سياسة لبنانيةلبنانيات

الشارع ملهتب والانترنت المقطوع يعزل لبنان والمسؤولون مضربون عن ايجاد الحلول

المجلس النيابي على موقفه والحكومة بين الاعتكاف والسياحة والمواطنون متروكون كلياً

بعد تعثر الحلول وغياب المعالجات، يشهد الشارع اليوم تحركات واسعة، دعا اليها العسكريون المتقاعدون. يتم التجمع عند الساعة العاشرة من قبل ظهر اليوم، ويشارك فيه عدد من النقابات والعمال باستثناء الاتحاد العمالي الذي يبدو انه مرتاح الى وضع العمال فهو يقف متفرجاً على المجزرة المعيشية التي يواجهها اللبنانيون مكتفياً بين شهر واخر بالادلاء بتصريح يذهب ادراج الرياح وبلا مفعول.
اما الحكومة المفترض فيها، حتى ولو كانت حكومة تصريف اعمال، البحث عن حلول لامتصاص النقمة وتوفير الحد الادنى من الحاجات الضرورية للمواطنين، فان رئيسها تذرع بالحملة التي تعرض لها قرار تأجيل التوقيت الصيفي، فاعتكف في اليوم الاول بعدما تراجع عن قراره الخاطىء، وفي اليوم الثاني التقى السفير السعودي وليد بخاري، ثم سافر الى السعودية لاداء مناسك العمرة، مصطحباً معه عائلته، وسيغيب يومين. وما الهم فالوضع في احسن الاحوال وكل شيء يسير حسب الاصول. هذا الانسحاب زاد الامور تدهوراً فالقطاع العام ماض في اضرابه الذي طال امده، بعيداً عن اي معالجات. فتعطلت قضايا الناس، الذين هم الضحية الدائمة لاي مشكلة تقع ويدفعون الثمن.
واخطر ما في التحركات العمالية اليوم هو اضراب موظفي اوجيرو، فبعدما عزل قرار بري – ميقاتي بتأجيل التوقيت الصيفي، لبنان عن العالم وعن التوقيت الدولي، جاء اضراب اوجيرو ليقطع الاتصالات الهاتفية والانترنت، حتى اصبح البلد في عزلة تامة. وعبثاً حاول وزير الاتصالات دفع المضربين للعودة عن الاضراب واستئناف العمل، الا ان مساعيه فشلت في تحقيق اي نتيجة. وقد انعكست هذه العزلة على الشركات التي تعطل عملها بسبب انقطاع الانترنت. لقد كان بالامكان تفادي كل ما يجري، لو ان المسؤولين حافظوا على حقوق الدولة ومنعوا الهدر والاعمال المشبوهة وامنوا حاجات الموظفين. فقد اعلنت احدى العاملات في اوجيرو ان هذه الاخيرة تبيع الشركات الخاصة الانترنت على سعر 3900 ليرة حتى الساعة، الا ان هذه الشركات تبيعه للمواطنين على سعر منصة بـ 90 الف ليرة، اليس من حساب؟ واين المسؤولون؟ ثم ان هدراً تحدثت عنه وسائل الاعلام كلها عن ضياع مليارات الدولارات في اوجيرو. فاين طارت، واين وصل التحقيق في هذه القضية ولماذا طوي الملف ولم يعد يسمع به احد؟ هذه الاسئلة بحاجة الى اجوبة فهل من مجيب؟
اما الوضع المعيشي الاجتماعي فقد تحدثنا عنه كثيراً، بلا نتيجة. فالاسعار ملتهبة، وتأمين الحاجات الضرورية للبقاء على قيد الحياة اصبح من الصعوبة بمكان، بحيث تعاني معظم الاسر من عجز عن اعالة اولادها.
ومن المخاطر التي برزت في الساعات الاخيرة فرض على كل مريض يحتاج الى غسيل الكلى، مبلغ 350 دولاراً اميركياً، ابتداء من اول نيسان المقبل. واذا لم يتم ايجاد حل له في غضون 24 ساعة فان حياة مئات المرضى مهددة بالموت المحتم.
كيف يقابل المسؤولون كل هذه المصائب. المجلس النيابي لا يزال مستنكفاً عن القيام بواجباته ويرفض انتخاب رئيس لتعود المؤسسات تعمل بصورة طبيعية. والحكومة تخلت عن ممارسة الحد الادنى من المسؤولية فاعتكف رئيسها، ثم سافر الى الخارج تاركاً كل هذه الازمات بلا علاج. يقابل هذا التقاعس تحرك دولي، رغم المشاكل الدولية التي تشغل الدول الكبرى، وتنشط الجهود السعودية – الفرنسية باتجاه ايجاد حل لهذه الازمات التي اصبحت مستعصية. فالسفير السعودي وليد بخاري التقى رئيس الحكومة قبل سفره وادلى بتصريح قال فيه ان الجهود مستمرة لدفع الزعماء السياسيين اللبنانيين الى انتخاب رئيس للجمهورية، ومن جهة ثانية تتحرك السفيرة الفرنسية آن غريو وقد التقت امس الرئيس تمام سلام للغاية عينها. الكل مهتمون رغم انشغالهم بقضايا دولية كبيرة وحدهم السياسيون اللبنانيون غير عابئين بما يجري وهمهم رعاية مصالحهم الخاصة. فهل ان «مرض» الاضراب وصل الى المسؤولين فاضربوا هم ايضاً. لا مجال للسؤال لان هؤلاء المسؤولين مضربون منذ سنوات طويلة، الا في الاهتمام بالمحافظة على مراكزهم ومكاسبهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق