قادة العالم يدعون المسؤولين في لبنان الى اخراج البلاد من المأزق بوضع خلافاتهم جانباً
ماكرون ينتقد رهان المسؤولين اللبنانيين على الاهتراء ملوحاً بعقوبات
جدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء، تزامناً مع مرور عام على انفجار مرفأ بيروت المروع، دعوة القادة السياسيين الى تشكيل حكومة والانخراط في تنفيذ اصلاحات، منتقداً رهانهم على «اهتراء» ما، وملوحاً بفرض عقوبات على المعرقلين.
وقال ماكرون خلال كلمة ألقاها عبر تقنية الفيديو في افتتاح مؤتمر دولي ينظمه بالتعاون مع الأمم المتحدة لدعم الشعب اللبناني، وسط مشاركة من أربعين دولة ومنظمة دولية، «يراهن المسؤولون اللبنانيون على ما يبدو على اهتراء».
واعتبر ماكرون، الذي زار بيروت مرتين منذ الانفجار ويقود منذ عام ضغوطاً دولية على المسؤولين لتشكيل حكومة جديدة، أنّ «الأزمة التي يشهدها لبنان لم تكن حتمية بل أتت نتيجة إفلاس شخصي وجماعي واختلالات غير مبررة».
وأضاف من المقر الصيفي للرؤساء الفرنسيين في بورم لي ميموزا في جنوب فرنسا «استمرت الطبقة السياسية اللبنانية مجتمعة في تعميق (الأزمة) من خلال إعطاء الأولوية لمصالحها الشخصية وأنصارها قبل مصالح الشعب اللبناني».
ودفع انفجار المرفأ حكومة حسان دياب الى الاستقالة بعد أيام. ولم تتمكن القوى السياسية منذ عام من تشكيل حكومة جديدة. وكلّف رئيس الجمهورية في 26 تموز (يوليو) رئيس الحكومة الأسبق، نجيب ميقاتي، تشكيل حكومة، ليكون بذلك ثالث شخصية توكل اليها هذه المهمة الصعبة، من دون أن يُحرز تقدماً بعد.
ويشترط المجتمع الدولي منذ عام تشكيل حكومة تضم اختصاصيين وتقبل على إصلاحات جذرية مقابل تقديم الدعم المالي. ويكتفي في الانتظار بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة، من دون المرور بالمؤسسات الرسمية، رغم تكرار السلطات مناشدتها الجهات المانحة عدم ربط دعمها للبنان بتشكيل حكومة.
«لا شيك على بياض»
وقال ماكرون «لقد فوتوا كل الفرص ولم يحترموا أي التزام» مضيفاً «يستحق لبنان ألا يستمر بالعيش معتمداً إلى ما لا نهاية على التضامن الدولي».
وأعلن عن تقديم بلاده مساعدات جديدة عاجلة بقيمة نحو مئة مليون يورو في الأشهر الـ12 المقبلة، بعد 85 مليون يورو قدّمتها عام 2020، للاستجابة الى الحاجات المباشرة للسكان في مجالات المواد الغذائية والتعليم والصحة وتنقية المياه. وأفاد كذلك عن أن بلاده سترسل نصف مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في الأسابيع المقبلة.
ولوّحت فرنسا، التي فرضت في نيسان (أبريل) قيوداً على دخول شخصيات لبنانية، تعتبرها مسؤولة عن المراوحة السياسية والفساد، إلى أراضيها، مجدداً بالعقوبات، بما فيها على مستوى الاتحاد الأوروبي.
وقال ماكرون «على القادة اللبنانيين الا يشكوا ولو لثانية واحدة بتصميمنا»
مؤتمر الدعم
وتابع مؤتمر دعم لبنان وشعبه في باريس أعماله، وألقى خلاله نائب وزير الخارجية البرازيلي كينيث نوبريغا كلمة أشار فيها إلى «استمرار التزام البرازيل بمساعدة المجتمع اللبناني لتخطي الأزمات والصعوبات التي يواجهها».
واستعرض «العلاقات المتينة التي تربط لبنان بالبرازيل وبدور البرازيليين المتحدرين من اصل لبناني في نهضة البلد»، معلناً أنه «في تشرين الأول المقبل سوف تصل إلى مرفأ بيروت الدفعة الأولى من مساعدة عبارة عن 4 آلاف طن من الأرز مقدمة من البرازيل». كما أعلن عن عزم بلاده «زيادة المساعدات المادية لمحاربة جائحة كورونا في لبنان، وعن التعاون في مجالات عدة لمواجهة تداعيات الانفجار».
وزيرة الدولة السويسرية
وزيرة الدولة السويسرية في القسم الفيدرالي للشؤون الخارجية ليفيا لو، استعرضت المساعدات التي قدمتها سويسرا للبنان، مؤكدة أن «دعم سويسرا للشعب اللبناني مستمر».
وأعلنت نية بلادها «منح 20 مليون فرنك سويسري في العام الحالي للاشخاص الاكثر حاجة عبر منظمات الامم المتحدة، والمجتمع المدني والمساعدات المباشرة»، لافتة إلى أنه «بالرغم من المساعدات المقدمة خلال العام الماضي يجب علينا أن ندرك أن المساعدات الدولية لن تكون لوحدها الحل لمشاكل لبنان، وهذه كانت الرسالة التي نقلها رئيس حكومتنا إينياسيو كاسيس خلال الزيارة التي قام بها لبيروت في نيسان الماضي».
أضافت: «لبنان بحاجة بشكل طارئ إلى حكومة فعالة، ذات مصداقية ويمكن الاعتماد عليها، تلتزم الصدق وإجراء الاصلاحات الضرورية واللازمة لإخراج البلد من أزماته الملحة». وأكدت «تضامن سويسرا مع الشعب اللبناني وتطلعها للإصلاحات الواجب إجرائها لمصلحة الشعب اللبناني».
وزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية
واستعرض وزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية سلطان بن سعد المريخي ما قدمته دولة قطر للبنان في الفترة الماضية، وأكد استمرار بلاده في دعم لبنان والشعب اللبناني.
البنك الاوروبي لإعادة الاعمار والإنماء
وتحدث نائب رئيس البنك الاوروبي لإعادة الاعمار والانماء بيار هيلبرون مشيراً إلى المساعدة التي يقدمها البنك للبنان في مجالات عدة، واكد «الحاجة الى تشكيل حكومة قادرة على تحقيق الإصلاحات، بدعم من البنك الدولي، ما يسمح بالنهوض الاقتصادي وإعادة اعمار البلاد».
اليابان
والقى وزير الدولة للشؤون الخارجية الياباني ايشيرو واشيو كلمة، ابدى فيها اسف بلاده «لعدم حصول تقدم في الحياة السياسية اللبنانية، وعدم كشف ملابسات الانفجار بعد عام على حصوله».
ودعا المسؤولين اللبنانيين الى «وضع خلافاتهم جانباً، والبدء بمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتشكيل حكومة بشكل سريع».
بنك الاستثمار الأوروبي
وقال رئيس بنك الاستثمار الأوروبي فيرنر هويير، ان البنك «يقف الى جانب لبنان في سعيه الى تنمية اقتصادية واجتماعية وفق سياسة جديدة بالتعاون مع كل الشركاء». ولفت الى «الإمكانات المتوافرة للبنك من مساعدات تقنية وقروض طوية الأمد، والتي يمكن استثمارها من اجل إعادة اعمار بيروت».
واوضح ان «البنك سبق وتعاون مع القطاع الخاص في لبنان بمبلغ 744 مليون يورو، وهو مستعد للاستمرار في التعاون مع القطاع الخاص، الا انه لا يمكن تقديم المزيد من المساعدات من دون خطوات لبنانية إصلاحية».
الفاتيكان
وكانت كلمة لمساعد امين سر العلاقات بين الدول في الفاتيكان المونسنيور ميروسلاف واشوفسكي، الذي شكر المجتمع الدولي وفرنسا وكل الدول التي ساعدت لبنان «المعروف بتجربته الفريدة في العيش المشترك». وشدد على انه «لهذا السبب لا يمكن تركه تحت رحمة من يهتمون بمصالحهم، فهو اكثر من بلد، انه رسالة اخوة وسلام في الشرق الأوسط، ويجب تعاون الجميع داخل البلد وخارجه لبقائه واستمراره برسالته».
ودعا الى «مساعدة لبنان لايجاد طريقه للخروج من هذه الازمات، وشعبه لعدم فقدانه الامل ولعيش مستقبل زاهر في ارضه من دون اي تدخلات».
الصليب الأحمر
اما نائب رئيس منظمة الصليب الأحمر الدولي جيل كاربونييه، فاستعاد شريط المساعدات التي قدمها الصليب الأحمر الدولي للبنان بعد الانفجار، «ومحاولة تأمين حاجات العديد من اللبنانيين الذين تأثروا بهذا الحدث المأساوي وبالازمات الأخرى التي تضرب البلد».
ولفت الى ان «ما يحتاجه لبنان لا يقتصر على المساعدات الإنسانية، بل يجب تعاون الجميع من سلطات ومنظمات حكومية وغير حكومية والمجتمع الدولي».
المجتمع المدني
وتحدث عدد من الناشطين في منظمات المجتمع المدني. فعرض نقولا أبو خاطر للواقع اللبناني وما يعانيه الشعب من أزمات ومشاكل، متهما الطبقة السياسية بـ «التسبب بمعاناة اللبنانيين على كل الصعد». كما شدد على المشاكل التي تعترض القطاع الخاص. واكد على «العزيمة على البقاء والاستمرار للخروج من الازمة».
من جهتها، اكدت رضا دسوقي «استمرار المجتمع المدني في تقديم المساعدات»، وذكرت ما تقوم به جميعة «سنابل النور» في هذا المجال على الصعد الإنسانية والطبية والتربوية في طرابلس.
وأشارت هبة أنطون الى العمل الذي تقوم به جمعية «التنمية للإنسان والبيئة» والمتطوعون فيها لمساعدة من يحتاج في هذا الوقت العصيب، داعية الى «المزيد من المساعدات الدولية»، وشاكرة «لكل ما قدمته الدول والجمعيات الدولية في هذا المجال».
اما جورج شقير فعرض للتحركات التي يقوم بها المجتمع المدني «لمواجهة تداعيات الانفجار ومنها صناعة العديد من الأفلام التي تتطرق الى هذا الموضوع ونتائجه المأساوية». واكد «العزيمة على الاستمرار رغم كل الظروف الصعبة، كل في ميدانه وضمن قدراته»، مشدداً على ان «الثقافة جزء لا يتجزأ من المواجهة لتخطي الازمات».
كما تحدثت ماريتا افرام، فشكرت «كل الذين دعموا ويدعمون منظمات المجتمع المدني للوقوف في وجه التحديات والأزمات التي يعاني منها لبنان»، عارضة للصعوبات المادية والثقافية والتربوية، ووجوب الحد منها، وداعية الى «تضامن دولي لحماية الاستمرارية التربوية في لبنان».
الجامعة العربية
والقى الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي كلمة الجامعة، عارضا للأوضاع الصعبة التي يعيشها لبنان على اكثر من صعيد. ودعا الى «إقامة حكومة اختصاصيين وتكنوقراط، مع صلاحيات واضحة ودعم شعبي لتنفيذ الإصلاحات»، لافتاً الى ان «الجامعة ترغب في ان تبصر الحكومة الجديدة النور في اسرع وقت ممكن، بعد وقت طويل من المماطلة».
واتهم زكي «الطبقة السياسية وبعض القادة» بـ «الاهتمام بمصالحهم الخاصة اكثر من اهتمامهم برفاهية بلادهم ومصير شعبهم»، وحثهم على «تحمل مسؤولياتهم والتواصل مع بعضهم بنية طيبة لكسر الحلقة الخبيثة، كونها الفرصة الأخيرة ربما قبل الوصول الى مرحلة عدم الاستقرار وفوضى المؤسسات».
واعلن ان الجامعة «تحث الأمم المتحدة والمشاركين على محاولة مساعدة اللبنانيين على منع انهيار قطاعين أساسيين هما التربية والصحة».
الصين
واعرب السفير الصيني كيان مينجيان عن ترحيب بلاده «بتكليف رئيس الجمهورية النائب نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة»، وعن املها في «عمل كل الأطراف اللبنانية بروحية طيبة وتعزيز الحوار لتشكيل حكومة في اسرع وقت ممكن».
وإذ عرض للمساعدات التي قدمتها الصين الى لبنان، ابدى استعداد بلاده «لتعزيز التعاون بين البلدين في المجالات كافة، ومنها المجالات الصحية وإعادة الاعمار والاستقرار الأمني والحفاظ على الهدوء على الحدود». ودعا الى «دعم قوات اليونيفيل للحفاظ على الاستقرار على الحدود»، والأطراف المعنية الى «مراقبة تطبيق قرارات الأمم المتحدة والتوقف عن خرق السيادة اللبنانية والاعمال التي تهدد الاستقرار في المنطقة».
روسيا
ثم تحدث القائم بالاعمال في السفارة الروسية في فرنسا الكسندر زيزيولين الذي رحب بكل المساعدات الدولية للبنان، ولكنه شدد على «أهمية قيام حكومة قادرة على اتخاذ قرارات مناسبة لتخطي الازمات، وتحظى بدعم كل الفئات اللبنانية».
واعرب عن «دعم روسيا لمساعدة لبنان على الصعد كافة مع احترام سيادته وسلامة أراضيه».
الختام
وفي الختام، لفتت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة الى أهمية هذا الحدث، والى «وقوف المجتمع الدولي الى جانب الشعب اللبناني».
وعرض وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان للعمل الذي قامت به فرنسا «لتأمين المساعدة الدولية للبنان، وللجهود الكبيرة التي قامت بها الأمم المتحدة لوضع هذه المساعدات موضع التنفيذ والتطبيق الفعلي ولايصالها الى مستحقيها بفاعلية، في بلد يعاني من كل أنواع الصعوبات».
ولفت الى ان «المساعدات وصلت الى اكثر من 370 مليون يورو، والى اكثر من 357 مليون دولار تم رصدها للعام المقبل، وهذه التقديمات ستساهم في تأمين الحاجات الاساسية للبنانيين». كما لفت الى ان «المساعدات المباشرة التي يتم تأمينها للشعب اللبناني ليست، بأي حال من الأحوال، بديلة عن مسؤوليات السلطات اللبنانية التي يجب عليها اتخاذ الخطوات اللازمة لتخطي الازمات، ومنها اولاً تشكيل حكومة فاعلة وقابلة للحياة والبدء بمفاوضات لتطبيق برنامج صندوق النقد الدولي ووضع الإصلاحات الاولية موضع التنفيذ لاصلاح القطاع المصرفي وقطاع الطاقة وغيرها».
وأشار الى ان «فرنسا والاتحاد الأوروبي قد مارسا ضغوطاً لكي يلتزم المسؤولون في لبنان بما تعهدوا به في هذا المجال، ولكن على السلطات اللبنانية ان تسمح للبنانيين بالتعبير عن انفسهم بطريقة ديمقراطية في الانتخابات المقبلة عام 2022، وعلى الحكومة المقبلة ضمان اجراء هذه الانتخابات بشفافية».
وتوجه الى المسؤولين اللبنانيين بالقول: «ان مستقبل لبنان في خطر».