الغياب الرسمي يحرك القيادات الدينية فتحذر وتطالب بانتخاب رئيس للجمهورية
الحوار والحرب يسيران جنباً الى جنب على جميع المحاور فلمن ستكون الغلبة في النهاية؟ قدمت حماس ردها على اقتراح اطلاق الرهائن ووصف بالايجابي، الا انه احدث انقساماً داخل اسرائيل واختلف الوزراء بين رافض كلياً له، ومطالب بضرورة مناقشته. كما عقد رئيس حكومة العدو مؤتمراً صحافياً صعد فيه اللهجة رافضاً الانسحاب من غزة التي استمرت رازحة تحت قصف عنيف واشتباكات بين حماس وجنود العدو وكل ذلك وقع تحت انظار وزير خارجية الولايات المتحدة انتوني بلينكن، الذي يسعى في جولته الخامسة الى المنطقة لتهدئة الاوضاع وادخال المساعدات الانسانية الى القطاع الذي يعاني من الجوع.
اما الجبهة اللبنانية فالصورة على حالها تتجدد كل يوم قصفاً وغارات جوية وتهديم منازل وسقوط ضحايا، فيما الدولة غائبة عن هذه التطورات فلا كلمة لها ولا موقف. ولذلك اصبحت الاتصالات تجري بعيداً عنها، بحيث بات يخشى من ان تتم الحلول على حساب لبنان في غياب رئيس للجمهورية يتولى وفق الدستور هذه المهمة. ولذلك تعالت الاصوات من كل الاطراف مطالبة المجلس النيابي بانتخاب رئيس للجمهورية. وقد رفض اجتماع المطارنة الذي عقد في بكركي، اجراء حوار بهذا الخصوص مع الوسطاء الاميركيين والاوروبيين في غياب رئيس للبلاد. وابدى تخوفه من ان يتم ترسيم الحدود البرية وفق ما جرى في ترسيم الحدود البحرية، حيث خسر لبنان مساحة كبرى، قيل انها تحتوي على النفط والغاز. وكذلك وجه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة الى اللبنانيين لمناسبة ذكرى الاسراء والمعراج، قال فيها: «لا اعرف بلداً في العالم يتعذر فيه انتخاب رئيس للجمهورية. وكيف تقوم دولة بلا رئيس وحكومة عاملة؟ والسبب ان هذا الفريق او ذاك لا يقبل غير مرشحه مع ان العنوان هو الانتخاب او الاقتراع».
والمؤسف في الامر ان غياب المسؤولين عما يجري على الحدود والاعتراف بذلك علناً، جعل المفاوضات التي يجريها الزوار الغربيون تدور بعيداً عنهم. وهذا شجع فريق الممانعة الذي يقود الحرب في الجنوب على رفع سقف مواقفه المتعلقة بالرئاسة، ويتشدد في رفض اي مرشح اخر غير مرشحه، وهذا ما يصعب مهمة الوسطاء. فماذا تستطيع ان تفعل اللجنة الخماسية في هذه الاجواء الاستسلامية وكيف يمكنها ان تقنع كل الاطراف بمرشح حيادي يتولى اللبنانيون انفسهم تسميته؟
امام هذا الواقع المرير ينعقد اليوم مجلس الوزراء وعلى جدول اعماله 25 بنداً تحمل صفة الضرورة، دون ان تتضمن بنداً واحداً يتعلق بالوضع القائم والخطر جداً على الحدود، فهل من ضرورة اكبر من ذلك؟
وعقدت لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين جلسة في المجلس النيابي، بحضور المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، وكان لهذا اللقاء علاقة بالقرار 1701، كما قال رئيس اللجنة النائب فادي علامة. وكان هناك اتفاق مع السفيرة الاممية منذ فترة ان تخصص جلسة لشرح مفهوم القرار 1701، من ناحية دوره على الارض والسيادة والامن، وفي الوقت عينه كان هناك كلام عن ضرورة تغيير الستاتيكو الموجود، وربما الحرب القائمة في غزة وجنوب لبنان هي فرصة لاعادة النظر في الستاتيكو الذي وجد منذ العام 2006، وكان هناك ايضاً كلام عن ضرورة تفعيل اللجنة الثلاثية التي كانت موجودة لحل النقاط المتنازع عليها.
الظروف القائمة تحتم الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وعلى الطرفين تقديم التنازلات قبل ضياع البلد، خصوصاً وان الحلول تقترب، والمنطقة مقبلة على تغييرات اساسية ومصيرية، فهل يبقى لبنان خارج كل هذه الحركة، لان المجلس النيابي مقفل بوجه انتخاب رئيس؟ ان اللبنانيين يأملون ان تصل هذه التغييرات الى لبنان فتزاح منظومة، عملت منذ سنوات طويلة على تدمير البلد، لتحمي مصالحها وقد آن لها ان ترحل، وتترك البلد ينهض.