بالتزامن مع تعرّض سفينتين أميركية وبريطانية الإثنين لهجومين جديدين في منطقة البحر الأحمر خلال أقلّ من 24 ساعة، قرر الاتحاد الأوروبي رسمياً إطلاق مهمّة للمساعدة في حماية الملاحة الدولية في الممر المائي الاستراتيجي. فيما تأتي هذه المهمة الأوروبية بعد شهرين من إنشاء واشنطن تحالف بحري لحماية الملاحة في المنطقة الاستراتيجية التي تمرّ عبرها 12% من التجارة العالمية.
اتفقت دول الاتحاد الأوروبي على إطلاق مهمة للمساعدة في صد هجمات الحوثيين وحماية الملاحة الدولية في منطقة البحر الأحمر.
ويأتي هذا تزامناً مع ما كشفت عنه شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري الإثنين التي قالت إن سفينة شحن مملوكة أميركياً أبلغت عن تعرضها لهجومين منفصلين في غضون ساعتين شرق عدن جنوب اليمن، وذلك بعد ساعات من استهداف الحوثيين سفينة بريطانية في خليج عدن قبل إعلان استهدافهم لسفينتين أميركيتين.
إلى ذلك، وخلال اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أكد وزير الخارجية الإيطالية أنتونيو تاياني إطلاق المهمّة الأوروبية واصفاً إياها بأنها «خطوة مهمة باتجاه دفاعٍ أوروبي مشترك».
ومن جانبها كتبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على منصّة «إكس»: «أوروبا ستضمن حرية الملاحة في البحر الأحمر، عبر العمل مع شركائنا الدوليين».
ويذكر أن إطلاق المهمة الأوروبية يأتي بعد شهرين من إنشاء واشنطن تحالف بحري لحماية الملاحة في المنطقة الاستراتيجية التي تمرّ عبرها 12% من التجارة العالمية.
«حرصنا على خروج طاقم السفينة بأمان»
وقالت شركة «أمبري» الإثنين، إن «ناقلة بضائع مملوكة أميركياً وترفع علم اليونان طلبت مساعدة عسكرية مشيرة إلى إنها تعرّضت لهجوم صاروخي» شرق عدن. ولاحقاً، أشارت إلى أن السفينة نفسها أبلغت بعد ساعتين عن «سقوط مقذوف في المياه على بُعد 10 إلى 15 متراً من جانبها الأيمن».
ومن جهتها، أعلنت وكالة «يو كاي أم تي أو» البريطانية أن «السفينة والطاقم بخير» مشيرة إلى أنها أُبلغت بوجود «شظايا وأضرار في الطلاء».
وبُعيد ذلك، أعلن الحوثيون في بيان استهداف «سفينتين أميركيتينِ في خليجِ عدن، الأولى -سي تشامبيون Sea champion- والأخرى -نافيس فورتونا Navis Fortuna- (…) بعددٍ من الصواريخِ البحرية المناسبة، وكانتِ الإصاباتُ دقيقة ومباشرة».
وأضاف المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع «بلغ إجمالي عملياتِ القواتِ المسلحةِ خلالَ الأربعِ والعشرين ساعةً الماضيةَ أربعَ عمليات».
هذا، وكان الحوثيون قد أعلنوا صباحاً في بيان أنهم استهدفوا «سفينة بريطانية في خليجِ عدن -RUBYMAR-وذلكَ بعددٍ من الصواريخِ البحريةِ المناسبةِ».
ومن جهتها، كانت «أمبري» قد أشارت إلى تعرّض «سفينة شحن ترفع علم بليز، مسجلة في المملكة المتحدة وتشغّلها جهة لبنانية لهجوم» في مضيق باب المندب مشيرة إلى أنها اطّلعت على «تقارير تفيد بأن الطاقم غادر السفينة وأنقذته سفينة تجارية أخرى».
وقال الحوثيون «حرصنا خلال العملية على خروج طاقم السفينة بأمان».
وإذ أكد الحوثيون أن السفينة أُصيبت «إصابة بالغة» نتيجة عمليتهم ما أدى إلى «توقفِها بشكل كامل» وهي «معرضة الآن للغرق»، لفتت «أمبري» إلى أن «في الأيام التي سبقت الحادثة، بين 16 و18 شباط (فبراير)، كانت السفينة تنحرف بنمط يتطابق مع فشل في المحرك». وقالت «لم يتّضح حتى وقت كتابة هذا التقرير سبب توقف السفينة».
وفي البيان نفسه، أعلن اليمنيون أنهم أسقطوا مسيّرة أميركية في الحُديدة غرب اليمن، «أثناء قيامِها بمهام عدائية ضد بلدِنا لصالحِ الكيان الصهيوني». إلا أنّ واشنطن لم تؤكد الأمر حتى الساعة.
لا هجمات «على الأراضي اليمنية» والأثر الاقتصادي عالمي
وقبل إطلاق المهمّة الأوروبية بشكل رسمي الإثنين، قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي الجمعة إنّ التكتل يسعى إلى تفعيل هذه المهمّة التي أُطلق عليها اسم «أسبيدس» التي تعني «درع» باليونانية، وتشغيلها خلال «أسابيع قليلة» بأربع سفن على الأقل.
وإلى غاية الآن، أعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا نيّتها المشاركة بالسفن. كما أوضح الاتحاد أن المهمة محددة لمدة عام قابلة للتجديد، وتقتصر على حماية السفن المدنية في البحر الأحمر، ولن يتمّ تنفيذ أيّ هجمات «على الأراضي اليمنية».
كما جاء الاتفاق على إطلاق المهمّة في البحر الأحمر بعد مشاورات استمرت أسابيع بين دول الاتحاد، في ظل تصاعد المخاوف من إمكان تسبب هجمات الحوثيين بالإضرار باقتصاداتها ورفع معدلات التضخم.
هذا، وتعجز الدول الأوروبية عن اتخاذ موقف موحّد من الحرب في غزة. وقد دعت دول مثل إسبانيا وإيرلندا، إسرائيل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وهو مطلب رفضت دول أخرى داعمة بشدّة للدولة العبرية على غرار ألمانيا تأييده.
وفي هذا السياق، اعتبر وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة سعد بن شريده الكعبي الإثنين، أن إعلان وقف إطلاق نار في غزة سيؤدي إلى إنهاء هجمات الحوثيين.
وقال الوزير الذي يشغل أيضاً منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة «قطر للطاقة» الحكومية العملاقة، إن «أساس المشكلة» في منطقة البحر الأحمر «هو الغزو الإسرائيلي لغزة»، مضيفاً «نأمل أن يُعلَن وقف لإطلاق النار قريباً لوضع حدّ (للهجمات)، و للأثر الاقتصادي (الذي يترتب عنها) على العالم بأسره».
لتجنّب المرور في البحر الأحمر، قررت شركات كثيرة بينها «قطر للطاقة»، تحويل مسار شحناتها إلى رأس الرجاء الصالح، في أقصى جنوب أفريقيا، ما يطيل الرحلة بين آسيا وأوروبا أقله لمدة أسبوع.
وأوضح الكعبي «قد لا يكون الأمر محسوسا على المدى القصير، لكن إذا استمرّ على المدى الطويل، فسيعيق الحركة فعلياً».
ومن جانبه، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الإثنين تراجع عائدات قناة السويس بنسبة تراوح بين 40 و50%، بسبب اضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر نتيجة هجمات الحوثيين.
وكان رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع قد أعلن في مداخلة هاتفية مطلع الشهر الجاري مع إحدى الفضائيات المصرية أن إيرادات الممر الملاحي الدولي تراجعت من 804 ملايين دولار سجلت في كانون الثاني (يناير) العام الماضي إلى 428 مليون دولار خلال الشهر نفسه هذا العام، بعجز نسبته 46%، عازياً ذلك إلى أزمة الملاحة في البحر الأحمر.
كما أشار إلى أن عدد السفن التي عبرت القناة انخفض إلى 1362 سفينة في كانون الثاني (يناير)، مقابل 2155 سفينة عبرت في الشهر نفسه من العام الماضي.
فرانس24/ أ ف ب