في زيارة دولة إلى ألمانيا… ماكرون يدعو للدفاع عن الديمقراطية في مواجهة النزعة القومية

خلال زيارة الدولة التي يجريها إلى ألمانيا، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على ضرورة الدفاع عن الديمقراطية في مواجهة النزعة القومية في الانتخابات الأوروبية المقبلة. وهذه الزيارة هي الأولى من نوعها لرئيس فرنسي منذ ربع قرن.
دعا إيمانويل ماكرون الأحد في مستهل زيارته الرسمية إلى ألمانيا للدفاع عن الديمقراطية في مواجهة النزعة القومية في الانتخابات الأوروبية المقبلة. وهذه أول زيارة دولة يجريها رئيس فرنسي لألمانيا منذ ربع قرن.
وحضر ماكرون مهرجاناً للديمقراطية في أولى محطاته في ألمانيا، وقد حذر برفقة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير من «انبهار بالاستبداد يتنامى» في الدولتين الرئيسيتين في الاتحاد الأوروبي.
وصرح ماكرون «ننسى في كثير من الأحيان أنها معركة» لحماية الديمقراطية، ولفت إلى أن القوميين لو كانوا في السلطة في أوروبا في السنوات الأخيرة «لما كان التاريخ على ما هو عليه»، مشيراً إلى قرارات متصلة بجائحة كوفيد وغزو روسيا لأوكرانيا.
وأوضح الرئيس الألماني «نحن بحاجة إلى تحالف للديمقراطيين في أوروبا»، مضيفاً أن ماكرون «محق في إشارته إلى أن الظروف اليوم قبل الانتخابات الأوروبية تختلف عن الانتخابات السابقة، لقد حدثت أمور كثيرة».
«أوروبا يمكن أن تموت»
وزيارة ماكرون تأتي قبل أسبوعين من الانتخابات الأوروبية إذ تظهر استطلاعات الرأي أن ائتلافه يتخلف بفارق كبير عن اليمين المتطرف وقد يواجه صعوبة في الحلول في المركز الثالث.
في ألمانيا أيضاً، تظهر استطلاعات تخلف الأحزاب الثلاثة المنضوية في ائتلاف المستشار أولاف شولتس عن حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، على الرغم من تورط الحزب المناهض للهجرة في سلسلة فضائح.
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع شتاينماير قال ماكرون إنه سيعمل على «كشف حقيقة» حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، محذراً من أن «لا شيء في خطابهم منطقي».
وتابع «على عكس كثر، لم أعتد على فكرة أن التجمع الوطني هو حزب كغيره. لذا عندما يتصدر الاستطلاعات أعتبر هذا الحزب وأفكاره خطراً يتهدد أوروبا».
وفي خطاب مهم بشأن السياسة الخارجية الشهر الماضي، وجه ماكرون تحذيراً من التهديدات التي تواجهها أوروبا في عالم متغير غداة الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.
وقال «أوروبا التي نعرفها اليوم قابلة للموت.. يمكن أن تموت ويعتمد الأمر على خياراتنا فحسب».
وفي برلين جدد ماكرون دعوته للأوروبيين «للتصويت للحزب الذي ندعمه والحزب الذي يدافع عن أوروبا».
ويزور الرئيس الفرنسي الثلاثاء مدينة مونستر الألمانية ليتوجه لاحقاً إلى ميزبرغ خارج برلين لعقد محادثات مع شولتس وحيث ينعقد اجتماع مشترك للحكومتين الفرنسية والألمانية.
«تميل إلى العدائية»
الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام وتشمل أربع محطات سيسعى خلالها إيمانويل ماكرون للتأكيد على الأهمية التاريخية للعلاقة ما بعد الحرب بين البلدين الرئيسيين في الاتحاد الأوروبي، في وقت تحيي فرنسا الشهر المقبل ذكرى مرور 80 عاماً على إنزال النورماندي الذي شكل بداية نهاية الاحتلال الألماني في الحرب العالمية الثانية.
لطالما طغى التوتر على العلاقة التي تعد بمثابة محرك الاتحاد الأوروبي، إذ لم تخف برلين امتعاضها من رفض ماكرون استبعاد إرسال قوات إلى أوكرانيا فيما يُقال إن المسؤولين الألمان لا يشعرون بالارتياح حيال سياسات الرئيس الفرنسي الخارجية القائمة على الاستعراض في كثير من الأحيان.
لكن رفض ماكرون استبعاد إرسال قوات إلى أوكرانيا أثار رداً حاداً بشكل غير معهود من شولتس جاء فيه ألّا خطط من هذا النوع لدى ألمانيا. كما أن برلين لا تشارك ماكرون حماسته لاستقلال استراتيجي أوروبي مع تقليل الاعتماد العسكري على الولايات المتحدة.
وسعى الرئيس الفرنسي لتجنب الحديث عن خلاف، قائلاً إن التنسيق مع ألمانيا أساسي على مر السنين.
وأعطى أمثلة على غرار العقوبات المفروضة على روسيا على خلفية غزوها أوكرانيا والعمل على تحفيز النمو الاقتصادي الأوروبي والابتكار بعد الوباء.
وقالت هيلين ميار–دولاكروا المتخصصة في التاريخ الألماني في جامعة السوربون في باريس إن «العلاقة الفرنسية الألمانية قائمة على الاختلاف وإيجاد طرق للتوصل إلى تسويات».
ووصف مدير برنامج أوروبا لدى شركة «مجموعة أوراسيا» لتحليل المخاطر مجتبى رحمن العلاقات بين فرنسا وألمانيا بأنها «ما زالت محرجة وتميل إلى العدائية».
وأضاف على منصة إكس «في المسائل الكبرى، يجب توقع تقدم ضئيل» فحسب.
وأجرى ماكرون زيارات عدة لبرلين، لكن هذه هي أول زيارة دولة لرئيس فرنسي منذ 24 عاماً بعد تلك التي أجراها جاك شيراك في العام 2000 والسادسة منذ أول زيارة دولة قام بها شارل ديغول بعد الحرب في العام 1962.
فرانس24/ أ ف ب