سياسة لبنانيةلبنانيات

تنافس بين الممانعة والمعارضة على كسب تأييد المترددين ويبقى الاساس مخالفة الدستور

النزوح السوري المتفلت والاقساط المدرسية الخيالية كابوس يدمر اللبنانيين

يسعى رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جمع اكبر عدد ممكن من النواب لتأييد مبادرته، التي تنص على البند الخلافي منذ بداية معركة رئاسة الجمهورية وهو الحوار، الذي حدده بسبعة ايام كحد اقصى، على ان ينتقل النواب الى جلسات متتالية حتى انتخاب رئيس. وقد استطاع ان يجذب عدداً من المترددين، فاعلنوا عن تأييد المبادرة شرط الا يكون الحوار مشروطاً ويقتصر على بند واحد انتخاب رئيس للجمهورية.
من جهتها المعارضة المتمثلة بحزبي القوات اللبنانية والكتائب وعدد من المستقلين وبعض التغييرين تعمل على اتباع الاصول الدستورية اي التوجه الى المجلس النيابي في دورات متلاحقة حتى الوصول الى الهدف. وهي لذلك تنشط ايضاً لجمع اكبر عدد ممكن من النواب حول موقفها. وتشرح المعارضة اسباب رفضها لمبادرة بري فتقول، ان هدفها هو عينه لم يتبدل، وهو الوصول الى منع فرض مرشح الممانعة الذي هو الهدف من الحوار خلافاً للدستور. وتضيف انه يمكن ان تحصل حوارات ثنائية متعددة اثناء جلسات الانتخاب، دون ان تكون مخالفة للدستور. فلماذا هذا الاصرار على الخروج عن الاصول. وابدت المعارضة عتباً شديداً على تقلب موقف البطريرك الراعي الذي ايد الدعوة الى الحوار على عكس ما كان يصرح به باللجوء الى الدستور والانتخاب.
وتردد ان الرئيس بري يؤجل الدعوة الى الحوار، الى الاسبوع الثالث من ايلول الجاري، ريثما يكون قد عاد الى لبنان الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لودريان وتبيان ما يحمله من جديد، ومدى توافقه مع مبادرة الرئيس بري. وحتى الساعة لا يزال الغموض يلف هذه العودة، وقد حدد لها موعدان 11 و17 ايلول الا ان شيئاً رسمياً لم يصدر بعد. حتى السفير الفرنسي الجديد لم يكشف اي معلومات عن زيارة لودريان وهو يقول ان زياراته للسياسيين هي للتعارف.
في هذا الوقت يعلق المراقبون اهمية على الزيارة التي تردد ان موفداً قطرياً سيقوم بها الى بيروت في وقت قريب، وقد يسبق جولة لودريان، وقد يكون حاملاً معه جديداً. فقطر دأبت منذ وقت طويل على العمل بجدية، وهي تحاول ان تمد يد المساعدة الفعالة لاخراج لبنان من ازمته. ان الحركة باتجاه الحل اللبناني كبيرة، ولكنها تبقى بلا نتيجة طالما ان الخلافات والانقسامات وتمسك الاطراف بمواقفها هي على حالها، ولا يبدو ان اي فريق مستعد لتقديم التنازلات. لذلك يبقى التشاؤم هو الغالب.
على الصعيد الرسمي تعقد حكومة تصريف الاعمال جلستين غداً الخميس الاولى قبل الظهر، وعلى جدول اعمالها بنود عادية، وجلسة ثانية بعد الظهر تخصص لمناقشة موازنة 2024، التي وصفت بانها موازنة ضرائب وليس غير ذلك، وسنعود اليها في حينه. هذا مع العلم ان النقاش لم ينته بعد من موازنة 2023 التي تميل السنة الى الافول والموازنة لم تقر بعد. وطالما ان هذه الموازنة والموازنة المقبلة لا تتضمنان اي بنود اصلاحية او انجازات، فان الهدف منهما جمع اكبر كمية ممكنة مما تبقى في جيوب الناس لتمويل الهدر والفساد. فالمنظومة التي اعتادت عبر السنين على سياسة افلست الخزينة وافقرت الشعب وجوعته، لا تزال تنتهج النهج عينه ولذلك فان اول ما يشغل هذه الحكومة، البحث عن ابواب جديدة لتمويل الانفاق المشبوه.
ويواجه البلد قضيتين ملحتين. الاولى النزوح السوري المتفلت الذي بات يحسب يومياً بالمئات، وكأن في الامر خطة او مؤامرة تستهدف البلد برمته. لقد استطاع الجيش بما يملك من امكانيات ضئيلة، ان يوقف الالاف ويعيدهم الى سوريا ولكنهم قد يعودون عبر المعابر غير الشرعية المتفلتة من اي رقابة. هذا فضلاً عن ان ضبط الحدود مع سوريا التي تمتد على طول 400 كلم تحتاج الى اكثر من 40 الف جندي، بينما المتوفر لا يتعدى الثمانية الاف. ومع ذلك يقوم الجيش بعمل جبار للحد من هذه الظاهرة المقلقة. اما الوزراء المعنيون فلا يزالون يتلهون بخلافاتهم.
القضية الثانية التي تنزل على رؤوس الاهل كالصاعقة هي التفلت في تحديد الاقساط المدرسية والنفقات المرتبطة بها من كتب وملابس خاصة بالمدارس وقرطاسيات وغيرها. فقد ارتفعت مئات المرات حتى بات الكثيرون عاجزين عن تغطية هذه المبالغ القاتلة التي تفرض بلا حساب، وبدون مراعاة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يمر بها اهل الطلاب. فالمدارس اصبحت شبيهة بالحكومة همها جمع المال، ولو على حساب معيشة الاهل وهذا ما دفع عدداً كبيراً من الطلاب الى ترك المدارس الخاصة الى المدارس الرسمية، التي لم يعد لديها القدرة على استيعاب هذه الاعداد الكبيرة. وتعمل وزارة التربية على معالجة الموضوع الذي اصبح اكبر من قدرة هذه الحكومة، التي تثبت يوماً بعد يوم انها ليست على مستوى هذه القضايا الكبيرة التي تتطلب كفاءات عالية لمواجهتها، فهل ان المدارس الخاصة تخلت عن رسالتها التربوية وتحولت الى تجارة تسعى وراء الربح؟ اين الحس بالمسؤولية والشعور مع المواطنين؟ واين الرسالة التي كانت المدارس في الزمن الماضي تحملها بامانة وتحرص عليها. لقد تغير كل شيء، الى الامام في دول العالم والى الوراء في لبنان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق