سياسة لبنانيةلبنانيات

التصعيد في غزة انتقل الى لبنان وصواريخ المقاومة تتجاوز قواعد الاشتباك وتصيب حيفا

واشنطن تحذر حزب الله وايران من توسيع الحرب وترسل اكبر غواصة نووية الى المنطقة

فشلت الاتصالات. رغم كثافتها، في التوصل ولو الى هدنة انسانية، لافساح المجال امام دخول المساعدات الى غزة، وصعد العدو الاسرائيلي قصفه العنيف على المنازل والمدارس والمستشفيات، ولم يوفر لا النساء ولا الاطفال. انها همجية وحشية لا مثيل لها، فيما العالم يقف متفرجاً دون ان يبادر الى الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها، وقد بلغت اخر حصيلة لعدد القتلى اكثر من عشرة الاف ومئة قتيل وهذا الرقم آخذ في الارتفاع ساعة بعد ساعة طالما ان الآلة الحربية لا تتوقف.
هذا التصعيد امتد امس الى الحدود الجنوبية اللبنانية. وردت المقاومة الاسلامية على الجريمة النكراء التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي، باطلاق صواريخ مسيراته على سيارة مدنية كانت تقل اماً وبناتها الثلاث وجدتهن، رغم ان المشهد كان واضحاً وان السيارة تقل اطفالاً، وفي منطقة بعيدة عن القصف، فسقطت الفتيات الثلاث وجدتهن فيما اصيبت امهن ونقلت الى المستشفى وهي لا تنفك تردد اين بناتي. الرد كان عنيفاً وقصف حزب الله عدداً من المراكز العسكرية وبعض المستوطنات. كما اطلق مسلحو القسام ستة عشر صاروخاً استهدفت جنوب حيفا، وسقط بعضها في عكا. وقالت اسرائيل ان هذا القصف لم يكن ليتم لولا موافقة حزب الله. وسارعت الى اخلاء ما تبقى من السكان في المستوطنات محذرة اياهم من البقاء. وعلى الفور نشطت الاتصالات الداخلية والدبلوماسية، في محاولة لمنع تدهور الوضع، وابعاد لبنان عن حرب مدمرة هو غير قادر على تحمل نتائجها. خصوصاً وقد علت اصوات كثيرة امس كاشفة عن الخسائر الضخمة التي تلحق بالاقتصاد اللبناني من جراء هذه الحرب. فضلاً عن انها اقفلت الباب الوحيد الذي تدخل منه العملة الصعبة وهو السياحة، خصوصاً وان الاعياد على الابواب وكان متوقعاً ان يشهد لبنان موجة عالية من السياح، لقضاء فرصة الاعياد في الربوع اللبنانية، الا ان كل هذه التوقعات سقطت والغيت الحجوزات. فرتبت على لبنان خسائر كبيرة. كما هدأت الحركة في الاسواق التجارية.
الرئيس الاميركي جو بايدن حذر حزب الله، كما حذر وزير خارجيته انتوني بلينكن ايران، من توسيع رقعة الحرب. وزار بلينكن العراق وطلب نقل الرسالة الى ايران. وبعد مغادرته، طار رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني الى طهران. في الوقت عينه انضمت الى حاملتي الطائرات الاميركية اكبر غواصة نووية وتوقفت في المنطقة وتقول واشنطن انها لمنع التصعيد وامتداد رقعة الحرب.
امام هذا الوضع المتأزم حمل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على العدو الاسرائيلي، معلناً ان جريمة اغتيال الفتيات الثلاث وجدتهن لن تمر. وسارع وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الى تقديم شكوى الى مجلس الامن وهي من باب تسجيل الموقف، لان المسؤولين اللبنانيين يعلمون ان اي محاسبة لن تصدر عن هذا المجلس، الذي تعطله الخلافات والانقسامات الحادة، وهي تعكس العلاقات القائمة حالياً بين الدول. كما ان اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية لن تكون نتائجه افضل. ويتساءل اللبنانيون عن موقف الحكومة من النشاط العسكري للقسام من الاراضي اللبنانية، وهي المسؤولة عن القرار 1701. وهل من المصلحة ان تبقى واقفة تتفرج؟ المهم الا ينزلق لبنان الى الحرب وقد خطا امس خطوة كبيرة نحو التصعيد، اذ ان الصواريخ التي تطلق من الجانبين كان مداها لا يتعدى الاربعة او الخمسة كيلومترات، اما امس الاول فقد خرقت اسرائيل قواعد الاشتباك ووسعت مداه وردت المقاومة بالمثل فتجاوزت صواريخها الثلاثين كيلومتراً في العمق الاسرائيلي، فهل تنجح الوساطات في لجم هذا التصعيد الخطير؟
في هذا الوقت تجري اتصالات عربية – دولية لوقف اطلاق النار في غزة وادخال المساعدات الانسانية. وتقول مصادر دبلوماسية ان الحل الذي يُعمل عليه الان، هو وضع غزة تحت سلطة منظمة التحرير الفلسطينية، وابعاد حماس التي رفضت هذه التداولات، وحذرت من السير بها. ولكن يبدو ان العالم غير مستعجل وهو يترك المجال امام النشاط العسكري، دون معرفة الاهداف التي يريد التوصل اليها.
على الصعيد السياسي تلقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي دعوة من الملك سلمان لحضور القمة العربية الطارئة في الحادي عشر من الشهر الجاري، والقمة الاسلامية في 12 منه وسينتهز هذه الفرصة لاكمال جولته، التي بدأها على الدول العربية انطلاقاً من قطر فالاردن ومصر، طالباً دعم لبنان وابعاد شبح الحرب عنه. وعمل على الترويج لمبادرته التي يحاول تسويقها خلال هذه الجولة التي يقوم بها. وهي تتلخص بوقف اطلاق النار وادخال المساعدات وبدء العمل على حل الدولتين، وهو الحل الوحيد الذي يعيد الحقوق الى اصحابها، فتنعم المنطقة بالسلام بعد عقود من الحروب المتلاحقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق