سياسة لبنانيةعقارات

ما جرى في جلسة اللجان النيابية امس ينزع ورقة التين عن حكم المنظومة

ميقاتي عاد عن الخطأ فلماذا الاعتكاف وهناك امور ملحة تتطلب انعقاد مجلس الوزراء؟
في كل يوم ازمة، اما سياسية او اقتصادية او مالية، وليست من العيار الخفيف، بل انها في معظم الاحيان كارثية. فبعد ازمة التوقيت التي نجمت عن سياسة عشوائية متسرعة وخاطئة، وبعد تدخل من هنا وهناك وجد الحل لها، لتشتعل ازمة اخرى اشد من الاولى وادهى وتهدد بفتنة. وهذا كله نتيجة سياسات تتبعها المنظومة، وهي التي قادت البلاد الى الخراب ويبدو انها لن تتوقف حتى الوصول الى الارتطام الكبير.
امس عقدت اللجان النيابية اجتماعاً وعلى جدول اعمالها بنود عدة، لعل ابرزها تمويل اجراء الانتخابات البلدية. ويقول عدد من النواب ان الاجواء بدت متوترة منذ اللحظة الاولى. ولدى البحث في مشروع قرار قدمه النائب علي حسن خليل بنقل مبلغ من المال لتمويل اجراء هذه الانتخابات، حصل اعتراض من بعض النواب الذين يرفضون التشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية، لان المجلس النيابي في حالته الحاضرة هو هيئة انتخابية. وهنا حصل هرج ومرج وكان كلام لا يليق بممثلي الشعب، صدر عن النائب غازي زعيتر ضد النائب ملحم خلف. وتدخلت النائبة بولا يعقوبيان فنالت نصيبها من النائب زعيتر، ثم كان تلاسن بين رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل والنائب علي حسن خليل، صدر عنه كلام مهين جداً من الاخير بحق الجميل وقال له «انت مجرم ابن مجرم وعيلتك كلها مجرمين». وانفضت الجلسة دون اقرار اي بند من بنودها. وعقد النائب الجميل مؤتمراً صحافياً رفض فيه الافصاح عن كلام الخليل، وقال ان كل شيء مسجل، وانه يضع القضية في عهدة رئيس المجلس، وهو ينتظر موقفه في معالجة القضية، طالباً اليه الاستماع الى التسجيلات. وعلى الفور اخبر نائب رئيس المجلس الياس بوصعب الرئيس بري بما جرى فما كان منه الا ان اتصل بالنائب الجميل، مؤكداً انه سيعالج الامر. ثم اوفد اليه بوصعب للاتفاق معه على الحل. وبعد ذلك اتصل النائب علي حسن الخليل برئيس حزب الكتائب معتذراً عما صدر عنه من كلام غير لائق، مؤكداً انه يحترم الشيخ سامي الجميل وعائلته وحزب الكتائب. وهذه عينة من الطريقة التي يدار بها البلد. ولذلك يجب الا نسأل لماذا وصلنا الى هذه الحالة الكارثية.
في هذا الوقت كان رئيس حكومة تصريف الاعمال يغيب عن اي نشاط سياسي او اطلالة، ولم يعقد اي اجتماع، حتى انه لم يأت الى السرايا. وهنا كثرت التكهنات. البعض قال انه اعتكف ولن يمارس اي نشاط بعد اليوم. والبعض الاخر يقول انه يراجع كل ما جرى وتداعياته وبعد ذلك يتخذ القرار المناسب.
في هذه الاجواء والتي تتكرر باستمرار، كيف يمكن للدول الصديقة ان تمد يد المساعدة، وهي ترى ان اهل البلد غير مبالين باي حلول، وغير مستعدين للتنازل عن مواقفهم. فالسعي الدؤوب وراء مصالحهم الخاصة هو الاهم بالنسبة الى هذه المنظومة، ومن بعدها الطوفان. اما كان من الافضل للرئيس ميقاتي وبدل هذا الاعتكاف سواء كان مؤقتاً او نهائياً. ان يأخذ الامور بمسؤولية اكبر ويتجاوز ما حصل، خصوصاً وانه هو الذي اخطأ باتخاذ قرار تأجيل التوقيت، وحسناً فعل انه عاد واتخذ قراراً جريئاً بالغاء قراره الاول، وكان عليه ان يكمل خطوته ويعقد جلسة لمجلس الوزراء، الحاجة اكثر من ملحة اليها. فهي تتعلق بالوضع المعيشي الكارثي الذي اذا استمر اكثر من دون معالجة، فأنه سيفجر الشارع كله، ويصبح من الصعب ضبط الوضع. ان الاضرابات تعم البلد بدءاً من موظفي القطاع العام، وكانوا على موعد مع قرارات تصدر عن مجلس الوزراء الذي كان قد دعي الى الاجتماع يوم الاثنين الماضي، الا ان الرئيس ميقاتي الغى الجلسة. وهناك اضراب موظفي اوجيرو وهو يهدد بعزل لبنان عن العالم. فالاعطال تتكاثر والاتصالات تنقطع والموظفون مصرون على متابعة الاضراب حتى نيل المطالب.
التحركات الشعبية بدأت ولو خجولة في عدد من المناطق اللبنانية. ولكن عندما يشتد العوز ستتوسع اكثر وتتفلت من قيودها وتصبح القوى الامنية في وضع يصعب عليها معه ضبط الامور. فمتى يستفيق المسؤولون، ومتى يدركون ان الاولوية هي لحياة الانسان التي باتت مهددة في ظل قطاع صحي منهار، اصبح من الصعب واحياناً المستحيل دخول مستشفى او اجراء فحص في احد المختبرات، خصوصاً وان بعض شركات التأمين ورغم انها قبضت بدل تأمينها الخدمات بالدولار الفريش، يضطر المريض الى دفع مبالغ اضافية لا حق للمختبر بها. هذا فضلاً عن تفاوت الاسعار بين مختبر واخر.
عودوا الى الصواب واستمعوا الى صوت الضمير ان كان لا يزال يعمل، وقوموا بواجباتكم تجاه هذا الشعب المقهور والجائع قبل فوات الاوان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق