الحراك الدبلوماسي المكثف فشل حتى الساعة في وقف حرب غزة والحدود الجنوبية اللبنانية
عاد الحديث عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية سريعاً فهل يتفقون على المرشح الثالث؟
لم تبدل جولة وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن شيئاً في سير المعارك الدائرة في المنطقة.. فلا حرب غزة توقفت ولا استهداف القواعد الاميركية قي العراق وسوريا كذلك. لقد استمرت اسرائيل في اعتداءاتها على الفلسطينيين في قطاع غزة مستهدفة الشعب الفلسطيني كله دون تمييز، وقد وصفت الامم المتحدة تهجير ابناء غزة بانه اشبه بتهجير 1948 وهذل يدل على النوايا المبيتة للعدو الاسرائيلي. كذلك حافظت الجبهة على الحدود الجنوبية اللبنانية على حماوتها واستمر الجيش الاسرائيلي في قصف القرى الجنوبية بالطائرات الحربية والمسيرات، فيسقط المزيد من الضحايا وتدمر المنازل وتحرق الحقول بالقنابل الفوسفورية المحرمة دولياً. فيما يرد حزب الله على هذه الاعتداءات بالاسلحة المناسبة موقعاً فيها خسائر مؤكدة كما تشير بياناته.
واستمرار التوتر على الحدود اللبنانية طرح علامة استفهام حول زيارة مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة اموس هوكستين ونتائجها. وفي غياب المعلومات كثرت التكهنات والتحليلات. فالبعض اعتبر ان هوكستين فشل في اقناع العدو الاسرائيلي بوقف القتال والقصف وفي تنفيذ القرار 1701، الذي لم تحترمه اسرائيل يوماً. وقد نقل شروطاً لم يقبل بها لبنان. والبعض الاخر يقول ان الزيارة حققت الغاية المرجوة منها، ولكن التنفيذ مؤجل الى ما بعد وقف النار في غزة. ويضيف ان العقدة الوحيدة الباقية هي مزارع شبعا. ويقول هوكستين انها قضية بين لبنان وسوريا لانها مشمولة بالقرار 442 وليس بالقرار 1701، الذي كان تنفيذه موضوع زيارته. وانطلاقاً من هذا الواقع تبقى قضية مزارع شبعا معلقة الى اجل بعيد. فقد جرت محاولات في السابق للحصول على اعتراف سوري بملكية لبنان لهذه المزارع. الا ان سوريا تهربت وماطلت وبقيت الامور معلقة.
على الصعيد السياسي عاد الحديث عن انتخاب رئيس للجمهورية، بعدما كان الملف قد ابعد عن التداول، بسبب الانشغال بحرب غزة. وستعود اللجنة الخماسية المهتمة بشؤون لبنان الى الاجتماع في نهاية هذا الشهر او مطلع الشهر المقبل، وستعمل على اقناع الاطراف بالمرشح الثالث بحيث يتم الاتفاق حوله ويصار الى انتخابه. وقد حرك رئيس مجلس النواب نبيه بري الملف، وقال ان هناك مرشحاً واحداً هو سليمان فرنجية، معتبراً ان المرشحين الاخرين لم يعودوا موجودين او انهم عزفوا عن الترشح. وقد رد عليه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بالقول: افتح المجلس النيابي وادع الى جلسة مفتوحة، ونواب القوات سيحضرون الجلسة، وليفز بالرئاسة الاوفر حظاً. فهل يقدم الرئيس بري على هذه الخطوة، بعدما اصبح واضحاً ان القبول بمرشح الثنائي الشيعي شبه مستحيل. فليتم التنازل من قبل الطرفين والذهاب نحو المرشح الثالث. خصوصاً وان الحاجة باتت ملحة الى رئيس للجمهورية في ظل ما يحكى عن حلول للمنطقة، ويجب ان يكون للبنان رئيس يتولى التفاوض والتوقيع على اي حل مقبول للازمة اللبنانية.
وعلى الصعيد الحكومي تعرض رئيس حكومة تصريف الاعمال لحملة سياسية بسبب رد ثلاثة قوانين الى المجلس النيابي، واعتبر المنتقدون الخطوة بانها مخالفة دستورية، لانها تتعدى على صلاحيات رئيس الجمهورية. خطوة الرئيس ميقاتي هي حتماً مخالفة دستورية كما يؤكد الخبراء القانونيون، ولكن الطبقة السياسية وخصوصاً النواب يتحملون المسؤولية عينها، ان لم يكن اكثر بمخالفتهم الدستور وامتناعهم عن ممارسة دورهم في انتخاب رئيس للجمهورية. فتصحيح هذا الوضع الشاذ الذي يؤدي الى مزيد من تدمير الوطن هو مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمجلس النيابي، وان كانت هناك نية صادقة في الحفاظ على الاصول الدستورية والقانونية فليسارع الجميع الى انتخاب رئيس للبلاد، لكي تستقيم الامور، وتعود المؤسسات تعمل بصورة طبيعية. فتقاعس المجلس النيابي فتح الباب امام مخالفات لم يكن وارداً ان تحصل، بوجود رئيس للجمهورية. فهل ان الجميع باتوا يدركون خطورة استمرار الفراغ في قصر بعبدا، فبدأوا يفكرون بالنزول من اعلى الشجرة، لان الانهيار الحاصل على مختلف الصعد، اصبح يشكل ضرراً على مختلف الاطراف المتصارعة، فضلاً عن انه يدمر الوطن ويشل المؤسسات ويعطل مصالح المواطنين. من يحاسب هؤلاء؟ لا احد باستثناء الشعب هذا اذا كان اهلاً لذلك. لان الشعب اللبناني برهن حتى الساعة انه ليس على قدر المسؤولية ولو كان كذلك لوقف بوجه هذه الطبقة السياسية واطاحها كلها، ولكن العكس هو ما يحدث، اذ انه في كل مرة يقف امام صندوق الاقتراع يعيد انتخاب رجال هذه الطبقة وهذا ما ساهم في دمار البلد وافلاسه.