اسرائيل تواصل قصف غزة وواشنطن تفرض الفيتو في مجلس الأمن على وقف إطلاق النار
واصلت إسرائيل قصف قطاع غزة فجر الأربعاء فيما فرضت واشنطن فيتو على قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف لإطلاق النار في القطاع الفلسطيني المحاصر الذي يواجه وضعاً إنسانياً كارثياً.
ويتكدس نحو مليون ونصف مليون شخص في مدينة رفح الواقعة في جنوب قطاع غزة عند الحدود المغلقة مع مصر والتي زاد عدد سكانها ست مرات منذ بدء الحرب إثر هجوم حركة حماس داخل الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
وقصفت إسرائيل قطاع غزة فجر الأربعاء فيما يحتدم القتال على الأرض ما أدى إلى مقتل 103 أشخاص الثلاثاء وفق وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس.
وأفاد شهود عن قصف كثيف في مناطق محيطة بغزة فضلاً عن مدينتي خان يونس ورفح في جنوب القطاع قرب الحدود مع مصر إلى حيث نزح نحو 1،4 مليون فلسطيني هرباً من القتال في الشمال.
وارتفعت حصيلة ضحايا العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 29195 قتيلاً، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
فيتو أميركي
لكن في نيويورك، استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار عرضته الجزائر ويطالب بوقف فوري إنساني لإطلاق النار و«الافراج غير المشروط» عن كل الرهائن الذين خطفوا في هجمات السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
ووصفت سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد طرح المقترح للتصويت بأنه «من باب التمني وغير مسؤول… ويعرض المفاوضات الحساسة للخطر».
وأثار الفيتو الأميركي انتقادات من دول عدة من بينها الصين وروسيا والمملكة العربية السعودية وفرنسا وسلوفينيا.
وقالت حركة حماس إن الفيتو الأميركي «يخدم أجندة الاحتلال الإسرائيلي ويعرقل الجهود الدولية لوقف العدوان ويزيد من معاناة شعبنا» ويشكل «ضوء أخضر» لإسرائيل لارتكاب «مزيد من المجازر».
«فوضى وعنف»
وفي دليل جديد على تفاقم الوضع في القطاع، أعلن برنامج الأغذية العالمي الثلاثاء تعليق تسليم المساعدات في شمال القطاع بسبب «الفوضى والعنف» المستشري فيه وهو قرار نددت به حركة حماس.
وكان برنامج الأغذية العالمي استأنف الأحد تسليم المساعدات الغذائية لكنه أكد أن شاحناته استُهدفت بإطلاق نار وتعرضت للنهب فيما تعرض أحد سائقيه للضرب.
وقال المكتب الاعلامي الحكومي التابع لحركة حماس في قطاع غزة إن هذا القرار «يعني الحكم بالإعدام والموت على ثلاثة أرباع مليون إنسان، ويزيد في تدهور الأوضاع الإنسانية بصورة مضاعفة».
وطالب البرنامج بالعودة فوراً عن هذا القرار «الكارثي» محملاً الأمم المتحدة والأسرة الدولية المسؤولية.
ومنذ بدء الحرب، أحكمت إسرائيل حصارها على قطاع غزة الذي تفرضه منذ سيطرة حماس على السلطة فيه العام 2007 مع وصول مساعدات قليلة جداً إليه.
وتدق الأمم المتحدة ناقوس الخطر باستمرار حول الوضع الإنساني الصعب جداً في قطاع غزة محذرة من أن النقص في المواد الغذائية قد يؤدي إلى «ارتفاع كبير جداً» في وفيات الأطفال.
وقد دفعت الحرب المستمرة منذ أكثر من أربعة أشهر، 2،2 مليون شخص إلى شفير المجاعة وثلاثة أرباع السكان في القطاع المدمر إلى النزوح بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وقال أحمد من سكان مدينة غزة حيث تنتشر أنقاض الأبنية المدمرة والنفايات في الشوارع «لم نعد قادرين. ليس لدينا طحين لا نعرف إلى أي نذهب في هذا البرد نحن في الشوارع. أكلنا البرد».
وأضاف «نريد وقف إطلاق النار. نريد أن نعيش».
«مقبرة»
وتشكل مدينة رفح التي يهدد الإسرائيليون بشن هجوم بري عليها، المدخل الرئيسي للمساعدات عبر مصر والتي يحتاجها السكان بشكل ملح.
وأعلنت قطر التي تلعب دوراً أساسياً في الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس الثلاثاء أن أدوية مرسلة إلى غزة في إطار اتفاق تولّت الدوحة وباريس المفاوضات فيه، بدأت تصل إلى الرهائن المحتجزين لدى الحركة.
إلا ان الجهود المبذولة فشلت حتى الآن بالتوصل إلى هدنة طويلة الأمد فيما تشدد إسرائيل رغم الضغوط الدولية على أن هجوماً برياً على رفح أساسي للقضاء على حركة حماس.
ويقول مسؤولو المنظمات الإنسانية الدولية إن هجوماً برياً قد يحوّل رفح إلى «مقبرة» محذرين من تداعيات «لا يمكن تصورها».
وقالت إسرائيل من جهتها أنها ستواصل هجومها خلال شهر رمضان بما يشمل رفح في حال لم تفرج حماس عن كل الرهائن.
جهود وانتقادات
وينتظر وصول بريت ماكغورك المنسق الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأربعاء إلى القاهرة التي ينتقل منها إلى إسرائيل الخميس للبحث في صفقة الرهائن.
وسيجدد ماكغورك التأكيد على مخاوف الرئيس الأميركي جو بايدن من عملية إسرائيلية محتملة في رفح على ما قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي.
وأفاد مصدر مطلع في حماس وكالة فرانس برس أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية موجود في القاهرة على رأس وفد «لبحث أفكار جديدة تتعلق بوقف النار» مؤكداً أن الحركة «منفتحة على مناقشة أية افكار أو مبادرات وحريصة على أن يتحقق وقف العدوان والحرب والانسحاب من قطاع غزة وتدفق المساعدات الانسانية لابناء شعبنا».
وفي انتقادات جديدة لحملة إسرائيل العنيفة في قطاع غزة اتهم الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو إسرائيل بارتكاب «إبادة» حاذياً بذلك حذو الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
وكان لولا أثار عاصفة دبلوماسية من خلال تعليقاته قبل قمة العشرين في ريو دي جانيرو التي تنطلق الأربعاء وقد اعتبرته إسرائيل «شخصاً غير مرغوب فيه».
ا ف ب