سياسة لبنانيةلبنانيات

القمة العربية اكدت على الموقف المعلن… الحل لبناني بدعم خارجي والا الانهيار التام

الذين انتظروا الحل لانتخابات رئيس للجمهورية يأتي عن طريق القمة العربية لم يكن لهم ما ارادوا، في الظاهر على الاقل. ما ورد في البيان الختامي الذي صدر عن القمة يؤكد ان لبنان لم يكن في اولوية القادة العرب، فحولوا اهتمامهم الى سوريا والى رئيسها بشار الاسد الذي عاد بعد اثنتي عشرة سنة، رغم معارضة ظاهرة ومعلنة من بعض الدول الاوروبية والولايات المتحدة وحتى من بعض الدول العربية. وكذلك حظي الملف السوداني بما يستحق من اهتمام. اما الملف اللبناني، فما ورد في البيان الختامي كرر الموقف المعلن لجميع اصدقاء لبنان، بدعوة المسؤولين الى انتخاب رئيس للجمهورية بعيداً عن الخلافات القائمة، وتشكيل حكومة فاعلة تتولى تنفيذ الاصلاحات المطلوبة. وبذلك اكدوا ان الحل يجب ان يكون لبنانياً ودور الدول الصديقة والشقيقة دعم اتفاقهم. وهكذا لم يعد امام المجلس النيابي سوى الالتئام وانتخاب رئيس، فالوضع لم يعد يحتمل ولا ساعة تأخير.
رئيس حكومة تصريف الاعمال، الذي مثل لبنان في القمة على رأس وفد وزاري موسع، دعا القادة العرب الى دعم حوار داخلي لبناني للوصول الى حل. هذه الدعوة تعني ان المجلس النيابي الذي فشل حتى الساعة في القيام بواجباته، قاصر عن القيام بالمهمة وان المسؤولين اللبنانيين، بحاجة الى من يمسك بايديهم، ويدلهم على مصلحة بلدهم وشعبهم اللذين دمرهما الانهيار الحاصل، بسبب سياسات فاشلة حكمت لبنان على مدى سنوات، الى ان اوصلته الى جهنم.
التحرك السياسي الوحيد المعلن في هذا الاتجاه، هو ما يقوم به نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، الذي اعلن امس الاول بعد لقائه الدكتور سمير جعجع قائد القوات اللبنانية، انه انهى المرحلة الثانية من تحركه، وانه لمس ايجابية يأمل ان تستمر وانه يسير في الطريق الصحيح. فعلى امل الا تطول المراحل لان الوضع لا يحتمل ترف المماطلة. وينتظر ان يعود الى لبنان السفير السعودي وليد البخاري ويستأنف اتصالاته بالقادة السياسيين الذين يسعى لحملهم على القيام بواجباتهم تجاه وطنهم. ويفيد بعض من راهنوا على القمة العربية، ان ما جرى من اتصالات وراء الكواليس بالنسبة الى لبنان قد يكون اهم مما ورد في البيان الختامي، وان بعض القادة العرب مهتمون بالوضع، وسيعملون على دفع اللبنانيين القاصرين عن القيام بواجباتهم الى الاتفاق. لذلك ينتظر ان تظهر مؤشرات ايجابية قريباً.
والقضية التي تشغل اللبنانيين ايضاً مذكرة التوقيف الصادرة عن القضاء الفرنسي، والبطاقة الحمراء التي اصدرها الانتربول بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والموقف الذي سيتخذه المعنيون اللبنانيون. وزير الداخلية بسام المولوي الذي تسلم البطاقة حولها الى مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات. وبانتظار اي قرار يبقى اللبنانيون منشغلين بهذه القضية الحساسة، لما لها من تداعيات على الوضع المالي، وعلى سعر صرف الدولار. غير ان سلامة اعلن انه باقٍ في منصبه ولن يستقيل الا اذا صدر حكم بحقه، وانه لن يسمح بان يعود الدولار الى التفلت على غرار ما جرى في الاسابيع الاخيرة قبل ان يستقر على ما دون المئة الف ليرة.
في هذا الوقت يستمر الانهيار الاقتصادي الى حدود غير مسبوقة، الاسعار تحلق، والقدرة الشرائية للمواطنين الى مزيد من الانهيار، والمسؤولون ماضون في فرض المزيد من الضرائب والرسوم. وتردد في الاونة الاخيرة ان شركة مياه بيروت بيروت وجبل لبنان سترفع الرسوم من اربعة ملايين الى عشرة ملايين دفعة واحدة، غير عابئة بالوضع الاقتصادي المدمر الذي يعاني منه المواطن. وهذا يدل على المسافة البعيدة التي تفصل المسؤولين عن المواطنين. فالمسؤولية تفرض اشخاصاً يتمتعون بالكفاءة والحس الوطني ومراعاة ظروف المواطنين، وهذا ما ليس متوفراً حالياً. ولذلك ارتفع عدد الفقراء والجياع في لبنان. كل هذه الزيادات والمياه مقطوعة في اغلب الاحيان والصهاريج تنشط والمواطن مرهق الى اقصى الحدود.
ان هذه الصورة السوداء التي تعكس الواقع الاليم الذي يمر به البلد، تفرض الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة فاعلة تكون على مستوى الاحداث، فتعود الادارات الى عملها الطبيعي بعد شلل عطل كل المصالح. فمن هي الجهة القادرة على انزال المتسلقين الشجرة عالياً الى ارض الواقع والتخلي عن هذا التصلب الذي لن يوصل الا الى مزيد من الانهيار؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق