريجاني بزيارته هذه إلى العراق بدعوة رسمية من رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري الذي التقاه في بغداد اضافة إلى رئيسي الجمهورية فؤاد معصوم والحكومة حيدر العبادي لبحث العلاقات بين البلدين وسبل مواجهة الإرهاب الذي يهدد المنطقة وتطوير التعاون الاقتصادي.
وأكد لاريجاني في ختام اجتماعه مع السيستاني استمرار إيران في دعمها للقوات العراقية في محاربة تنظيم داعش، وقال في مؤتمر صحافي إن اللقاء مع السيستاني تناول قضايا المنطقة التي تشهد توتراً ملحوظاً، خصوصاً ما يتعلق بالإرهاب. وأضاف انه اوضح للسيستاني الجهود التي تبذلها إيران لمساعدة الشعب العراقي من اجل تحقيق أمنه واستقراره وتم استعراض الاجراءات المتخذة من الجانب الإيراني في ما يتعلق بالتعاون التجاري بين البلدين. وأشار إلى أنّه بحث مع المرجع السيستاني الأوضاع في سوريا وأوضاع المسلمين في انحاء العالم، وتم استعراض دور إيران في ارساء دعائم الأمن والسلام في المنطقة.
خطوة الى الامام
ولدى وصوله إلى النجف في وقت سابق قال لاريجاني إن الكثير من الدول باتت اليوم متفهمة لحساسيات المنطقة وخطر الإرهاب، وهذا ما يعد بحد ذاته خطوة إلى الامام في الحرب على الإرهاب.
وأشار إلى أنّ بعض دول المنطقة وقفت إلى جانب الشعب العراقي واعلنت موقفها الرافض لهذه الجماعات وشدد على أن الحل لانهاء الإرهاب يكمن في تعاون جميع الدول الاسلامية مع الحكومة العراقية لاجتثاث جذور هذه الظاهرة في أسرع وقت ممكن. وانتقد الدول التي قدمت دعمًا للجماعات الإرهابية لكنه أشار إلى أنّ بعض دول المنطقة وقفت الى جانب الشعب العراقي واعلنت موقفها الرافض لهذه الجماعات.
وقال لاريجاني إن دول المنطقة مازالت بحاجة الي مزيد من التشاور في مجال مكافحة الإرهاب، موضحاً أن هدف زيارته الحالية للعراق التي جاءت بعد جولة اقليمية شملت لبنان وسوريا هو لبحث اهم القضايا على الصعيدين الاقليمي والدولي.
وتساهم إيران في مساندة القوات العراقية والحشد الشعبي للمتطوعين في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية، حيث يتولى قائد قوات القدس الإيرانية الجنرال قاسم سليماني المشاركة في قيادة فصائل المتطوعين في القتال ضد التنظيم الذي يحتل مناطق شاسعة من العراق.
وكان رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري قد اجرى في طهران في السادس عشر من الشهر الحالي مباحثات مع لاريجاني تناولت المخاطر التي تواجه المنطقة والتحديات التي يشكلها الإرهاب على أمن واستقرار دولها.
اما في الملف السوري، فقد أكد لاريجاني على ضرورة اعتماد الحل السياسي في سوريا عبر «إجراءات ديمقراطية»، وأعلن من بيروت، قبل مغادرتها فجر الثلاثاء إلى العراق، أن بلاده تتعاون مع روسيا من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
وقال في مؤتمر صحفي عقده ببيروت إنه لا ينبغي اللجوء إلى السلاح من أجل تحقيق الديمقراطية، لافتاً إلى أن تدخل بعض الدول أدى إلى ظهور «القوى الإرهابية» في المنطقة. وأضاف لاريجاني أن بلاده تتعاون مع روسيا لإيجاد حل سياسي، لكنه تابع القول «ونحن لا نثق بأميركا التي تستعرض بعض المواقف وتدعي بأنها تعارض التطرف».
وقال أيضاً إنه لا يوجد بين إيران والولايات المتحدة أي توافق في ملف مكافحة «الإرهاب»، معتبراً أن واشنطن أوجدت تحالفاً دولياً وادعت أنها تقاوم تنظيم الدولة الإسلامية، معتبراً ان ما يحدث فعلاً مجرد شعارات وليس تحركات فعلية، «بينما نحن ندعم العراق ونساعده».
اتفاق نووي
وفي ما يتعلق بالملف النووي، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إنه سيحاول التوصل لاتفاق نووي مع القوى العالمية رغم معارضة بعض الجهات في إيران.
وكان روحاني يتحدث في الوقت الذي استأنفت فيه إيران المحادثات مع الولايات المتحدة في جنيف بشأن برنامجها النووي. وسط معلومات عن التوصل لاتفاق سينهي العقوبات المفروضة على طهران.
الا انه على حكومته اقناع المحافظين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الذين يشعرون بالقلق من أي تقارب مع الغرب.
وقال روحاني أمام تجمع للمسؤولين في ندوة للبنك المركزي في طهران «بعض الناس قد لا يريدون أن ترفع العقوبات. عددهم قليل ويريدون تعكير صفو الماء».
وكان يشير على ما يبدو إلى المحافظين وبينهم قادة كبار في الحرس الثوري.
وقال «الأغلبية في بلادنا من مثقفين وأكاديميين ورجال دين وعظماء والقيادة يؤيدون رفع العقوبات».
وبدأ مفاوضون أميركيون وإيرانيون اجتماعاً مدته يومان في جنيف قبل إجراء محادثات موسعة بين إيران والقوى العالمية الست في المدينة عينها بشأن كيفية انهاء الخلاف المستمر منذ 12 عاماً حول برنامج طهران النووي.
احمد الحسبان